في تونس.. لا توجد أدوية مزورة، بل كلها أصلية 100%. بعضها؛ صناعة تونسية خالصة تراعي جميع المعايير العالمية، وبعضها مستورد من الخارج، وتتم مراقبتها بشكل شبه يومي في المخابر قبل نقلها وتوزيعها على المستودعات والصيدليات.
في تونس.. لا تباع علب الأدوية خاوية، لا في الصيدليات ولا في المصانع المنتجة.
إذن ماذا يحصل بالضبط، وما هو تفسير حادثة الدكتورة منت حيدي؟
ما يقوم به بعض الشباب الموريتاني (من الجالية تحديدا وليس من الطلاب) هو عملية تهريب للأدوية من تونس إلى موريتانيا، ولكي تتم هذه العملية بنجاح لابد من التحايل على السلطات التونسية التي تمنع تصدير الأدوية بهذه الطريقة الفوضوية؛ فيلجأ المصدرون (التيفايه) إلى تفريغ العلب من الأدوية لكي يتم إرسالها -عبر استجداء المسافرين- منفصلة إلى نواكشوط، ثم يتم جمعها لاحقا وشحنها من جديد في العلب بعد ان يضمن أصحابها وصولها.
إذن؛
1_العملية ليست تزويرا كما قالت منت حيدي لكنها تهريب مخالف لقانون البلدين.
2_العملية لا تشكل خطرا على حياة المواطنين، لكنها فوضى تضر بسمعة البلدين.
3_العملية يشارك فيها غالبية أفراد الجالية من الشباب خاصة، ودائما ما تسقطها سلطات البلدين دون أن تلجأ اي منهما إلى عقوبات رادعة؛ مما يشي بشيء من التسامح والتعاطف مع هؤلاء.
الأدوية المزورة موجودة في موريتانيا، لكن مصدرها ليس تونس ولا المغرب ولا الجزائر، بل من الهند والصين وبعض دول غرب افريقيا، وموردوها لا يحتاجون إلى العلب من تونس، لأن من زوّر الدواء لن يعجزه تزوير علبة كرتونية يضعه فيها.
كنت دائما، أفكر في الكتابة عن هؤلاء، لكني آثرت الصمت بعد إدراكي أن ما يقومون به لا يشكل خطرا على سلامة الناس، ولا تهديدا لاقتصاد الدولتين، وفي نفس الوقت يوفر؛ فرص عمل لشباب يطارده شبح البطالة أينما حل وارتحل، وحبة دواء صالحة لمريض لا تنتج دولته أي شيء.