أبو ارشيد: تعاظم تأييد الحق الفلسطيني داخل الكونغرس

الضورة/ المركز الفلسطيني للإعلام

ضاعفت في السنوات الأخيرة النواة الصلبة لمؤيدي الحق الفلسطيني في الولايات المتحدة الأمريكية عامة، وفي الكونغرس خاصة؛ حيث يرى المراقبون أنّ تلك النواة تتضاعف ببطء ولكنها تسير بخطى منتظمة عبر التحالف مع مجموعة الديمقراطيين التقدميين في مجلس النواب، وهؤلاء معظمهم أعضاء رسميون في الحزب الديمقراطي الاشتراكي وهو حزب أقرب لجمعية يسارية.

وتتبنى حلقات متعددة مواقف قوية ضد جرائم "إسرائيل" بحق الفلسطينيين، وهم من المُوقّعين على القانون الذي يطالب بربط مساعدات الكيان بحقوق الإنسان الفلسطيني، كما تتبنى بعضها حلّ الدولتين، وكل هذه الحلقات تتركز في الحزب الديمقراطي.

مسار متأرجح

المدير التنفيذي لمؤسسة "أمريكيون من أجل العدالة في فلسطين" الدكتور أسامة أبو ارشيد، قال: "في الحقيقة إنّ عدد أنصار الحق الفلسطيني في الكونغرس الأمريكي لم يتضاعف تضاعفا كبيرا باستثناء مؤيدة واحدة، لكننا خسرنا عددًا من بعض المرشحين في شهري يونيو ويوليو الماضيين، مبينًا أنّ خسارة هذا البعض، كانت نتيجة مباشرة لعشرات ملايين الدولارات التي ضخّتها لجان سياسية انتخابية كبرى تتبع منظمات صهيونية أمريكية، وتحديدًا لجنة الشؤون العامة الأمريكية الإسرائيلية (إيباك).

وبين أبو ارشيد في مقابلة مع "المركز الفلسطيني للإعلام" أنّ هذه النتائج دفعت المنظمات الصهيونية إلى التباهي والاحتفاء بما زعمته انتصارات، مبينًا أنّ الحشد والتأييد للحق الفلسطيني لا ينقطع رغم كل ذلك،  ويبقى مستمرا حتى ولو متأرجحا.

نظرة على الحزب

وحول تأثير الربح والخسارة على الواقع الفلسطيني، يؤكّد أبو ارشيد أنّ المسألة أعمق من عدد الأعضاء المؤيدين للحق الفلسطيني داخل الكونغرس، موضحًا أنّ المسألة مرتبطة بالحزب الديمقراطي نفسه.

ويضيف: "استطلاعات الرأي تقول إنّ هناك انقسامًا حقيقيًّا داخل الحزب بما يتعلق بالموقف من الحق الفلسطيني وإسرائيل، وهناك نسبة متزايدة من ممثلي الحزب ممن يرون أن قيادات الحزب ليسوا على توافق مع القاعدة في الحزب فيما يتعلق بالموقف من إسرائيل".

وأشار أبو ارشيد، إلى أنّ الغالبية اليوم داخل الحزب الديمقراطي يرون أن "إسرائيل" "دولة احتلال" و"أبارتهايد"، وأنها تمارس ظلمًا بحق الفلسطينيين، ويريدون تغييرًا في الموقف من ممثليهم في الكونغرس، ولذلك وجدنا استطلاعات رأي تقول إنّهم لا يتفقون مع موقف الرئيس "بايدن" أو ممثليهم في الكونغرس.

ويوضح: "عندما كان الرئيس الأمريكي في زيارة إلى "إسرائيل" في يوليو/ تموز الماضي، وتوجه إليه سؤال عن حقيقة تحول الحزب الديمقراطي عن "إسرائيل" كان جوابه أن الحزب لن يتخلى عن "إسرائيل" وأنه لا يوجد تحول فيه نحوها، والحقيقة غير ذلك"، مضيفًا (أبو ارشيد): "مجرد طرح هذا السؤال يدل على أنّ هناك تغييرًا، وحتى اضطراره الإجابة على هذا السؤال يدل على أن هناك تحولًا وتغييرًا أيضًا".

ويرى المدير التنفيذي لمؤسسة "أمريكيون من أجل العدالة في فلسطين"، أنّ هناك تحولًا حقيقيًّا داخل الحزب الديمقراطي - الجناح التقدمي أكثر تعاطفًا مع فلسطين؛ صحيح أن متوسط الديمقراطيين لا يتعاطف مع "إسرائيل"، ولكن ليس بنسبة النجاح التقدمي؛ حيث إن الأجيال الأهم (الأصغر) هم أكثر تعاطفًا مع فلسطين ومع الحقوق الفلسطينية، "ورأينا ذلك ينعكس في العمل الجامعي ومواقف مؤسسات حقوق الإنسان مثل هيوامن رايتس وواتش، وآمنستي، وحتى مؤسسة "بتسيليم" الإسرائيلية، كلهم يصفون "إسرائيل" بأنّها "أبارتهايد" ونظام فصل عنصري" وفق قوله.

وأشار إلى أن الحديث في هذا التحول يدور عن الحزب الديمقراطي الذي كان تاريخيًّا داعمًا لـ"إسرائيل" وهو الذي أوجدها بالأساس، وهو حزب وودرو ويلسون مؤسس الحزب الذي كان رئيساً للولايات المتحدة في عام 1917، والذي لم تتمكن الحكومة البريطانية حينها من إصدار وعد بلفور قبل أن تضمن موافقته عليه، وهذا ما جرى في شهر سبتمبر عام 1917، وبعده بشهرين صدر قرار وعد بلفور.

وكذلك هو الحزب الذي كان يحكم إبان إقامة "إسرائيل" عام 1948، وكانت أمريكا أول دولة تعترف بالكيان كدولة، وهو الحزب الذي كان حافظ على بقاء احتلال الضفة والغربية وقطاع غزة رغم قرارات الشرعية الدولية، مبيناً أنّ هناك تحولا حقيقيا جديًّا داخل الحزب اليوم.

ويكشف أبو ارشيد، أنّ هناك الكثير من الديمقراطيين -حتى أولئك المؤيدين لـ"إسرائيل"- باتوا يُعدّلون من مواقفهم وحتى تواطؤهم مع "إسرائيل" لأنهم يعلمون أنّهم قد يخسرون دعم القاعدة الانتخابية لهم في مناطقهم، مبينًا أن عددًا كبيرًا من أعضاء مجلسي النواب والشيوخ من الديمقراطيين كانوا قد أرسلوا لبايدن رسائل يطالبون بالضغط على "إسرائيل" لكشف الحقيقة كاملة حول اغتيال الصحفية "شيرين أبو عاقلة" على أساس أنها مواطنة أمريكية.

ويضيف: "ورأينا في العدوان على غزة في مايو/أيار 2021، أن هناك ضغوطًا من داخل مجلسي الشيوخ والنواب من الديمقراطيين بما فيهم عضو صهيوني يطالبون بوقف العدوان على الفلسطينيين، وهذا كله نتيجة التحولات الجارية داخل الحزب الديمقراطي، والذي رأيناه من نجاح بقاء العدد الأكبر من الداعمين للحق الفلسطيني رغم محاولات إسقاطهم من المنظمات الصهيونية الأخرى، والموقف من الحق الفلسطيني أصبح قضية مركزية داخل الحزب وقواعده.

الموقف الفلسطيني

وحول طبيعة الموقف الفلسطيني المطلوب تجاه هذا التحول، بين المدير التنفيذي لمؤسسة "أمريكيون من أجل العدالة في فلسطين" أنّ المطلوب هو أن يدرك الفلسطينيون أنّ القضية الفلسطينية ليست محصورة في داخل الأرض الفلسطينية المحتلة، بل هي صراع يُخاض على جبهات دولية عديدة، ويخاض على مستويات عدة، وبأدوات مختلفة ومتنوعة.

ويضيف: "المشروع الصهيوني هو مشروع عالمي يمثل بؤرة من بؤر الإمبريالية والاستعمار الغربي، ومجابهته في هذه الجبهات مهم جدًّا بالنسبة لمشروعنا الوطني، بمعنى لا يمكن لفلسطين أن تتحرر وإسرائيل تتلقى ذات الدعم من المعسكر الغربي تحديدًا من الولايات المتحدة".

ويؤكّد أبو ارشيد، أنّ الصراع في أمريكا مهم جدًّا، لكنه لا يخاض بالصراع ولا بين الأعداء؛ لأن الكل هناك مواطن أمريكي، ولكن نحن نسعى لتكثيف حركة التضامن مع الحقوق الفلسطينية، ليس حركة فلسطينية أو مسلمة أو عربية فحسب، إنما هي حركة متعددة الأبعاد فيها اليهود والمسيحيون واللاتينيون والسود، وفيها كل التيارات، وهذه قضية عدالة اجتماعية.

ومضى يقول: "ما ينبغي أن نفهمه أن المعركة تخاض بأمريكا بخطاب وبأدوات بمفردات مختلفة، ولا يمكن أن نحاول أن نفرض خطابًا معينًا صالحًا لفلسطين ولا يصلح لأمريكا أو أوروبا، فهناك يهود كثر مؤيدون للحق الفلسطيني لا يمكن أن نصفهم بأنهم أعداء، وقد يكونون أكثر قوة في التعبير عن الموقف في الحقوق".

 

أدوار وخطابات
ويشير إلى أنّ الصراع الفلسطيني متعدد الأبعاد والمستويات، سياسي عسكري تاريخي حقوقي؛ فهذه المستويات كلها مطلوبة، "فكل ساحة لها دورها، وخطابها ومفرداتها ودورنا أن نستوعب هذا الأمر، وأن نستوعب أن هناك جراحات ومظالم لشعوب أخرى لا يمكن أن نعمل لفلسطين، ولا ندافع عن حقوق الأقليات الأخرى في المساواة أو الهاربين مع قمع بلادهم ومحاولة الهجرة للولايات المتحدة".

وتابع: "لا يمكن أن نكون صادقين في دعم القضية ونحن لا نشعر بمعاناة السكان الأصليين في أمريكا.. هذا ما نسميه بناء الأطر المعرفية والعوامل المشتركة بين الشعوب المضطهدة".

ويرى أبو ارشيد، أنّه سيكون من الجميل أن نرى القوى السياسية الفلسطينية تدرك هذا الأمر، وأن تصدر المواقف عندما يكون هناك مظالم لهذه الفئات المضطهدة حول العالم، وخاصة تلك التي تقف مع حق الشعب الفلسطيني في استعادة حقوقه.

نقلا عن المركز الفلسطيني للإعلام