سلطة الاتهام ليست سلطة الإدانة، والخلط بين التهمة أو الشك أو التذمر وبين الإدانة القضائية والسير فيها إلى التشويه الإعلامي ومحاولة فرض الأمر الواقع، قد يفتح بوابة فوضى لا مسد لها.
ومن الجميل بالفعل أن تتحرك النخبة ضد الفساد وممارساته والقيم المنتجة له أو الناظمة له، دون أن يخرم ذلك حق الإنسان في أن لا يؤاخذ بما لم يدنه به القضاء المستقل العادل.
وما نشهده اليوم من إهانة لبعض المسؤولين لا يمكن تفسيره خارج المزايدة السياسية.
إن الاتهام القضائي غير الاتهام السياسي وبينها ما بين المزايدة السياسية واستغلال المنابر وما بين الدقة والصرامة والأخذ بالأدلة، ومنح المتهم فرصة الدفاع عن نفسه.
وإذا كان من المناسب أن يأخذ البرلمان سلطته التشريعية والرقابية، فإن من الواجب أيضا أن يترك للسلطة التنفيذية مجالها الاجتهادي في التقدير والتقرير، سواء تعلق الأمر بالسياسات أو الأشخاص أو المؤسسات، وأن يترك للقضاء أيضا سلطة الاتهام والإدانة، والمتهم أمام القضاء بريء حتى تثبت إدانته، فكيف بمن لم يتهمه القضاء بعدُ.