ملتقى الفكر الإسلامي العشرون 1986م في مدينة «سطيف» عن الإسلام والعلوم الإنسانية (تابع):
هجوم رشيد بن عيسى على المذاهب السنّية ومعتقداتها:
وجدت رشيد بن عيسى لا يقف عند حدَّ الإعجاب بالثورة وإمامها ومنجزاتها، ولكنه تعدى ذلك إلى الإعجاب بالمذهب الشيعي، وليته وقف عند ذلك، بل شن هجومًا قاسيًا على المذاهب السنية ومعتقداتها وأئمتها، هذا ما سمعته بأذني، ولمسته بيدي في هذه الرحلة.
ولأبدأ القصة من أولها:
حين التقينا تصافحنا وتعانقنا، ورحَّب بي ورحَّبت به، وما أن انتهيت من أدعية السفر، واستعذنا بالله من وعثاء السفر وكآبة المنظر، وسوء المنقلب في المال والأهل والولد، وسألنا الله أن يكتب لنا في سفرنا هذا البرَّ والتقوى ومن العمل ما يرضي: حتى بدأ الأخ ابن عيسى في تسويق فكره الجديد، أو الدعوة إلى مذهبه الجديد، وكأنما كان يحسبني صيدًا سهلًا، يلقي علي شباكه، فإذا أنا حبيس داخلها!
بدأ حديثه معي بقوله: أترى هذه «التعليقة» المعلقة أمام السائق؟ قلت: نعم أراها، قال: ما تعليقك عليها؟ قلت: إنها في اعتقاد العوام «تعويذة» تقيهم من «العين» عين الحاسدين، ويسمُّونها في مصر «خمسة وخميسة»، لأنها تشير إلى خمسة أصابع. وكأنهم يقولون هذه الأصابع الخمسة في عين الحسود!
قال: أما أنا فأرى أنها تشير إلى الخمسة «أصحاب الكساء»، وهم الرسول وعلي وفاطمة والحسن والحسين،
قلت: ما أظن هذا خطر ببال الذين وضعوا هذه التعاويذ وأمثالها مما في السيارات، فمنهم من يعلق مسبحة، ومنهم من يعلق آية قرآنية، كآية الكرسي، ومنهم من يعلق بعض الأذكار، مثل: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، وهي الباقيات الصالحات.
قال: هؤلاء الخمسة هم الذين نزل فيهم قوله تعالى: {إِنَّمَا يُرِيدُ ٱللَّهُ لِيُذۡهِبَ عَنكُمُ ٱلرِّجۡسَ أَهۡلَ ٱلۡبَيۡتِ وَيُطَهِّرَكُمۡ تَطۡهِيرٗا} [الأحزاب: 33].
سياق آية {إِنَّمَا يُرِيدُ ٱللَّهُ لِيُذۡهِبَ عَنكُمُ ٱلرِّجۡسَ} :
قلت: هؤلاء الخمسة على عيني ورأسي، وإن حبهم من دلائل الإيمان، وبغضهم من دلائل النفاق، وإني أتقرَّب إلى الله بحبهم جميعًا ... ولكن الآية لم تنزل فيهم، ومن قرأ الآية وتدبَّرها في ضَوء سياقها وما لحقها: يستيقن أنها في نساء النبي صلى الله عليه وسلم، فكل الآيات قبلها خطاب لنساء النبي: {يَٰنِسَآءَ ٱلنَّبِيِّ مَن يَأۡتِ مِنكُنَّ بِفَٰحِشَةٖ مُّبَيِّنَةٖ يُضَٰعَفۡ لَهَا ٱلۡعَذَابُ ضِعۡفَيۡنِۚ وَكَانَ ذَٰلِكَ عَلَى ٱللَّهِ يَسِيرٗا * وَمَن يَقۡنُتۡ مِنكُنَّ لِلَّهِ وَرَسُولِهِۦ وَتَعۡمَلۡ صَٰلِحٗا نُّؤۡتِهَآ أَجۡرَهَا مَرَّتَيۡنِ وَأَعۡتَدۡنَا لَهَا رِزۡقٗا كَرِيمٗا * يَٰنِسَآءَ ٱلنَّبِيِّ لَسۡتُنَّ كَأَحَدٖ مِّنَ ٱلنِّسَآءِ إِنِ ٱتَّقَيۡتُنَّۚ فَلَا تَخۡضَعۡنَ بِٱلۡقَوۡلِ فَيَطۡمَعَ ٱلَّذِي فِي قَلۡبِهِۦ مَرَضٞ وَقُلۡنَ قَوۡلٗا مَّعۡرُوفٗا * وَقَرۡنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجۡنَ تَبَرُّجَ ٱلۡجَٰهِلِيَّةِ ٱلۡأُولَىٰۖ وَأَقِمۡنَ ٱلصَّلَوٰةَ وَءَاتِينَ ٱلزَّكَوٰةَ وَأَطِعۡنَ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥٓۚ إِنَّمَا يُرِيدُ ٱللَّهُ لِيُذۡهِبَ عَنكُمُ ٱلرِّجۡسَ أَهۡلَ ٱلۡبَيۡتِ وَيُطَهِّرَكُمۡ تَطۡهِيرٗا} [الأحزاب: 30 - 33]، فهذا لا شك في أنه خطاب لنساء النبي، يؤكده بقية السياق، وهو قوله، تعالى: {وَٱذۡكُرۡنَ مَا يُتۡلَىٰ فِي بُيُوتِكُنَّ مِنۡ ءَايَٰتِ ٱللَّهِ وَٱلۡحِكۡمَةِۚ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ لَطِيفًا خَبِيرًا}[الأحزاب: 34]. وقد كان عكرمة مولى ابن عباس يقول: من شاء باهلته: أنها في نساء النبي، وليس كما يقولون!.