لقد حبا الله موريتانيا بتنوع فريد في التضاريس، و البيئة والمناخ، مما جعل منها وجهة مفضلة للسياحة الداخلية، خاصة في موسم الخريف، حين تجود السماء بمائها، والأرض بعشبها، مع توفر المنتجات الحيوانية، خاصة اللحوم والألبان، فتتوجه مئات الألوف من السكان إلى المنتجعات الطبيعية، والمراعي الواسعة الخلابة، والبوادي الوادعة، لاتنهاز فرصة الفصل المناخي الفريد ، بحثا عن الراحة النفسية، وطلبا للصحة والمنتجات الطبيعية، وهروبا من ضوضاء المدن وتلوثها وعللها.
وتنتشر المنتجعات السياحية في مختلف الربوع الموريتانية، خاصة بعد خريف هذا العام المطير، الذي اقتربت فيه معدلات الأمطار التراكمية، في بعض مناطق موريتانيا إلى نفس معدلاتها تقريبا، في العام 1968، قبل عقود جفاف الخمسة الأخيرة.
منتجع " جوخه"... رئة نواكشوط الطبيعية
يعد منتجع "جوخه السياحي" الواقع على بعد ة،على بعد 18 كم، من مدينة اركيز، تقودك إليه طريق ترابية غير مسفلتة، زاد من صعوبتها أعمال الحفر التي تقوم بها الشركة المغربية " اسطام" لشق قنوات الرأي واستصلاح مناطق من سهل اركيز الخصب، مما زاد الطين بلة، وصعب من الوصول إلى هذا المنتجع بع\ما قلبت الشركة عالي الأرض سافلها..
وتعد جوخة منتجعا سياحيا فريدا، تم استغلاله واكتشافه لأغراض السياحة والاستجمام منذ ثلاث سنوات، وساهم موقعه الجغرافي القريب من العاصمة نواكشوط أكبر مدن البلاد، وبوسط منطقة الكثافة السكانية في ترارزه، وعلى مقربة من خطوط المواصلات، وسهولة التموين وتوفر الاغنام في سرعة رواج هذا المنتجع السياحي في زمن قياسي، رغم حداثة هذه الوجهة السياحية نسبيا.
تعتبر " جوخه" في الأصل فرعا، أو قناة متفرعة من نهر السينغال -- " ابجك علما: نسبة إلى إمارة "بيلكه" المرابطية، واميرها عامر ذو البشارة، حفيد الأمير القائد المرابطي الشهير أبي بكر بن عمر"- تغذي بحيرة طبيعية، وسط أجمة أو غيضة من أشجار الغضا والطلح والأيك والهليج، والشجيرات والأعشاب البرية، والمراعي الطبيعية، تحيط بالبحيرة، شبه إحاطة السوار بالمعصم، كما كان للحيوانات البرية والضواري اقامة ووجود، في سالف الأزمان وقبل عقود الجفاف الماحقة.
واليوم يزداد رواج منتجع "جوخه السياحي" مع اطلالة، كل موسم امطار، في السنوات الاخيرة، حيث باتت وجهة سياحية مفضلة لسكان نواكشوط، والمناطق المحيطة بالمنتجع، من الجهات الأربع، بسبب قربها النسبي من طريق (نواكشوط- تكنت- المذرذرة - اركيز)، وكذا طريق ( روصو - بوكى )، إلى توفر اللحوم والألبان، والاسواق والمحلات التجارية، والأيدي العاملة، ووسائل النقل، ناهيك عن حاجة سكان نواكشوط لرئة طببعية، يتنفسون منها الهواء الطلق، ويتذوقون وجباتهم التاريخية، المفضلة لدى آبائهم من قبل، تخرجهم، ولو لساعات من جو المدينة الخانق، ووجباتها المستوردة غالبا.
خاصة أنه في هذا المنتجع، يجتمع الماء الجاري، والأشجار الوارفة الظلال، والمناظر الجميلة، في جو يلائم " نمط الخرجات السياحية" المفضلة لدى الموريتانيين، تساعدهم على استهلاك ما لذ وطاب من الألبان الطبيعية، واللحوم " المشوية"، والجلسات الظريفه، مع قرب "العمران"، وتوفر المستلزمات ووسائل النقل.