موقع الفكر: ما تقويمكم لواقع التعليم في موريتانيا؟
د. محمد الأمين بن الداه : هذا سؤال كبير جدا ويحتاج إلى حلقات وحلقات وواقع التعليم بشكل مختصر سيء إلى أبعد الحدود منذ نشأته إلى اليوم، وتعتريه فترات ينخفض فيها مستواه وأخرى يرتفع فيها وأغلب حالاته الانخفاض.
وأرجع أسباب فساد التعليم أو التشوه الخلقي الذي يعاني منه القيمين عليه، فليست لهم خطة أو منهج يسيرون عليه ويكفيك أن وزارة التعليم الأساسي تغير اسمها منذ الاستقلال إلى الآن أكثر من ثمانين مرة. فتارة تسمى التربية والتعليم وتارة تسمى وزارة التعليم الأساسي، ومنذ شهر كانت وزارة مندمجة وأصحبت وزارة مفككة وهو ما يجعلها تدخل في حلقة مفرغة وهكذا دواليك. وهذا نتيجة لغياب خطة ومنهجية للتعليم وهذا يدل على فشل التعليم ويدل كذلك على أن الأشخاص الذين يتولونه إما أنهم ليسوا خبراء في التعليم أو ليسوا وطنيين أو لا يريدون إصلاح التعليم هذا بالنسبة للتعليم الأساسي.
وتحدثت عن التعليم الأساسي لأنه المدخلات التي تنجز منها مخرجات التعليم العالي فإذا فسدت المدخلات فلا يمكن إصلاح المخرجات أما إذا كانت المدخلات صحيحة فمهما بلغت المخرجات فيمكن أن يصلح منها شيء، والمدخلات فاسدة بدء من الروضة التي ليست موجودة في موريتانيا، وموريتانيا الدولة الوحيدة التي يوجد فيها تعليم ابتدائي خصوصي تمتلكه دول أجنبية وهذه مفارقة غريبة جدا في مجال التربية، دولة تتنازل عن تكوين نشئها وتلقينه ما يربطه بوطنه.
فمن أسباب فشل التعليم أولا أنه كلما أتى وزير ألغى عمل سلفه ثم ما يلبث أن يحل محله وزير آخر فيقوم بنفس الشيء.. كلما دخلت أمة لعنت أختها.
و ثاني أسباب فشل التعليم لغة التدريس ويقال إن الدولة التي لا تدرس أبناءها بلغتهم الأم لا يمكن أن يكونوا نابغين، وهذا صحيح ولكن الدولة التي يمكنها أن تفعل ذلك هي الدولة التي تمتلك قوتها وتصدر أكثر مما تستورد وتنتج أكثر مما تستهلك وقرارها السياسي والثقافي يدعمه اقتصادها، بينما موريتانيا لا يدخل اقتصادها ضمن الدورة الاقتصادية العامة وبالتالي لا يمكن أن يستقيم تعليمها ولذلك لا بد من التدريس بلغة تأتي منها البحوث العلمية وتأتي منها المناهج ولكن دون نسيان اللغة الأم فيجب أن يركز عليها وتكون موجودة في الإدارة وشتان ما بين الإدارة والتعليم.
فالتعليم طويل وعريض ويبنى عليه مستقبل الدولة والأجيال وهو ما يحصن الشعب من الانحراف ومن تزوير الشهادات.
والمسألة الثالثة كما أعتقد هي الإصلاحات التي قيم بها في فترات متلاحقة ويتصور البعض أنها إصلاحات وهي في حقيقتها إفساد للتعليم أكثر من كونها إصلاحا له.