وفاة الأستاذ عمر التلمساني (تابع)....
إيثاره السهولة والسماحة:
كان يؤثر السهولة والسماحة في كل شيء، ولا يميل إلى التفلسف والتنظير وما إلى ذلك من تعقيدات أهل الفكر، ومُجادلي التيارات المخالفة.
قيل له يومًا: لا بدّ لنا من خطة إستراتيجية، تستلهم الماضي، وتعايش الحاضر، وتستشرف المستقبل.
فقال: لا أرى أن الدعوة إلى الله تحتاج إلى هذا كله، هل يحتاج قولك للناس: اتقوا الله واعملوا بإسلامكم إلى إستراتيجية وخطة مستقبلية... إلخ؟!
قلت له: يا فضيلة الأستاذ نحن لسنا مجرَّد وعَّاظ نذكر الناس بالله، والدار الآخرة، نحن مع ذلك دعاة إصلاح للأمة، وتجديد للدين، ولنا أهداف كبيرة، نريد الوصول إليها، وهذه الأهداف تحتاج إلى وسائل متنوِّعة وإلى مراحل محددة، تسلم كل مرحلة إلى الأخرى... كما علينا أن نحدِّد المفاهيم التي تلتبس على الناس، ونرد الشبهات التي يثيرها خصوم الإسلام، ونضع المفاهيم العلمية والدعوية والتربوية وغيرها اللازمة للنهوض بالأمة، والسير بالجماعة إلى الطريق الأقوم، والسبيل الأوضح،
وهنا قال: أدعو الله يا شيخ يوسف أن يوفقكم فيما تصبون إليه.
محاولة إقناعي بتوليَّ منصب المرشد العام:
ومما أذكره هنا: أن فئة من الإخوان القدامى -حين مرض الأستاذ التلمساني ودخل المستشفى- اجتمعوا في بيت أحدهم وأظنه بيت القيادي الإخواني الكبير الأستاذ فريد عبد الخالق، وقرروا أمرًا، ثم أرسلوا بعضهم ليعلموني به، وكنت في القاهرة يومئذ، ولا أذكر من هؤلاء الإخوة الذين زاروني في بيتي في مدينة نصر، إلا الأخ الكريم القديم الذي أصابه ما أصابه من بلاء في سبيل الدعوة، وهو الناشر الإسلامي المعروف الحاج وهبة حسن وهبة صاحب «مكتبة وهبة» الشهيرة رحمه الله، وكان الذي قرَّروه أن أقبل تولي منصب المرشد العام بعد الأستاذ التلمساني، وأن عليهم هم أن يقنعوا الإخوان بذلك، وإن كانوا يعتقدون أن القواعد الإخوانية كلها ترحّب بذلك.