موقع الفكر: ما تقويمكم لواقع التعليم؟
المفتش محمد الأمين بن النن : بسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله وسلم على نبيه الكريم، التعليم اليوم حسب رأيي في وضعية كارثية ومن أسباب هذه الوضعية الكارثية جملة من العوامل ألقت بظلالها على الحياة الثقافية والتربوية بصفة عامة:
أولا: عدم الاهتمام بتوفير الحياة الكريمة للمدرس، معلما أو مفتشا أو أستاذا ليجد نفسه في وضعية لا تسمح له أن يوجه اهتماماته لخدمة العملية التربوية .
ويوجه اهتماماته كاملة لمعالجة وضعية المتعلمين، أويوجهها لمعالجة الأوضاع الإجتماعية والتربوية والثقافية للبلد، أويوجهها للنهوض بالبلد على جميع الأصعدة ويكون عارفا أن الدرس الذي سيقدم مصنع للمجتمع، وهو خارطة المستقيل.
المدرس يجب أن يكون محاطا بظروف تحفظ كرامته فيكون مرتاحا ومطمئنا وأن توفر له حياة كريمة لكي لا يغرق في مشاكل حياته الخاصة، وينشغل عن العملية التر بوية كما هو الواقع في البلد منذ الاستقلال إلى الآن.فهذا عامل له انعكاسه على جميع الحياة ..
هناك عامل آخر لايقل أهمية بل أهم وهو أن الدولة منذ الاسقلال ماستطاعت أن تحسم خيار الهوية الثقافية للبلد وبالتالي لم تحسم الموضوع فبقيت الخلافات والتجاذبات متواصلة .يستغلها المستخدمون من الشرائح الموريتانية سواء من الزنوج أوالبيظان فهم معبئون ومجندون كلما تكلم أحد أوطالب أي مدرس أو نقابة أو سياسي بتثمين أو بترسيم اللغة العربية أو النهوض بها كلما ثارت ثائرة هؤلاء وأحدثوا ضجة وقامت القيامة وطرحت قضايا سياسية أخرى وحملت الأمور بمحتويات سياسية وصراعات اليمين واليسار وصراع الحضارات وصراع العالم الثالث والمستعمرين وصراع الطبقات وصراعات الأجيال وصراع اللغات. ومازلنا نراوح مكاننا من الاستقلال الى الآن . فإذا لم يحسم خيار الهوية ويتم ترسيم اللغة العربية، و إذا لم يحسم هذا الخيار على مستوى الخطاب الرسمي وعلى مستوى الإدارة ويتم تدريس المواد العلمية في المنظومة التربوية باللغة العربية مع القيام بأنشطة تكرس الدعم وتشجع تثمين اللغة العربية وترسيمها ونقلها من مطلب شرعي الى واقع نعتز به ونفتخر ونضحي من أجله إذا لم يسحم هذا الخيار فلن تقوم للتعليم قائمة وسيظل يراوح مكانه،والمدرس يعيش في ظروف صعبة.
أنا واكبت مسيرة التعليم وكنت في نقابة عمال التعليم الممثلة في الاتحادات الدولية للتعليم، مثل اتحاد المعلمين العرب وكنت من بين المشاركين في مؤتمر اتحاد المعلمين العرب2020 . وبالتالي أواكب هذه الأمور فدعني أقول لك أن هذه النظرة المتردية للغة العربية مؤسفة، فنحن نرى اللغة العربية ينظر إليها باستهزاء وفي وضعية اتهام وتعصب ضدها، رغم أنها هي لغة ديننا وهي العامل الموحد لهذا المجتمع وبالتالي مادام البعض ينظر لها هذه النظرة، ولم يحسم الخيار الثقافي تربويا ولالغويا سنبقى في هذه الدوامة ولن ينهض تعليمنا ولن تتقدم الأمة ولن تتحقق الاستراتيجية الثقافية، وستقل ابتكاراتنا واابداعاتنا مالم نقدر لغتنا.