غيابٌ هنا من أجل حضور هناك!/ محمد الأمين الفاضل

يسألني بعض القراء عن أسباب التراجع الملحوظ  منذ فترة في كتابة ونشر المقالات، وللإجابة على هذا السؤال،لا بد أولا من استعراض أشكال أو أنماط الكتابة في الشأن العام، فالكتابة في الشأن العام يمكن أن نقسمها إلى ثلاثة مستويات، أو إلى ثلاث درجات، بين الدرجة والدرجة مسافة كبيرة.

المستوى الأول : الكتابة التي تكتفي بالنقد، سواءً كان ذلك النقد موجها للسلطة أو المعارضة أو للمجتمع، وهذا النمط من الكتابة ورغم أهميته، إلا أنه يبقى من أقل أنماط الكتابة في الشأن العام فائدة وأهمية... نفس الشيء يمكن أن نقوله عن الكتابة التي تثمن عمل السلطة أو المعارضة.

 

المستوى الثاني : الكتابة التي تقدم مقترحات أو حلولا لقضايا شائكة، وهذه أكثر أهمية من النمط الأول إلا أنها مع ذلك لا تعد شيئا ـ من حيث الأهمية ـ إذا ما قورنت بالمستوى الثالث.

المستوى الثالث: الكتابة الميدانية، وهذه هي أهم أنماط الكتابة في الشأن العام، وهي من أصعبها، ومن أكثرها ندرة في مجتمعنا، وهي  تعني أنه بدلا من أن ننتقد ونظهر أماكن الخلل، وبدلا من أن نكتفي بتقديم حلول أو مقترحات لقضايا شائكة، فإنه علينا أن ننزل إلى أرض الواقع لنسطر على صفحاته، وبما هو متاح لدينا من وسائل، تلك الأفكار والمقترحات التي كنا نكتفي بكتابتها ونشرها على المواقع الإخبارية، أو على مواقع التواصل الاجتماعي.

إن كلمة واحدة  نسطرها على صفحات الواقع لهي خير من آلاف السطور التي ننشرها يوميا على صفحات المواقع، ومما لا شك فيه أن الانشغال بالكتابة الميدانية على أرض الواقع سيكون على حساب الوقت والجهد المخصصين للكتابة والنشر على المواقع.

إن التراجع الملاحظ في كتابة ونشر المقالات يعود في الأساس إلى التحضير لكتابة ثلاث كلمات ميدانية على أرض الواقع، وهي :

1 ـ إطلاق مشروع تكويني وتدريبي طموح يهدف إلى بناء وتنمية قدرات أعداد كبيرة من الشباب في ولاية نواكشوط الشمالية؛

2 ـ التحضير لإطلاق موسم جديد من "حملات معا" التوعوية خلال العام 2023. ففي النصف الأول من هذا العام سيتم ـ بإذن الله ـ تفعيل حملة "معا لمحاربة الفساد"، وفي النصف الثاني منه سيتم إطلاق أول حملة من "حملات معا" لصالح المستهلك الموريتاني، وستكون تحت شعار "معا لحماية المستهلك".

3 ـ التحضير لتخليد اليوم العالمي للغة العربية الموافق ليوم (18 ديسمبر)، والذي سيشكل تخليده في هذا العالم منعرجا هاما في أنشطة الحملة الشعبية للتمكين للغة العربية وتطوير لغاتنا الوطنية، والتي ستنتقل من حملة محلية إلى حملة تنسق جهودها مع الجمعيات والمؤسسات الفاعلة في الوطن العربي.

ويبقى أن أذكر في ختام هذا المقال السريع أن التفكير في المشاركة في الاستحقاقات القادمة سيكون هو أيضا على حساب حجم الكتابة والنشر خلال الفترة القادمة.