بات جمع البطاقات وتسجيلها لدى حزب الإنصاف الشغل الشاغل لقادة ونشطاء الحزب، في واحدة من أحدث المعارك السياسية التي تشغل الحزب الحاكم في موريتانيا بين الحين والآخر
ووفق معلومات خاصة لموقع الفكر فقد تجاوز عدد البطاقات المسجلة لحد الآن عشرات الآلاف موزعة على مئات النشطاء السياسيين الذين برعوا في جمعها طوال الأسابيع الماضية.
ويأتي جمع هذا الكم الكبير من البطاقات تلبية لقرار سياسي اتخذه حزب الإنصاف من أجل تحديد الأوزان السياسية والمكانة الشعبية لدى التيارات المنضوية تحته والتي تقدر بالعشرات، وكذا المبادرات والأحلاف التي تجاوز عددها المئات.
ويقود حملة التأطير لجمع البطاقات مسؤول الملف السياسي في الحزب السيد المختار ولد أجاي الذي يرأس هو الآخر أحد الأحلاف القوية والمهمة في ولاية البراكنة، ويدير أيضا حلفا وطنيا يحمل اسم تيار متحدون
عواصم العمال ..مدن التحدي أمام حزب الإنصاف
تؤكد المصادر المتعددة أن حزب الإنصاف يشعر بعمق التحدي الانتخابي في أغلب المدن ذات الكثافة العمالية، وخصوصا تلك التي فقدت الهوية القبلية أو الجهوية الخاصة.
ويتعلق الأمر أساسا بولايات نواكشوط الثلاث، ومدن انواذيبو، وكيهيدي، وروصو، وازويرات.
وتمثل هذه المدن بوابات تجارية ومدن عمال، حيث ينشط فيها عشرات الآلاف من الكادحين الذين لا يرتبطون بانتماء دقيق
إلى حواضن اجتماعية معينة، كما تنشط فيها أجيال شبابيىة متعددة تحمل روح الرفض والمعارضة التلقائية.
وإضافة إلى ذلك تمثل هذه الدوائر أيضا حدائق خلفية لمختلف أحزاب وقوى المعارضة، التي تنشط دائما في المدن، بينما يخفت صوتها كلما توجهت إلى أعماق الداخل
ولمواجهة هذا التحدي يعمل حزب الإنصاف وفق مسارات متعددة منها:
تشجيع التحالفات والتكامل بين التيارات المنضوية تحته من أجل مواجهة حالة التشظي الجماهيري التي يعيشها الحزب منذ فترة.
تحديد الأوزان السياسية للقوى والتيارات وذلك وفق تطبيق إلكتروني مستحدث لهذا الغرض، وبعد اكتمال فترة التسجيل سيتم ترتيب القوى السياسية في هذه الدوائر وفق ترتيب الكم الذي تمكنت من تسجيله.
اعتماد الأوزان السياسية معيارا للترشيح في هذه الدوائر، وفي بقية "الإكراميات" التي يتوقع أن تعوض عدم الترشيح
ويعمل على التطبيق فريق كبير من قيادات الحزب وخبرائه الفنيين، وأثار إطلاقه حمى غير مسبوقة لدى قيادات الإنصاف في جمع بطاقات التعريف، إضافة إلى انتعاش سوق المتاجرة بها في الدوائر المذكورة.
ووفق تصريحات منسوبة إلى المشرف على هذا التطبيق المختار ولد أجاي فإن مهمة النشطاء الإنصافيين ينبغي أن لا تتوقف عند جمع البطاقات وتسجيلها، بل يجب أن تتوجه إلى تسجيل المناضلين في أماكن مناسبة لهم، ومتابعة مسارهم السياسي إلى حين التأكد من تصويتهم لحزب الإنصاف، ووضعهم أيضا في ظروف ملائمة تمكنهم من الوفاء بالتصويت للحزب.
مخاوف من التأثير السلبي
وأثار هذا السباق "البطاقاتي" مخاوف لدى كثير من قيادات الحزب من لجوء بعض أطرافه إلى شراء بطاقات التعريف وتعبئتها وإقامة أوزان سياسية هشة وغير قابلة للاستمرار، وصناعة زعامات وهمية لا تتوفر على القدر الكافي من المصداقية الجماهيرية أو القبول لدى السلطة.
كما أن ضيق الأجل المحدد لتسجيل البطاقات قد يمنع بعض القادة السياسيين والرموز المجتمعيين من تعبئة أنصارهم، فيما يقول آخرون إن قوى سياسية داخل الإنصاف استعدت منذ فترة بجمع أكبر عدد ممكن من البطاقات، واحتجازها انتظارا لمعركة "يوم التطبيق"
وقد بدأت بعض هذه المخاوف تظهر فعليا من خلال احتدام التنافس بين مختلف النشطاء والفعاليات السياسية في حزب الإنصاف، بعد فترة وجيزة من إقرار توجهات جديدة بالتكامل والعمل المشترك، وترميم ثغرات الخلاف داخل الحزب، وهي المهمة الصعبة التي يسعى رئيسه محمد ماء العينين ولد أييه إلى النجاح فيها.
ومن بين المخاوف التي يثيرها نشطاء في الإنصاف، إمكانية تسجيل هذه البطاقات في غياب المعنيين بها على اللائحة الانتخابية، مما قد يعني تهجير بعض الناخبين إلى مناطق لا تلائمهم وتضخيم دوائر اخرى عبر مضاعفة عدد المسجلين فيها