قدم صندوق النقد الدولي مؤخرا معلومات عن الاقتصاد الموريتاني تضمنت أرقاما مختلفة حول مستوى التضخم وعجز الميزانية والاحتياطي من العملات الصعبة، فضلا عن آفاق الاقتصاد الوطني.
وبشر الصندوق بآفاق جيدة في الاقتصاد الذي ما فتئ القائمون عليه يؤكدون أنه لم يتعاف بعد من مخلفات جائحة كورنا وآثارها المدمرة على جميع اقتصاديات العالم..
معطيات وأرقام..
وقال صندوق النقد الدولي، إن موريتانيا رغم الوضع الدولي غير المواتي، حافظت على تسارع النمو الاقتصادي الذي ينتظر أن يصل 5.3% سنة 2023 .
وأكد الصندوق أن الاحتياطي الخام من العملات الصعبة، سيكون في حدود 1.5 مليار دولار –، وهو ما يمكن من تغطية الواردات من السلع والخدمات على مدى زمني قدره 5.1 أشهر.
وقال إن التضخم سيستقر في حدود 11% بفعل السياسات التحكمية التي انتهجها البنك المركزي الموريتاني مؤخرا.
وأشار صندوق النقد الدولي، إلى أن عجز الناتج الأولي للميزانية–خارج الهبات – سيصل إلى 2.2% من الناتج الداخلي الخام مقابل فائض أولي في العام 2021 وصل إلى 0.8%.
و قال صندوق النقد الدولي، إن نسبة المديونية الخارجية ستبقى ثابتة في حدود 43% من الناتج الداخلي الخام مع نهاية 2022.
وأضاف أن موريتانيا ستحصل بموجب اتفاق جديد مع صندوق النقد الدولي، على قرض بمبلغ 82.75 مليون دولار على مدى 39 شهرا.
أي دلالة؟
و خلافا لما كان متوقعا، ورغم أن هذه المعطيات مثيرة للانتباه، فقد مرت مرور الكرام، فالمتبعون للشأن الاقتصادي الوطني داخل البلد وخارجه لم أي منهم تفاعلا من الأرقام الجديدة عن الاقتصاد الموريتاني.
سياسيا، لم تعلق أحزاب المعارضة لحد الآن، على الأرقام التي قدمها الصندوق.
وكان البنك الدولي قد أعلن في وقت سابق أن قيمة محفظة المشاريع التي يمولها في موريتانيا انتقلت من 300 مليون دولار خلال عام 2019، إلى ما يناهز 900 مليون دولار للعام الجاري..
وحسب مصادر صحفية، فقد سجلت موريتانيا أعلى مستوى سحب خلال هذه السنة بين بلدان المنطقة الخمس وهي السنغال وغامبيا وغينيا وجزر الرأس الأخضر وموريتانيا.
خدمة الدين..
رغم ما بشر به صندوق النقد الدولي من تحسن في الاقتصاد الوطني فإنه وقبل أن ينهي تصريحه ، كشف إن نسبة المديونية الخارجية للبلد ستبقى ثابتة في حدود 43% من الناتج الداخلي الخام مع نهاية 2022.
ما يعني أن حوالي نصف الناتج الداخلي الخام ، يذهب لخدمة الدين.
لكن الحكومة لم تكلف نفسها أن توضح للرأي العام أسباب تحمل الديون وإلى أين ذهبت.
صحيح أن المواطن الموريتاني، يدفع فاتورة كبيرة من دخله الخام لقضاء الدين وبصورة مستمرة، لكن الحكومات المتعاقبة درجت على الالتزام بتعهدات الدولة لأي طرف خارجي دون البحث في علاقة الطرفين.
أمر يجد له المتابع مسوغا في حال الحكومات المنبثقة عن الانقلابات، كونها تبحث عن الشرعية وفي موقف ضعف، لكن اللافت أن الحال نفسه بالنسبة لتلك الخارجة من الانتخابات ومن رحم الشرعية.
تطور سلبي..
ورغم حسن العلاقة التي ظلت تطبع علاقات موريتانيا وصناديق التمويل الدولية، أبلغ البنك الدولي موريتانيا بأنها "لن تكون مؤهلة للحصول على منح وتمويلات المؤسسة الدولية للتنمية IDA))، وذلك من ابتداء من السنة المالية 2022.
وأضاف البنك الدولي في رسالة وجهتها ممثلته المقيمة في نواكشوط اكريستينا إزابيل إبناسو سانتوس فاتح سبتمبر إلى وزير الشؤون الاقتصادية والتنمية عثمان كان، أن استفادة موريتانيا مستقبلا من التمويلات، ستقتصر على استفادتها على القروض.
وبرر البنك الدولي في رسالته الإجراء بأن "المعطيات الجديدة بخصوص الدخل الوطني الخام للمواطن، والتي تم نشرها رسميا فاتح يوليو 2021، تفيد بأن موريتانيا تجاوزت العتبة المعتمدة من قبل المؤسسة الدولية للتنمية (IDA) (وهي 1205 دولار) بالنسبة للسنة المالية 2022 وذلك للمرة الثالثة على التوالي".
وتقول رسالة البنك الدولي إن المعطيات الرسمية المنشورة، تثبت وصول الدخل الوطني الخام للمواطن الموريتاني إلى 1640 دولار.
وقدم البنك ما وصفه بآخر منحة في هذا الصدد وهي مبلغ 30 مليون دولارا
أيُ بشارة زأي أفق؟ ..
بشارة البنك الدولي رغم أهميتها ، تخفي وراءها معطيات ليس من الصعب على المتابع ملاحظتها.
فالمعروف أن استعانة أي بلد بالمؤسسات المالية الدولية كالبنك الدولي و صندوق النقد الدولي هي في غالب الاحيان نتيجة تدهور الحالة الاقتصادية الي مستويات لم تعد الموارد الذاتية و الخيرات الوطنية قادرة علي احتوائها.
تاريخ من البرامج غير المفيدة..
انخرطت موريتانيا مع صندوق النقد الدولي و البنك الدولي كتلميذ مطيع مطلع العام 1985، أي فترة قليلة بعد الانقلاب الذي قاده معاوية ولد سيد أحمد الطائع.
ورغم أن البعض يرى أنه أنقذ البلد من الإفلاس في ظل ظروف صعبة تميزت بتراجع اسعار الحديد على المستوى الدولي، فإن معظم الاقتصاديين يرون في اللجوء للمؤسسات الدولية، وتطيبق حزمها ووصفاتها الجاهزة دزن مرعاة واقع السكان حلقة، خطرا على التنمية، وهكذا أصبح البلد يدورفي حلقة مفرغة من المديونية العالية المتواصلة وخدمات الديون التي تستنزف البلد، وبذلك ظل البلد يتحمل دينا كي يقضي به آخر قديما في دوامة لم تنعكس على ظروف المواطن ولم تجلب التنمية المنشودة.