تعيس الساحة الداخلية لحزب الإنصاف الحاكم بمقاطعة الطينطان على وقع خلاف متصاعد بين أبرز رموز الحزب ومنتخبيه، قبيل الإنتخابات المقرر إجرائها مايو 2023، وسط آمال مشوبة بالحذر، بحكم الحضور البارز لحزب التجمع الوطنى للإصلاح والتنمية (تواصل) بالمقاطعة، والقدرة على الحشد والتأثير، ومكانة مرشحيه المحتملين لدائرة الطينطان.
وتقول مصادر زهرة شنقيط إن سيناريو 2013 قد يتكرر من جديد، بفعل إصرار نواب المقاطعة الحاليين على الحضور فى الإنتخابات القادمة ( رجل الأعمال سيدى محمد ولد سييدي والنائب أم الخير بنت الغزوانى) وطموح قوى قبلية وسياسية أخرى، تعتقد أن الوقت قد حان لأخذ مقاعدها داخل التشكلة البرلمانية، ومعالجة ما أسموه بالخلل الذى عاشته المنطقة 2018 ، بعدما تم إبعاد مجموعة وازنة من كل نواب المقاطعة، بفعل الخلاف والنسبية وترحيل أبرز رموزها إلى لعيون ( رجل الأعمال عمار ولد أحمد سعيد) لمواجهة الحضور الكبير للأطراف السياسية المعارضة بالمقاطعة المركزية.
ومن أبرز الأسماء المطروحة حاليا بمقاطعة الطينطان رجل الأعمال ووزير الداخلية الأسبق محمد غالى ولد برمه، والذي يتطلع لحسم أحد المقاعد عن الحزب الحاكم، بينما عقدت قوي قبلية أخرى عدة اجتماعات سياسية للدفع بمرشحيها عن الحزب، مع الإعلان عن تعجيل الإنتخابات البرلمانية.
ولم يكشف العمدة السابق محمد الأمين ولد خطرى عن نواياه بالمقاطعة وهو أحد رموز المشهد الأساسين بمقاطعة الطينطان، بينما يتوقع عدد من المتابعين للساحة المحلية أن يحتفظ الحزب الحاكم بالعمدة الحالى على رأس بلدية الطينطان لدورة جديدة، تفاديا لخسارة مجموعته التقليدية، وهو ماقد يقلب الطاولة على رؤوس الفاعلين بالمشهد البلدى، وإعادة تكرار سيناريو 2006 ، حينما فاز حزب التجمع الوطنى للإصلاح والتنمية بالبلدية، إبان تسميته القديمة " الإصلاحيين الوسطيين".
ويقول أنصار النائب الحالى ورجل الأعمال سيدي محمد ولد سييدي إن ترشحه لقيادة اللائحة الإنتخابية لحزبه هو الضمان الوحيد لحسم المعركة لصالح الأغلبية، بينما يرى آخرون أن الأحسن للرجل الخروج من دائرة الصراع فى الوقت الراهن، بعدما فاز بثلاث مأموريات متتالية عن المعارضة والأغلبية، بدل العودة للصراع على مقاعد محدودة، لايشكل الفوز بها مكسبا للرجل، وتعنى خسارته لها الكثير بالنسبة لخصومه ومناوئيه داخل المقاطعة.
أما فى معسكر المعارضة، فلا خلاف داخل قيادة حزب التجمع الوطنى للإصلاح والتنمية (تواصل) ، وقواعده الإنتخابية على أن النائب محمد المختار ولد الطالب النافع هو المرشح الأبرز لقيادة اللائحة النيابية، بحكم شعبيته الكبيرة داخل المقاطعة، وحضوره المميز داخل البرلمان، وحجم المنجز لصالح السكان خلال مأموريته، وعلاقاته الواسعة بمجمل الأوساط الشبابية بالطينطان، ولعبه دور نائب المقاطعة دون انتظار بقية النواب أو الإهتمام بنتائج انتخابات 2018 ، حيث ظل طيلة مشواره يمسك عصى التوازنات من الوسط، ويتواصل باستمرار مع قواعده الشعبية، ويطرح نفسه كمستقبل محتمل لمقاطعة الطينطان، فى ظل تصارع النخب المحيطة به، وإجهاز بعضها على البعض.
وتفيد بعض التقارير الواردة من الداخل بأن الطرف الآخر من المعادلة القبلية والحزبية بالطينطان، قد يكون الطبيب الصاعد فى عالم السياسية عبد الله ولد بيان، وهو أحد أكثر الكوادر الموريتانية خبرة فى مجال تخصصه (طب الأسنان)، وأحد النخب التى أختارت العيش فى الغرب لفترة طويلة، قبل أن يقرر العودة من الولايات المتحدة الأمريكية بتذكرة إياب فقط، واضعا عصى الترحال، مهتما بالعمل فى بلده، وخوض غمار السياسة من بوابة حزب يعتقد أنه الأقرب لخط الإصلاج الذى أشتهر بالدعوة إليه.
ومع اقتراب العد التنازلى للإنتخابات التشريعية والبلدية ، تحبس النخب أنفاسها، ويبحث البعض خلف التناقضات الحاصلة من أجل خطف ورقة الفوز، ومنح الحزب الذى ينتمى إليه تأشرة العبور نحو مزيد من التمكين تحت القبة البرلمانية. وسط تماييز بين جيل يصارع من أجل البقاء فى المشهد، وآخر يضغط من أجل حسم المستقبل لصالح المعنيين به (جيل الشباب) ، مع عوامل قوة يتنازعها الكل، بحكم العلاقات الإجتماعية والحضور المتفاوت فى عالم المال والتأثير.