شكلت الأنباء المتداولة عن دفع رئيس الجمهورية محمد ولد الشيخ الغزوانى أغلبية الأحزاب الداعمة له إلى تبنى موقف موحد من آلية التصويت، صدمة لدى العديد من رموز المعارضة، وبعض قوى الأغلبية، القلقة من آلية الترشيح المعتمدة من قبل الأحزاب السياسية، وبعض الأوجه الطامحة لخوض الإنتخابات من بعض الأحزاب الصغيرة، ضمن ظاهرة الأحزاب المؤجرة مع كل موسم انتخابى بموريتانيا.
ويعتقد أنصار الفكرة أن إقرارها من شأنه تعزيز الإنضباط الحزبى، وتعزيز دور الأحزاب الكبيرة فى الحياة السياسية ، ومحاربة التحايل فى المواسم الإنتخابية، بعد أن شاعت ظاهرة الترشيح المزدوج من مجمل الأحزاب السياسية ، عبر دعم المجموعات القبلية لحزب ما فى بعض خياراته لحسم المعركة لصالح أحد الأقارب أو الوجهاء ، وضرب الحزب ذاته فى بعض مساعيه الرامية إلى تعزيز دوره بالدائرة ذاتها، من خلال التصويت ضده فى المجلس البلدى أو الجهوى أو البرلمانى متى كان موقف العشيرة أو المجموعة الفئوية يميل لغير ما أستقر عليه رأي الحزب بالدائرة المذكورة.
غير أن البعض يرى فى القرار مصادرة لآراء الناس، ودفعها للتصويت للأحزاب مهما كانت خياراتها السياسية غير وجيهة، مع ماتشكله من قطع للطريق أمام صغار المرشحين، وإجهاض مبكر لأحلام من كانوا يراهنون على ميوعة الصوت الإنتخابى ، حيث حمل الصوت المائع فى الكثير من الأحيان بعض نواب الصدفة إلى قبة البرلمان ، ومهد الطريق أمام بعض المغاضبين إلى قيادة مجالس محلية كان من المفترض أن تكون لصالح أحزاب بعينها، بحكم الحضور والتأطير والتمويل والقرب من الناخب فى الأوقات العادية.
ورغم أن الصوت الموحد سيعزز من قيمة العمل البلدى، وسيمنح العمد القوة اللازمة للحضور فى المشهد العام داخل حزبه وخياراته السياسية ، بحكم الرهان على الأحلاف التقليدية فى أي انتخابات بلدية أو جهوية أو برلمانية، إلا أنه سيقوض من دور النواب داخل المنظومة السياسية، وسيمنح بعض العاجزين فرصة الحضور على أكتاف الآخرين دون أي جهد مبذول، أو تضحية معلومة، أو مكانة مستحقة.
غير أن الأسلم هو اعتماد الصوت الموحد فى اللوائح الوطنية (الشباب والنساء واللائحة المشتركة) ، من أجل تعزيز مكانة الأحزاب الكبيرة ، والتى كافحت من أجل إقرار اللوائح الوطنية ولديها القدرة على تسيير الحملات الانتخابية على المستوى الوطنى ، مع ضرب ظاهرة النائب غير المسؤول أمام أي جهة محلية أو سياسية (بحكم عدم الانتماء لأي دائرة انتخابية أو أي علاقة تنظيمية بالحزب الذى ترشح منه).
والإبقاء على الخيار الحر فى المجالس البلدية والجهوية ونواب المقاطعات، من أجل للسماح للكتل الرئيسية باختيار الأصلح لقيادة المناطق التى ينتمون إليها، ومنح المواطن رقابة لاحقة على أداء العمد ورؤساء الجهات والنواب المباشرين للدوائر الداخلية، وهو ما يشكل ضمانة لمزيد من العمل والتضحية، مع منحه فى الوقت ذاته حق حجب الصوت عن الحزب الذى لايهتم به خارج المواسم الإنتخابية، عبر التصويت للقائمة الموحدة للحزب الذى يختار أهل الكفاءة والخبرة والتجربة، ومحاسبة الأحزاب الأخرى، وهو خيار يمنح المواطن فرصة لمحاسبة قيادة الحزب، المنمترس فى الغالب داخل اللوائح الوطنية، بدل الدوائر المحلية.