
موقع الفكر : ما حجم الأراضي الصالحة للزراعة في موريتانيا؟
المهندس شيخنا بن البشير : بالنسبة للأرض الصالحة للزراعة لدينا 150 ألف هكتار في منطقة الضفة، أما بالنسبة للزراعة المطرية فلدينا حدود 200 ألف هكتار، والمستغل في الوقت الحالي من الضفة في حدود 20 إلى 25 % وما تزال لدينا فرص للتوسع أما بالنسبة للزراعة المطرية فإذا لم يجر تحسين للمدخلات على مستوى البذور المحسنة ودعمها بالري التكميلي ودعهما بآليات زراعية فسيظل العائد المتوقع منها قليل جدا وبالتالي ينبغي التركيز على دعم هذه الزراعة والتركيز عليها من أجل إلحاقها بعائد مقبول يسمح باستمراريتها وعدم تراجعها لصالح قطاعات أخرى.
موقع الفكر: ما التحسينات التي تطالبون بإدخالها بالنسبة للبذور؟
المهندس شيخنا بن البشير: في العادة يستخدم المزارعون بذورا من محاصيلهم التي حصدوا ويتركونها بذورا للعام الحالي، والبذور التي ينبغي أن تستخدم هي بذور معتمدة من قبل أحد مراكز البحوث الزراعية أو مراكز إكثار البذور وهذه المراكز تعطي في العادة الجيل الأول والجيل الثاني وبذور القاعدة وهي بذور تضمن إعطاء إنتاجية كبيرة فمثلا عندما نستخدم البذور التقليدية في زراعة الذرة نحصل على طن للهكتار الواحد أما عندما نستخدم البذور المحسنة فنحصل على ثلاثة أو أربعة أطنان للهكتار الواحد وهذا فارق كبير.
والري التكميلي أثبتت الدراسات أنه يزيد الإنتاجية بنسبة 20% وطريقته بسيطة وهي عمل أحواض بجانب المزارع وتوضع عليها مضخات تقليدية بحيث تروى ريا تكميليا في فترة الإزهار وهذه الطريقة معتمدة في النيجر وتشاد المجاورتين.
وبالنسبة للآليات الزراعية ، فالحراثة التقليدية تنهك المزارعين وتسبب لهم أضرارا جسمية كبيرة بينما يمكن للمندوبيات الجهوية اقتناء بعض الآليات للقيام بعملية الحراثة وهي لا تكلف شيئا كما أنها توفر الوقت.
وبالنسبة لعملية الإرشاد الزراعي فيجب على المندوبيات الزراعية أن توجد مرشدين زراعيين يعملون على بدء الحملة الزراعية في وقتها وانتهائها في وقتها وضمان سير الأمور حسب سير الورقة الفنية المعتمدة لكل محصول.
موقع الفكر: هل تقصدون عملية البذر الجوية؟
المهندس شيخنا بن البشير : البذر يستخدم عادة في الغابات وفي المحاصيل الحرجية أما بالنسبة لمحاصيل الحبوب فلدينا بذارات تركب على الجرارات وهي عبارة عن آلة تركب على جرار وهي عملية سهلة ويقوم الجرار بالبذر على خطوط وهي عملية تسهل العمليات الزراعية الأخرى من تعشيب وتسميد إلى آخره.
موقع الفكر: هل ترون أن هناك سياسة واضحة في تسويق المنتوجات الزراعية؟
المهندس شيخنا بن البشير: تسويق المنتجات الزراعية خاصة بالنسبة للزراعة المروية مر بمرحلتين كانت الدولة تشتري المنتج وتوقفت هذه المرحلة سنة 2015 أو 2016 وكانت تواجه مشكل الجودة فالمزارعون يوردون للدولة محاصيل غير مطابقة للمعايير خاصة في الأرز مما يؤدي إلى تعفن المحاصيل في المخازن، وبالتالي كانت الشركة المسؤولة عن شراء هذه المحاصيل تتعرض للخسائر ولذلك عدلت عن شراء المحاصيل وأصبحت مصانع تقشير الأرز هي من يشتريها من المزارعين وضمنت جودة أكبر ولكن المزارعين أصبحوا تحت رحمة أصحاب المصانع الذين يحددون الأسعار حسب قانون العرض والطلب بل أصبح صغار المزارعين يعملون لصالح أصحاب بعض المصانع وهو ما يضطرهم للبيع بالسعر الذي يعرضه المصنع ، وهذه إشكالية أخرى يعاني منها التسويق.
بالنسبة للزراعة المطرية كمية الإنتاج ليست كبيرة بالشكل الذي يطرح إشكالية في التسويق فمعظمها يذهب للاستهلاك المنزلي للأسرة وما بقي من المنتج تستوعبه الأسواق المحلية بسرعة مقارنة بمحصول الأرز الذي يحصد بكم وفير في وقت وجيز وبالتالي يشكل ضغطا على السوق، وعموما يتراوح سعر الطن الخام من الأرز الجيد في العشر سنوات الأخيرة من 80 ألف أوقية إلى 90 ألف أوقية قديمة وفي أيامنا الحالية تراوح من 110 ألف إلى 120 ألف أوقية قديمة.
موقع الفكر: عانت الزراعة من سوء الحكامة فبعض الأراضي المستصلحة لا تنجح وبعض المزارع لا تعطي النتائج المرجوة منها، هل يمكن أن تعطونا أمثلة على هذا؟
المهندس شيخنا بن البشير : أكبر الاختلالات التي تواجه الزراعة في موريتانيا هي غياب سياسة زراعية رشيدة وخطة زراعية تنموية واضحة الملامح. فالخطط الزراعية يجب أن تكون خططا خمسية أو عشرية مستمرة ومهما تغير المسؤول عن القطاع يظل القطاع مستمرا في الخطة لتقويمها وإعطاء النتائج ولكن إشكاليتنا في موريتانيا اضطراب سياسات القطاع الزراعي والتغير الفجائي والمستمر في توجه القطاع و وعليه فإن هذا يؤدي إلى غياب سياسة زراعية محكمة وهو ما يؤدي إلى عملية لا أقول إنها فوضية ولكنها تمثل شبه عدم انتظام في القطاع.
والمشاريع الزراعية واجهتها إشكاليتان.
وهناك نوعان من المشاريع الزراعية نوع يتبع لوزارة التنمية الريفية وعددها عشر ة مشاريع وهي ممولة بهبات أو قروض من طرف المانحين الدوليين ونقول للأسف إن لديها سيارات رباعية الدفع ومكاتب في نواكشوط وفي الداخل لا نشاهد شيئا وبالتالي لا أقول إنها مشاريع على الورق ولكن تأثيرها محدود مقارنة بميزانياتها الضخمة .
فوزارة التنمية الريفية كما قلت سابقا تتبع لها عشر مشاريع وقليل منها من لديه تأثير ملموس في الداخل ويجب التنبه لهذا وأعتقد أن الدولة انتبهت لهذا أخيرا عن طريق لقاء وزير الزراعة مع منسقي هذه المشاريع ولقاء الوزير الأول مع منسقي هذه المشاريع كي تتبع للوزارة لأن الوزارة كانت تعمل خطة والمشروع يعمل خطة حسب ما يريد الممول وبالتالي كانت الوزارة في واد والمشاريع في واد وهذا خطير جدا لأن الدولة تتحمل ديونا بدون أثر على المواطن.
والنوع الثاني من المشاريع هي المشاريع التي تمولها الوزارة في الداخل ومعظمها مشاريع استصلاح وتعاني من إشكاليتين أولاهما غياب الخبرة الفنية لدى شركات الاستصلاح المحلية وبالتالي نلجأ إلى شركات الاستصلاح الأجنبية مع أنها غالية التكلفة مقارنة بالشركات المحلية.
فشركات الاستصلاح المحلية تقدم تكلفة المشروع بسعر أقل لكن عند استلام المشروع يعاني من بعض الاختلالات وهذه المشكلة عانت منها الكثير من المشاريع في الفترة الأخيرة، وأعتقد أن الوزارة في هذه الفترة قامت بإعادة تقييم لهذه المشاريع وتحتاج بالفعل إلى إعادة النظر في مجملها.
موقع الفكر : هناك مشروعان دشنهما الرئيس السابق في "كيك" وشيشي ما تعليقكم على طريقة استصلاحهما بطريقة شفافة؟
المهندس شيخنا بن البشير: بالنسبة لمشروع الكيك الذي دشنه الرئيس السابق محمد بن عبد العزيز كنت موجودا في تلك المنطقة عانى من بعض الإشكالات في توفير الماء والشركة التي قامت باستصلاحه لم تدرس معضل توصيل المياه وأعتقد أنه أسند إلى الجيش الوطني من أجل توصيل المياه وحدث فيه تأخر مدة ثلاثة أو أربع سنوات، وعملية التوزيع كانت على السكان المحليين ليستفيدوا منه لكن أعتقد أن المشروع لديه إشكالية فنية رغم أن الشركة الأجنبية حاولت أن تقدم خبرة فنية أكبر في مقابل الشركات المحلية لكن لديه إشكاليات في عملية الري.
بالنسبة لمشروع الشيشية فقد دشن منذ أسبوعين ولا يمكن تقويم هذه المشاريع إلا بعد مرور حملتين زراعيتين في الصيف والخريف فعندما نشاهد قنوات ري تعمل بشكل منتظم وقنوات صرف تعمل بشكل منتظم وعدم انتشار للأعشاب الضارة واستواء للقطع الأرضية نقول حينها بأن المشروع أنجز كما ينبغي، وعندما نشاهد اختلالا في نظام الصرف يؤدي إلى انتشار الأعشاب الضارة وعدم الانتظام في القطع نقول إن المشروع لديه اختلالات كبيرة وبالتالي الوقت وحده كفيل بالحكم على هذه المشاريع عندما تبدأ عمليات البذر فيها.














