كنت في أول الأمر لا أعرف وجه الحاجة إلى مثل هذا البيان، الذي يلحُّ عليه الوزير، ثم عرفت بعد ذلك من سياق الأحداث: أن هذا البيان يقصد به الرد على ما جاء في شهادة العالم الداعية الشهير، والبرلماني المصري المعروف: الشيخ صلاح أبو إسماعيل رحمه الله، أعني: شهادته في المحكمة التي زلزلت الحكومة زلزالًا، والتي اتَّهمها فيها بالكفر والفسق والظلم، وفقًا لما جاء به القرآن في سورة المائدة: {وَمَنْ لَّمۡ يَحۡكُم بِمَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ فَأُوْلَٰٓئِكَ هُمُ ٱلۡكَٰفِرُونَ} [المائدة: 44] {وَمَن لَّمۡ يَحۡكُم بِمَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ فَأُوْلَٰٓئِكَ هُمُ ٱلظَّٰلِمُونَ} [المائدة: 45] {وَمَن لَّمۡ يَحۡكُم بِمَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ فَأُوْلَٰٓئِكَ هُمُ ٱلۡفَٰسِقُونَ} [المائدة: 47].
وكان في هذا البيان أجزاء وصيغ متَّفق عليها، ولا مانع من تمريرها، وأجزاء أخرى تقف في الحلق، وفيها وقع الخلاف.
اعتذاري عن التوقيع على البيان:
ولا أذكر تفاصيل ذلك، ولكن الذي أذكره: أنهم طلبوا مني أن أوقِّع، فلم أفعل، واعتذرت عن ذلك. وعجلت بسفري، قافلًا إلى الدوحة.
ولكنهم حين أصدروا البيان ذكروا اسمي مع الموقعين، وأنا كنت مع الحاضرين والمناقشين، ولكن لم أكن من الموقعين، وهذا ما اضطرني إلى أن أحرِّر بيانًا نشرته صحيفة «الشعب» لسان حزب العمل، أبيِّن فيه حقيقة موقفي، كما وقع.
أما الذين وقّعوا البيان، فقد ذهبوا - أو ذهب بهم - إلى الجامع الأزهر، ليعقدوا مؤتمرًا فيه، وتكلم فيه كل من الشيخ الشعراوي، والشيخ الغزالي، والشيخ محمد الطيب النجار، كلٌّ بما عنّ له في وقته، وإن تفاوتت مستويات كلماتهم في القرب والبعد مما أرادته الحكومة أو وزيرها.
ولكن الشيخ الغزالي استدرك على هذا المؤتمر ببيان نشره أيضًا في جريدة «الشعب» يوضِّح فيه موقفه، ويزيل ما في الموضوع من غبش وتلبيس، واستغلال كلامه أو موقفه لخدمة هدف لم يقصد إليه. وإنما لكل امرئ ما نوى.