لقد نجح التنصير إلى حد كبير في هدفه في المنطقة العربية، والمنطقة الإسلامية غير العربية. ومع هذا يشيع دعاة التنصير الغربيون دائمًا ويكررون: أنهم لم ينجحوا في البلاد الإسلامية، وأن جهودهم لم تحقق أهدافها. وأعتقد أنهم في ذلك كاذبون ومضلِّلون.
فقد رعوا الفكر العلماني ونشروه في ديار الإسلام وروَّجوه بضاعة بين المسلمين.
ورعوا كل كاتب من أبناء المسلمين يتمرَّد على الإسلام، ويطعن في شريعته أو ثقافته أو قرآنه وسنته، وإن كان هؤلاء قلة، ولكنهم ينفخون فيهم، ويجعلون من كل حبة قبة، ومن كل قط جملًا.
ووقفوا - من وراء ستار - وراء كل حاكم يتنكّر لشريعة الإسلام، أو لدعوة الإسلام، يشدّون أزره، ويحمون ظهره، ويوصون «الكبار» به خيرًا.
ونجحوا بالفعل في تحويل بعض المسلمين - في غير المنطقة العربية - إلى المسيحية، فلا غرو أن تجد اسم الشخص مسيحيًا، واسم أبيه أو جده مسلمًا، أو تجده من قبيلة إسلامية خالصة، معناه أنهم حولوه منذ صباه إلى المسيحية. حيث أدخلوه مدارسهم وصنعوه كما يريدون.
المكاسب التي يحققونها بدعوى إخفاقهم مع المسلمين:
أعتقد أن هذا الإعلان بأنهم أخفقوا مع المسلمين: أمر مقصود لهم، يحقق لهم مكاسب يرجونها:
أولها: أن تتدفق عليهم الأموال والتبرعات التي تبلغ المليارات، لتمكّنهم من التغلب على صلابة المسلمين «الناشزين» والتأثير فيهم.
وثانيها: أن يخدّروا «الفريسة» التي يريدون اصطيادها، وهي: المسلمون، حيث يقولون: الإسلام بخير، والأمة بخير، والمنصرون قد فشلوا في مهمتهم معهم، فلا يجتهدون في المقاومة، ولا يفكرون في عمل إيجابي مضاد.
وثالثها: أن يظل القوم يشعرون بأنهم مقصِّرون في أداء واجبهم في غزو المسلمين، وأنّ عليهم أن يتداركوا ذلك بالمزيد من بذل الجهد والتخطيط والتنسيق والعمل الدؤوب، ومن سار على الدرب وصل.
وربما كان سبب إعلان فشلهم: أنهم لم يحققوا كل ما كانوا يطمحون إليه من أهداف في تنصير المسلمين الذين استعصوا بعقيدتهم عليهم وخيبوا فألهم، فاعتبروا أنفسهم قد فشلوا!