الطرق غير المعبدة في مدن وقرى الضفة جهود خجولة لكسر طوق العزلة / إعداد موقع الفكر

عاد آلسن جلو إلى بلدته التابعة لمقامة بعد ثلاثة أشهر من العلاج في نواكشوط ، إثر تعرضه لحادث سقوط العربة التي كان يستقلها في إحدى الحفر العميقة على بعد كلمترات من بلدة بدزكان..أدى الحادث إلى كسر مضاعف في الفخذ جعل آلسن يتغيب عن عمله كمدير لأول إعدادية بالبلدة وعلى مدى أشهر..
يقول آلسن الذي ما يزال يعرج وآثار الحادث بادية على محياه- إن المنطقة تعيش عزلة خانقة وتحيط بها الوديان ومجاري السيول والسهول الفيضية التي يستغلها السكان في الزراعة المطرية.
الطريق البري الذي هو بمثابة الحبل السري لبلدات وقرى الضفة يتحول إلى منعرجات وأخاديد عميقة تملؤها الحفر والمنعطفات وتطوقها الأشجار ومزارع الغلات المحلية التي يقبل السكان على زراعتها مع انحسار مياه السيول والفيضانات النهرية.
يتحدث السكان لموقع الفكر عن معاناتهم من العزلة خلال أشهر الأمطار حيث تمتلأ الوديان بالمياه، وتفيض القنوات النهرية وتصبح الأرض سباخا زلقة. 
قليلون هنا من يجيدون السير في هذه المسالك الوعرة، ويعرفون نقاط العبور القليلة فوق الوهاد الغائرة، والأخاديد العميقة، السائق عبد الله دمبا أحد هؤلاء القلائل من سكان"جول" يقول إن الكثيرين يتيهون بين النجود والوديان ولا يستطيعون إكمال طريقهم إلا في أوقات النهار، ويتذكر كيف تاه بعض الرفاق وهم في طريقهم إلى بدزكان ليبيتوا ليلتهم على مشارفها ويواصلوا طريقهم بعد انبلاج الفجر.
تضرب أشجار الطلح والنبق والقتاد وحشائش الخريف طوقا حول الطرق غير المعبدة حيث يتكاثف الغطاء النباتي كلما اقتربنا من النهر، لتخلي مكانها لزرائب وحظائر المزارعين التي تطل منها عناقيد الزرع التي حان قطافها، ويسابق السكان الوقت لحصادها قبل أن تأتي عليها أسراب الطيور النهمة، إنه صراع الحصاد والذي يمثل مرحلة فاصلة في حياة مزارعي. الضفة.
في المدن والتجمعات القريبة بدأت بعض غلال الموسم تغزو الأسواق وتباع حتى على قارعة الطريق وتحت ظلال الأشجار، كما هو حال البطيخ والنبق حيث يتنافس الأطفال والنساء على بيع مثل هذه المنتوجات وبأسعار زهيدة..
الطفل ممادو أحد هؤلاء الصغار الذين يحتفون بكل وافد إلى منافذ بيع اللحوم والأطعمة في بوكى، لكن أسعار بضاعته المزجاة من حبات النبق والبطيخ لا تعرف الاستقرار هذه الأيام ، رغم الإقبال المتزايد على البيع والشراء وفق تعبيره.     
المحاور الطرقية غير المعبدة لا تحاصرها المزارع والأشجار فحسب بل أيضا أكوام القمامات خاصة في مداخل المدن والتجمعات الكبرى، حيث تتحول إلى ما يشبه غثاء السيل على جنبات الطريق لكن الخطر الأكبر يظل في تهديد السيول والفيضانات والتوسع العمراني الفوضوي نحو الأراضي الزراعية يعلق أحد السكان.
تحتاج الطرق في قرى الضفة إلى لفتة  حقيقية حتى تصبح محاور آمنة للنقل، ولفك العزلة عن الساكنة، وقبل ذلك أن لا تشكل مصدر خطر للسفر والتنقل في تلك الربوع المترامية والسهول الشاسعة.

ولعل من أكثر المحاور حاجة إلى التدخل تعبيد الطريق بين السواطه ومقامه لما سيكون له من تأثيرات إيجابية على حياة السكان والمسافرين الذين يقطعون مسافات شاسعة لتجنب المسالك الوعرة، والتعرجات الخطرة، ومزارع الضفة، كما هو الحال اليوم.
كما يتطلع السكان لاستكمال المحاور غير المعبدة على طريق البزول الذي أصبح من أهم الطرق البرية الموصلة إلى ولايات النهر.
وفي المقابل يؤكد السكان أهمية الصيانة الدورية للمحاور المعبدة حتى لا تتحول إلى فخاخ للحوادث، ويتحول السائقون عنها إلى المحاور غير المعبدة.