البداية..
يعد طريق تجكجه سيليبابيى من المحاور الطرقية الهامة في البلد وربما في المنطقة عموما، حيث سيربط شمال موريتانيا بجنوبها مع ما يتيحه من فرص انسيابية نقل البضائع والأشخاص من دول الجوار عبر موريتانيا في اتجاهات متعاكسة فضلا عن تنشيط التجارية البينية.
ويتقاطع طريق تجكجه ــ سيليبابيى في أماكن منه، مع طريق الأمل الممتد من العاصمة نواكشوط غربا وحتى مدينة النعمة شرقا، مع ما يتفرع عنه من طرق فرعية تربط عواصم الولايات ببعض عواصم المقاطعات.
الطريق..
يبلغ طول طريق تجكجه - سيليبابي أكثر من 500 كلم.
يتكون الطريق من ستة مقاطع ممتدة من مدينة تجكجة وحتى حدود مالي.
يمر الطريق عبر هذه المسافة بعدة مدن أهمها كيفه وسليبابي، بالإضافة إلى بعض الطرق الفرعية المؤدية إلى المدن والقرى المجاورة للطريق، و ويشمل المشروع كذلك إنشاء جسر على وادي كاراكورو.
مقاطع..
المقطع الأول: ينطلق من مدينة تجكجة وينتهي بمدينة القدية ويبلغ طوله 92 كلم.
المقطع الثاني: يربط بين مدينة القدية و بومديد بطول 70 كلم
المقطع الثالث: ينطلق من مدينة كنكوصة و ينتهي بقرية لعبلي، ويبلغ طوله 97كلم
المقطع الرابع: يربط بين لعبلي و مدينة سيلبابي،بطول 48 كلم.
المقطع الخامس: يريط بين مدينتي سيلبابي وغابو بطول 41كلم.
ويقترب هذا الطريق بالحدود المالية، من ولد ينج وغابو.
بشارات.. لا إنجازات
مشروع طريق تجكجه سيلبابي ظل يراود قادة البلد وكل الحكومات المتعاقبة، دون أن يتجازو الحلم به الدوائر الرسمية، قبل أن يبشر به وبالعمل على إنجازه أولُ وزير أولَ للرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز.
مواعيد .. دون رقيب
أكد الوزير الأول الأسبق مولاي ولد محمد الأغظف في خطابه يوم 07 يناير 2011، أمام أعضاء الجمعية الوطنية، أنه تمت "دراسة التنفيذ وإعداد ملفات المناقصة لطريق تجكجه ـ كيفه ـ سيلبابي".
توقف الحديث عن المشروع، لمدة أربعة وعشرين شهرا .
أطل الوزير الأول حينها مولاي ولد محمد الأغظف، من جديد على النواب في ال 10 من يناير 2013 ، ليتحدث عن مرحلة لا تختلف عن سابقتها كثيرا حيث ذكر أنه "تم إنجاز دراسات لمقاطع الطرق: تجكجة بومديد مرورا بالقدية؛ كنكوصة، ولد ينجة، بولي؛ ــ سيلبابي غابو".دون الحديث عن الشروع في العمل.
عاد محمد الأغظف بعد ستة عشر شهرا " 05 مايو 2014 " إلى نفس الغرفة ليعتلي المنبر ذاته ويشنف مسامع النواب قائلا: إن حكومته ستتابع " العمل على إيجاد تمويل لمقاطع الطرق التي اكتملت دراساتها".
ظلت خطابات ولد محمد الأغظف حول الطريق، تلقى نفس التجاوب والتصفيق الحار من لدن نواب الأغلبية في المؤسسة التشريعية، دون المساءلة عن معوقات المشروع ودلالة إنجازات دراسات الجدوائية وصرف الأموال عليها في مشروع لم ير مقطع منه النور.
عود على بدء..
تسلم رئيس الجمهورية محمد ولد الشيخ الغزواني مهامه في أغشت 2019، ليعود معها الحديث عن الطريق طريق تجكجه ــ سيلبابي من جديد.
فقد وقعت وزارة الشؤون الاقتصادية بالأحرف الأولى اتفاقية قرض مع الصندوق العربي للإنماء الاقتصادي لتمويلها، وذلك يوم 25 أكتوبر 2019.
يغطي قرض الصندوق تكاليف 57 بالمائة من المشروع، ليتم توقيع الاتفاقية يوم 05 مارس 2020، وتجيزها الحكومة خلال اجتماعها يوم 30 إبريل 2020، كما صادق عليها البرلمان يوم 24 يونيو 2020.
حلقة مفرغة..
ظلت إجراءات إنجاز الطريق، تدور في مرحلة مفرغة، إجراء الدراسات ثم "إجراءات تقييم عروض الشركات المتقدمة لإنجاز الطريق".
وهي نفس المراحل التي توقف عندها إنجاز هذا الطريق، في عهد حكومة مولاي ولد محمد الأغظف، سنة 2013، قبل عقد من الزمن.
الحصول على التمويل..
وقعت موريتانيا، مع الصندوق العربي للإنماء والاقتصادي والاجتماعي، من جديد، اتفاقية قرض بمبلغ إجمالي قدره 52 مليون دينار كويتي، لتمويل أكثر من نصف مقاطع الطريق، أو ما يعادل 57 بالمائة من تكاليف الطريق.
وقدم البنك الإسلامي للتنمية حوالي 13 مليون دينار كويتي.
يشكل القرضان إجمالا حوالي 70بالمائة من تكلفة الطريق،وتتولى الحكومة الموريتانية، تعطية ال30 بالمائة المتبقية من تكلفة إنجاز مشروع الطريق.
مطبات جديدة.. أم إلزام بالمهنية
اعترض الصندوق العربي للإنماء الاقتصادي والاجتماعي على صيغة مناقصة المشروع، وفق ما ورد في رسالة رد من الصندوق الذي هو أكبر ممول للمشروع ، موقعة بتاريخ 17 ديسمبر 2020 وموجهة إلى مدير البنى التحتية بوزارة التجهيز.
وشدد الصندوق على رفض مشاركة أي مقاول لا يتمتع بالخبرة حتى ولو كان ضمن ائتلاف مع مقاول آخر يتمتع بخبرة واسعة.
واعتبر بعض المتابعون شروط الصندوق، عبارة عن مطبات جديدة تعترض المشروع.
لكن البعض اعتبر أنها تنبيهات في محلها وتستند إلى تجربة موريتانيا القريبة في تشييد بعض المقاطع الطرقية من طريق نواذيبو - نواكشوط، فبعض المقاولين لم يلتزمو بالمواصفات الفنية المطلوبة مما يستدعي صرامة في الشرط ودقة في دفاتر الإلتزام الخاصة بهذا المشروع الحيوي.
محاور..
سيخصص التمويل وفقا للاتفاقية، لتشييد أربعة مقاطع، هي تجكجة القدية بطول 92 كلم، والمقطع الثاني القدية بومديد بطول 70 كلم، إضافة إلى مقطع كنكوصة ولعبلي البالغ طوله 97 كلم، في حين يبلغ المقطع الرابط بين لعبلي وغابو 99 كلم باتجاه الحدود المالية.
وقد كان من المتوقع أن يتم إنجاز هذا الطريق بحلول نهاية عام 2022.
مواصفات فنية ..
وتنص اتفاقية التمويل على تنفيذ جميع الأعمال اللازمة لشق وسفلتة الطريق الممتد بين مدينة تجكجة وحدود مالي، ويتسع لحارتين للمرور، واحدة في كل اتجاه عرضها 3.5 م، معبدة بالإسفلت، وأكتاف خارجية عرضها 1.5 م على كل جانب.
ويتضمن هذا العنصر كذلك الأعمال الإنشائية اللازمة لإنجاز جسر خرساني على وادي كاراكورو يبلغ طوله حوالي 255 م.
وتشمل الأعمال الحفر والردم وإنشاء طبقات الأساس والرصف والتعبيد المختلفة، وبناء عدد من منشآت تصريف المياه، وحماية الطريق من الرمال المتحركة ومعالجة وتثبيت الكثبان الرملية، بالإضافة إلى الأعمال التكميلية الضرورية لضمان سلامة وانسيابية حركة المرور.
فرحة لم تكتمل..
أعلن وزير التجهيز والنقل السابق محمدو أحمدو امحيميد سنة 2020، أن طريق كنكوصه- ولد ينج- سيلبابي- غابو يبلغ طوله 350 كلم.
وأكد الوزير، أن الطريق يضم ستة مقاطع، أولها يبدأ من مدينة تجكجه وحتى مدينة القدية، وسيفك العزلة عن سبع قرى.
يبدأ الجزء الثاني من مدينة القدية وحتى مدينة بومديد وسيفك العزلة عن 11 قرية.
و يبدأ الجزء الثالث من مدينة كنكوصة وحتى مدينة غابو، وسيفك العزلة عن 4 قرى، والمقطع الرابع من غابو وحتى قرية لعبلي مرورا بمدينة ولد ينج، وسيفك العزلة عن 5 قرى، والجزء الخامس من قرية لعبلي وحتى مدينة سليبابي، وسيفك العزلة عن 6 قرى، أما المقطع السادس والأخير فينطلق من مدينة سليبابي وحتى مدينة، وسيفك العزلة عن 4 قرى.
وقال وزير التجهيز، إن هذا الطريق سينجز حسب المواصفات الفنية المطلوبة حيث سيكون مع أرصفته بعرض 10 أمتار، سبعة منها تمثل اتجاهي الطريق، والأمتار الثلاثة المتبقية مخصصة للأرصفة على جانبي الطريق.
وأشار الوزير إلى وجود مقطعين من هذا الطريق تم إنجازهما وهما المقطع الرابط بين مدينتي بومديد وكيفه، والمقطع الرابط بين مدينتي كيفه وكنكوصة.
الجديد..
قال وزير التجهيز والنقل الناني ولد اشروقه، فيما يعتبر أحدث تصريح عن المشروع ، إن الطريق الرابط بين تجكجه وسيلبابي، بدأ العمل فيها في المقاطع الستة وسيتم وضع حجر الأساس لهذه المقاطع في القريب العاجل، بمناسبة 28 نوفمبر2022".
وجاء تصريح الوزير ردا على سؤال لموقع الفكر اثناء تعليق الوزير على اجتماع الحكومة اليوم الأربعاء 23 نوفمبر2022.
مشروع معطل..
استغرقت مرحلة الدراسات من أول خطاب لولد محمد الأغظف حول الطريق عقدا من الزمن.
ورغم أهمية هذا المشروع وما رصد له من أموال، فلا يزال متعثرا ولا تلوح في الا فق بشائر تؤكد جدية التحرك لإنجازه وفق المواصفات الدولية من الفنيين والشركات المعتمدة ومكاتب الرقابة الدولية.
إن هذا الطريق الوطني الهام، والمتعثر التنفيذ منذ سنة 2013. رغم تعاقب الحكومات، وتبدل الوزراء، وتعاقب فصول السنوات، يحتاج كغيره من المشاريع المعطلة - التي تقول الحكومة إن بحوزتها أرصدة مالية تقدر بحوالي تريليون ونصف الترليون من الأوقية - يحتاج اليوم إرادة سياسية جادة، تقرر إنجازه، وإسناد مناقصتة لشركة دولية ذات خبرة متراكمة في إنجاز الطرق الحيوية، مع فرض رقابة فتية صارمة، على الشركة المنفذة، وتضمينها الطريق، وأي خسائر تلحق به مدة 10 سنوات، كما هي قوانين وأعراف المناقصات في البلدان المحترمة، التي يمكن القياس عليها.
فطريق تجكجه - سيليبابي طريق استراتيجي، وأداة اقتصادية معطلة، ولا ينبغي بتاتا، أن تظل إحدى المواعيد المعطلة، في أجندة الحكومات المتعاقبة، كلما جاءت حكومة وعدت، ثم تأخرت كالتي انقضت غزلها.
