كيف نفهم الإسلام الحلقة (38) ونعمل به مع اتباعنا لديمقراطية الغرب المقال.(2)/ محمدّو بن البار

في المقال الأول بالعنوان أعلاه كنت قد ناقشت مع أخينا المسلم خاصة وحدة خلق الإنسان كله، وقد خلقه جميعا في أحسن تقويم وفضله علي المخلوقات كلها بأن أعطاه الله عقلا يميزه بالفكر والقول والفعل عند فعلها  – إلا أن المولي عز وجل بعد خلقه لهذا الفكر جعل علي قلب كل من لا يرجو لقاءه ولا يعمل بأوامره للخوف  منه  --جعل علي تلك القلوب أقفالا لا تترك الهداية للخير تتسرب اليها ومن هنا رأينا أن الله اختار المسلمين من بين البشرية بأن من الله عليهم من بينها بعدم وضع الأقفال علي قلوبهم بل هداهم إلي أن يقولوا :{{ربنا إننا سمعنا مناديا ينادي للإيمان أن آمنوا بربكم فئامنا}} إلي آخر الآية.

وبهذا القول الذي يميز المسلم عن غيره يتضح أنه بالضرورة سوف يتميز عملهما في الدنيا لتميز مصيرهم في الآخرة.

ونظرا لذلك فأنا أناقش مع أخي المسلم خاصة كيف نتيقن ساعة خروجنا من هذه الدنيا أننا خرجناها مسلمين.

ولا يمكن لأي مسلم عاقل أن يتيقن ذلك أو يظنه كما هو تعبير القرآن {{قال الذين يظنون أنهم ملاقو الله }}– إلا إذا نظر إلي نوع فكره وقوله وعمله، وعندما ينظر اليها فسيجدها كلها تحت مراقبة الله بنص القرآن.

ففي الفكر يقول تعالي :{{ولقد خلقنا الإنسان ونعلم ما توسوس به نفسه}} وفي القول يقول :{{ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد}}، وفي الفعل يقول {{ولا تعملون من عمل إلا كنا عليكم شهودا إذ تفيضون فيه}}.

وبناء علي ذلك فلا أظن أنه يبقي عند مسلم شك في  مراقبة كل ما يصدرعنه عن طريق تعامله مع الحياة، وكل مسلم يدرك كيفية رقابة الله عليه وما  المراد بهذه المراقبة وكيف تقع وما هي نتيجتها علي الإنسان كل الإنسان.

فمراقبة كل نشاط مع علم المسلم أن الله يعلمه قبل أن يكون ذلك النشاط يقول تعالي :{{مااصاب من مصيبة فى الارض ولافى انفسكم الا فى كتاب من قبل ان نبراها.بما فى ذلك

الفكر والقول والفعل فى الاسلام السياسى والاقتصادي والاجتماعى

والثقافى بحد سواء الى اخر ما يصدر من اي انسان ولاصدور الا   باحد الانشطة الاجتماعي والثقافي إلي آخر ميادين الحياة بدون استثناء، لأن جميع هذه الميادين لا يمكن مزاولتها بدون التفكير أو القول أو الفعل.

وهذا النشاط المستغرق لحياة الإنسان هو الذي عبر القرآن في نصوصه أنه جعل علي كل إنسان ملائكة حفظة يقول تعالى وهو القاهر فوق عباده ويرسل عليكم  حفظة حتى إذا جاء أحدكم  الموت توفته رسلنا وهم لا يفرطون}}.

اذا فإن الآيات في القرآن دائما تعبر عن أنواع هذه المراقبة بأدوات الحصر البلاغي في اللغة العربية وهو النفي والاستثناءالحصري ب"إلا".

ففي التفكير يأتي بأداة الشرط المحصور في جوابه يقول تعالي:{{إن تبدوا ما فى أنفسكم أو تخفوه يحاسبكم به الله}} إلي آخر الآية، ويقول في القول :{{ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد}}، ويقول في الفعل {{ولا تعملون من عمل إلا كنا عليكم شهودا إذا تفيضون فيه}} فهل هذه العبارات خصت ذكر الإيمان والاسلام والإحسان بمراقبة الله عليها أو بعبارة اخري ذكرت الإسلام التعبدي الصلاة والصوم والحج إلي آخره وحدها

فما دام المسلم يعترف بصدق الآيات القرآنية فلماذا أعطي تسمية خاصة للإسلام السياسي دون الميادين الأخرى.

فمثلا عندما يقول الله في الإسلام الاقتصادي :{{وما آتيتم من ربا لتربوا في أموال الناس فلا يربو عند الله}} إلي آخر الآية أو قال {{ولا تسأموا أن تكتبوه صغيرا أو كبير (أي الدين أو أي معاملة) إلي أجله}} إلي قوله تعالي {{إلا أن تكون تجارة حاضرة تديرونها بينكم فليس عليكم جناح ألا تكتبوها وأشهدوا إذا تبايعتم}}

فما هو معني مفهوم المخالفة في عدم الجناح في كتابة التجارة المتبادلة ساعة المبايعة، فمعناه الحرج وهو المؤاخذة علي عدم كتابة المعاملة المؤخرة مع اجزاء البيع فيها.

ومن يعنيه قوله تعالي في الإسلام القضائي :{{يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين لله شهداء بالقسط ولا يجرمنكم شنآن قوم علي ألا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوي}} إلي آخر الآية، فهل الخطاب هنا بيا أيها الذين آمنوا لا تعني إلا من ينشطون في الإسلام السياسي وما ذا يعني قوله تعالي في الإسلام الاجتماعي :{{يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثي وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم}} إلي آخر الآية.

وفي الإسلام بين العدل بين المواطنين {{يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم القصاص في القتلي}} ما الفرق بين كتب عليكم القصاص وكتب عليكم الصيام ومن المخاطب هنا بقوله تعالي "يا أيها الذين آمنوا"، وما معني قوله صلي الله عليه وسلم في النشاط في أي حياة اجتماعية ((ما اجتمع قوم في مجلس لا يذكرون الله فيه إلا قاموا عن مثل جيفة حمار))، فهل يظن عاقل أن اجتماعات مجلس الوزراء ومجلس النواب إلي آخر الاجتماعات إذا تفرق أهلها دون ذكرالله أنهم لم  يقومو عن جيفة حمار، فإن لم يعتقدوها فإنهم سوف يشمون رائحتها في السجل المكتوب رقمه في عنق كل واحد منهم والمحفوظ نصه في كتاب عند الله لا يضل ربي ولا ينسي.

وهذا الكتاب سوف يقرأه صاحبه وفيه كل فكر وقول وفعل صدر من الإنسان مسلم أو غير مسلم، وبناء علي وجوب الإيمان بهذا كله فمن أين جاءومسلموناهنا وفي البلاد الإسلامية كلها بكلمة "الإسلام السياسي

دون الاسلام فى الميادين الاخري. وأنبه هنا أن كتابة بعض الأحزاب في وثائقه وقوله في خطبه أن مرجعيته إسلامية لا معني لها في الإسلام، فالمرجعية ألا يفعل المسلم أو الحزب عملا إلا طبقا لحكم الله في ذلك الفعل ولا يسكت عن أمر بمعروف أو نهي عن منكر فالله يقول في هذا الصدد :{{فلما نسوا ما ذكروا به أنجينا الذين ينهون عن السوء }} إلي آخر الآية ولم يقل أنجينا من كتب أن مرجعيته إسلامية فذلك يفسره قوله تعالي : {{فاستقم كما أمرت ومن تاب معك}} إلي آخر الآية

والى المقال الموالى فى نفس الموضوع باذن الله.