ملتقى الفكر الإسلامي العشرون 1986م في مدينة «سطيف» عن الإسلام والعلوم الإنسانية (تابع)
السفر لحضور الملتقى وما حدث فيه من مفاجآت:
حرصت على حضور ملتقى الفكر الإسلامي العشرين المقرَّر عقده في مدينة سطيف بالجزائر، وكان موعده في الصيف كما هو المعتاد.
ولا أدري: لماذا لم أحجز لنفسي مبكرًا من القاهرة - التي أقيم فيها في الصيف عادة - على الطائرة الجزائرية، فقد تسبَّب تأخّري في الحجز: أني لم أجد لي مقعدا في الطائرة الجزائرية في الوقت المطلوب، ومما يؤسف له أن المواصلات -في ذلك الوقت- بين المشرق العربي والمغرب العربي بصفة عامة، لم تكن كافية، ولا مؤدية للغرض، فكل مابين القاهرة والجزائر رحلات أسبوعية قليلة، ليست في كل الأيام، وإذا أردنا الوصول إلى الجزائر في غير ذلك، فلا بد أن يكون عن طريق أوربا، هذا ما بين القاهرة والجزائر، أما مابين قطر والجزائر، أو بلاد الخليج والجزائر، فلا يوجد طريق مباشر قط، على خلاف ماعليه الحال اليوم.
محاولة الوصول إلى الجزائر عن طريق جنيف بسويسرا:
وعلى هذا، بدأت أفكر في الوصول إلى الجزائر عن طريق أوربا، وقد وجدت رحلة عن طريق جنيف بسويسرا، أمتطي الطائرة المصرية التي تقوم في الصباح، لتصل إلى جنيف، ومن جنيف أركب الطائرة السويسرية إلى الجزائر، فأصل الجزائر قبل المغرب بساعتين أو أكثر.
وقد أرسلت إلى الإخوة المسؤولين عن الملتقى في الجزائر بموعد وصولي والطائرة التي سأصل عليها ورقم الرحلة، وما إلى ذلك، وهيَّؤوا أنفسهم؛ لاستقبالي
وفي اليوم المحدّد، ذهبت إلى مطار القاهرة متوكلًا على الله، وركبت الطائرة المصرية المتجهة إلى جنيف، وقالوا لنا: اربطوا الأحزمة، وتهيؤوا لإقلاع الطائرة، ودعونا بأدعية السفر المأثورة، واستعددنا للإقلاع. ولكن الطائرة لم تقلع. حدثت فترة من الصمت، ثم تأسفوا وطلبوا منا النزول، لخلل فني بالطائرة، سيتم إصلاحه عن قريب، ونزلت مع من نزل، وأنا في قلق يتزايد لحظة بعد أخرى، وبدأ «قلبي يأكلني»، كما يعبّر المصريون عن حالة القلق، ولا أدري كيف يأكل القلب صاحبه!
إذا تأخرت الطائرة ساعة أو ساعتين فلا حرج، يمكنني أن أدرك الطائرة بجنيف، أما أكثر من ذلك، فقد ضاعت الرحلة، وهيهات أن أعوضها.
قلت ذلك لمدير المحطة المصرية بالمطار، وقلت له: إذا تأخّرت الطائرة سأقع في مشكلة لا حل لها قال: سنجتهد في إصلاح الطائرة بأقصى سرعة.
ومرت ساعتان وأكثر، ولم تصلح الطائرة، وهنا ثرت على مسؤولي الطائرة المصرية، قلت لهم: ماذا أفعل الآن، وأنا ذاهب إلى الجزائر؟ إذا فاتتني الطائرة السويسرية الذاهبة إلى الجزائر، فقد فقدت أي ضمان لوصولي إلى الجزائر، ونحن في فصل الصيف والطائرات مليئة بركابها، ومن المتعسِّر - بل من المتعذر - أن تجد مكانًا في طائرة. وأُسقط في يدي الرجل، وعجز عن عمل أي شيء ... ولما علا صوتي واشتدّ احتجاجي، أوصلني إلى رئيسه الذي اعتذر لي بلطف، وحاول أن يهدئ من ثائرتي، ويقول: سنفعل كل ما في وسعنا لراحتك، وللأسف لم يستطيعوا أن يفعلوا شيئًا، كل الطائرات المسافرة إلى أوربا قد أقلعت، وحتى لو وجدنا طائرة متجهة إلى أوربا، كيف أصل من أوربا إلى الجزائر؟.