الوزير أعل ولد أحمدو يتحدث لموقع الفكر عن تجربته في وزارة المياه

موقع الفكر: كيف تم تعيينكم على وزارة المياه؟

الوزير أعل ولد أحمدو: استدعاني الوزير الأول سيدي محمد ولد بوبكر وأخبرني أنه تم تكليفي بوزارة المياه، وهي وزارة مقتطعة من وزارة كبيرة تسمي وزارة المياه والطاقة والتنمية الريفية، نظرا لإعادة هيكلة الوزارات ولم يكن هناك صرف صحي وعملت بالوزارة طيلة 18 شهرا وكان العمل الحكومي آنذاك عملا جماعيا والهدف منه إجراء انتخابات شفافة، وكانت الموارد شحيحة، ففي تلك الفترة توقفت تمويلات البنك الدولي نظرا لمشكلة الأرقام غير الدقيقة التي أثيرت قبل ذلك وبدأت الحكومة تعالج تلك الاختلالات، وبعد فترة من إعادة تنظيم وهيكلة الوزارة بدأنا نعمل على أولويات الوزارة حسب البرامج المعدة آنذاك والهدف الأساسي من وجود الوزارة هو توفير الماء الصالح للشرب للمواطنين وللحياة الاقتصادية كلها كالصناعات وغيرها، وفي هذه الفترة كان الأساس من عمل الوزارة هو تذليل العقبات أمام البرنامج الكبير الذي كان يسعى إلى تزويد مدينة نواكشوط بالماء وهو برنامج "آفطوط الساحلي" لأن سكان نواكشوط يبلغون حوالي مليون ساكن وهو ما يمثل ربع السكان، وبالتالي بذلنا جهودا مضنية في هذا المضمار، وأعتقد أننا أنجزنا في نهاية المرحلة جميع الصفقات المتعلقة بالمشروع. لكن المشكلة كانت في التمويل فهناك تمويل من الصندوق العربي للإنماء الاجتماعي والصندوق السعودي والصندوق الكويتي لكن عندما عرضت كل شركة المبالغ التي يمكن أن تنجز بها الجزء الخاص بها من المشروع وجدنا أن إجمالي المبالغ أكبر بكثير من مبلغ القرض الأولي.

وكان الصندوق العربي للإنماء الاقتصادي والاجتماعي سخيا مع موريتانيا في بذل المبالغ المطلوبة وحتى إنه ساعد في جذب الآخرين للمساعدة في توفير المبالغ المطلوبة. وأصبحت الشركات جاهزة للعمل.  وساهم نفس الصندوق بشكل كبير في تمويل مشروع آخر متعلق بالمشروع الأول هو تمويل إعادة بناء شبكة مياه نواكشوط لأنه تبين أن المياه المزمع ضخها من النهر لا يمكن للشبكة القديمة تحملها نظرا للتهالك والقدم؛ ولأن أقصى ما كانت توصله شبكة إديني هو 50 ألف مترمكعب يوميا، في حين أن هذا البرنامج سيضخ على الأقل ما بين 120 ألف متر مكعب إلى 130 ألف متر مكعب يوما، وتفهم الشركاء هذا الموضوع وبدأوا في المساهمة في التمويل كما أسلفت آنفا.

كما استكملنا في تلك الفترة بعض الدراسات الضرورية المتعلقة بخريطة موريتانيا المائية، وكما قلت سابقا اتخذ قرار فيما يتعلق بمياه بحيرة "اظهر" بعد التأكد من أنه يمكن جلب الماء منها، وطلب مني رئيس الدولة السابق أعل ولد محمد فال الإعلان عن اتخاذ قرار بتزويد بعض المدن بمياه اظهر دون ذكر لأسماء محددة.

وهناك مشاريع لم يتم تنفيذها وهي دراسات متعلقة بتحلية المياه وهو مشروع كبير وطموح في إطار الأمن المائي، فمدينة نواكشوط والمدن الموجودة على شاطئ الأطلسي من الضروري أن توجد بها محطات للتحلية وذلك لاستخدامها عند الحاجة وفي تلك الفترة عقدنا عدة اجتماعات بالقصر الرئاسي حول هذا الموضوع، وطلب من وزارة المياه  العمل على كيفية إنشاء مشروع كهذا ووجدنا شركاء أجانب مستعدين لاستجلاب التجهيزات المطلوبة في فترة معقولة لكنهم طلبوا أن يتولوا التحصيل من المواطنين على مدى ثلاثين سنة و لكن نظرا لطول أمد الالتزام لم يكن من اللائق أن تأخذ حكومة انتقالية مثل هذا الالتزام فاستبعد المشروع. ومن المشاريع كذلك التي تم تقديمها في زيارة قام بها الرئيس آنذاك إلى الصين مشروع الصرف الصحي ولكن لم يكتب لهذا المشروع أن يجد تمويلا، وأرى أنه يمكن أن ينفذ هذا المشروع، وأن يتم تقديمه لبعض الممولين، فمدينة مثل نواكشوط لا يمكن تركها بدون صرف صحي تسبح على بحيرة من الفضلات والمياه المضرة بالصحة، ومن الغريب أننا نسكت على هذه الوضعية، حيث نعيش فوق هذه البحيرة الكارثية.

وقد واصلت الوزارة عملها التقليدي في تموين القرى بالمياه وصيانة ما هو موجود من الشبكات القديمة وإنشاء شبكات جديدة عن طريق المؤسسات التابعة للوزارة، وأنشأت في تلك الفترة عشرات شبكات المياه.

وأحدثت نوعا من خصخصة تسيير الشبكات حيث يصبح المسيرون المحليون شبه مؤسسات صغيرة خاصة يتقاضون من رواتبهم من المياه الموفرة من قبل الدولة وبعض الشركاء، وتحديد أسعار المياه في كل منطقة حسب أسعار المدخلات الأساسية كالبنزين والزيوت والصيانة الضرورية وغيرها من الخدمات، وهذا ما وفر المياه في عشرات القرى النائية في إطار مشروع "آنيبا".

وبالمناسبة من أكبر العقد التي واجهتها الوزارة هي المؤسسات التي تعمل باستقلالية وعدم التنسيق مع الوزارة كوكالة النفاذ الشامل ومكافحة الفقر و بعض المنظمات غير الحكومية. حتى أن بعض هذه المنظمات كان يقوم بإنشاء شبكات دون علم الوزارة الوصية وهذا من التحديات الأساسية التي كنا نواجهها في تلك الفترة.