لم تكن الزراعة المروية معروفة لدى الموريتانيين القدماء، لكن تقلب الحياة والتغيرات المناخية، وتغير العادات الغذائية للمجتمع فرضت نمطا غذائيا جديدا يعتمد بالأساس على محاصيل هذه الزراعة؛ لذا بدأ الاهتمام بزراعة الأرز يتنامى لدى المواطنين، وأولت الدولة أهمية لهذا القطاع متطلعة لتحقيق الاكتفاء الذاتي أو المساهمة على الأقل في ما تحتاجه البلاد من هذه المادة الهامة.
فما هي أهم المشاكل المطروحة لهذا القطاع وما هي الحلول المقترحة لتلك المشاكل؟
لقد قدمت الحكومات دعما سخيا للزاراعة خلال العقود الماضية، إلا أن هذا الدعم ذهب سدى لعدم متابعته والإشراف على ضخه في القطاع، حيث استغل بعض المزاعين "الوهميين" تلك الثغرة للاستحواذ على المال دون تقديم أي خدمة لتطوير القطاع الزراعي، إلا أن العقد الأخير يعتبر وبحق بداية انتعاش الزراعة وخروجها من الموت السريري الذي ظلت تعيشه لعقود؛ حيث ازدهرت كما وكيفا، إذ تحسنت نوعية الأرز الموريتاني وبشكل ملحوظ، وأصبحت له مكانة مرموقة في الوجبات اليومية للمجتمع الموريتاني بشكل عام، بعد أن كان استهلاكه مقتصرا على الفئات الهشة ذات الدخل المحدود -أساسا-.
إن النقلة النوعية التي شهدها القطاع مؤخرا وما حظي به من اهتمام من قبل المواطنين ورجال الأعمال لا يعني بالضرورة عدم وجود مشاكل بنيوية، ومعوقات شبه مزمنة لا زالت تشكل عائقا كبيرا دون تحقيق الآمال المرجوة منه، ومن أبرز تلك المعوقات:
- ضعف التسوية: وذلك حاصل على سبيل المثال لا الحصر في مزرعة أمبورية النموذجية التي يفترض فيها أن تكون مثالا يحتذى به في هذا الميدان، ولضعف التسوية انعكاسات سلبية عدة منها صعوبة الري ورداءته ونفس الشيء يقع مع الصرف.
- انتشار بعض الأعشاب الضارة خصوصا في امبورية القديمة.
-كما يعاني المزارعون في بعض المناطق الأخرى من قلة الماء الشيء الذي يسبب أحيانا خسارة فادحة.
ورغم كل ما ذكرنا فإن المشاكل المطروحة للمزارعين والزراعة لم تنته بعد، فمنها أيضا قلة الجرارات والحاصدات وشبه انعدام البذور المحسنة، هذا فضلا عن تزوير الأسمدة أحيانا واجتياح الآفات الزراعية للمزارع أحايين أخرى.
وسبيلا لمواجهة تلك المشاكل ومشاكل أخرى لم يتم ذكرها، فإنه من الضروري وبشكل جدي السعي للنهوض بالقطاع، ومن أجل تحقيق ذلك الهدف فمن الضروري أن يسند القطاع لأهله وأن يوضع الرجل المناسب في المكان المناسب، حينها سيتم تشخيص المشاكل تشخيصا علميا واستنادا على دراسة فنية لتكون الحلول المطروحة مجدية.
إنه من المؤسف حقا أن تكون دولة عمرها 60 سنة، ولا زالت تعتمد في غذائها على الاستيراد من خارج حدودها.
إنما يشهده العالم من تغيرات مناخية ونمو ديمغرافي يثبت يوما بعد يوم حتمية الاعتماد على النفس في توفير الغذاء، كما أن جائحة كوفيد وأزمة الكركرات أثبتت ذلك وبوضوح.