وفاة الأستاذ عمر التلمساني (تابع)...
قيادة التلمساني للجماعة في عهد السادات:
بعد أن قضى مدة سجنه، خرج ليتولى قيادة الجماعة في عهد السادات، بحكمته ورفقه وأناته وحِلمه، وحُسن سياسته، وتأتيه للأمور، في غير عنف ولا إحراج. وأصدر «مجلة الدعوة» الشهرية من جديد، ليرأس تحريرها، ويكتب فيها مقالًا أو أكثر كل شهر. وكان بحلمه وسماحته ورقته يحلُّ كثيرًا من المشكلات المعقَّدة التي تصعب على كثيرين، أن يحلوها بطريق الشدة والقوة، وعرض العضلات.
بين التلمساني والسادات:
وقد اجتمع مرة مع الرئيس السادات ممثلًا لدعوة الإخوان، التي اعترف بها واقعًا وفعلًا، وإن لم يعترف بها رسميًا وقانونًا، وقد ذكر السادات عنه شيئًا، فقال له: ليس لي إلا أن أشكوك إلى الله؛ فإن الإنسان إذا ظلمه شخص عادي، شكاه إلى الحاكم، فإذا ظلمه الحاكم نفسه لم يكن له إلا أن يشكو إلى الله!
وهنا قال له السادات: لا تشكني إليه، فإني أخافه سبحانه، وأعرف قدره، ولا قِبَل لي به جلَّ جلاله!
قال التلمساني: ولكني أشكوك إلى ربَّ عادل، لا يظلم مثقال ذرة، ولا يخاف أحد عنده ظلمًا ولا هضمًا!
قال السادات: ومع ذلك أنا أخافه ولا أدعي العصمة.
زيارة التلمساني لي في قطر:
وقد سعدت بزيارته لنا في قطر، واستقباله في منزلي، أول ما تولَّى منصبه، وقد التقى عددًا من الإخوان الذي يعملون في قطر، وإن كان منهم من لم يعد له صلة بالتنظيم الإخواني، بل هو من الإخوان بحكم النشأة والولاء، وأذكر من الموجودين: عبد البديع صقر، وعز الدين إبراهيم، وكمال ناجي، وعلي جمّاز، وعبد اللطيف زايد، وآخرين.
وكان الأستاذ عمر الأميري بالدوحة، فالتقى العُمران رحمه الله.
لقاءاتي المتكررة بالتلمساني:
ولقيته أكثر من مرة في اجتماعات مجلس الشورى العالمي، أيام البحبحة، والسماح لقادة الإخوان بالسفر إلى الخارج، كما التقيته في القاهرة في دار الإخوان بالتوفيقية، وفي أحفال كبيرة يقيمها الإخوان بمناسبات شتى كالمولد النبوي، والهجرة النبوية، وغيرها.
وحين قرر إعادة إصدار «مجلة الدعوة» الشهرية، رأس تحريرها، ودعاني إلى الكتابة فيها، فكتبت فيها عدّة مقالات عن شمول الإسلام، وعن الجهاد، وعن شرح بعض الأصول العشرين، كما نشرت فيها كتابي «ثقافة الداعية» على حلقات...
وقد انتشرت الدعوة في عهده في مصر وفي خارج مصر، فقد أثبت الواقع الذي تعيشه الأمة أنه لا خلاص لها إلا بالعودة إلى الإسلام الحقيقي، بتوازنه وتكامله وتسامحه، وأن دعوة الإخوان هي أقرب الدعوات المعروضة في الساحة إلى الإسلام الحق، وإلى المنهج الوسط الذي لا ينحاز إلى اليمين أو اليسار، ولا يميل إلى الإفراط أو التفريط.
وكان معتدًّا بقيادة الإمام حسن البنا مؤسّس الجماعة ويسميه «الملهَم الموهوب».