كان من أهم ما وقع لي في هذه الندوة: ما دار بيني وبين د. فهد الفانك من حوار، والدكتور الفانك من مثقفي الأردن المشهورين، وهو نصراني الديانة، قومي الاتجاه، تحرّري النزعة.
وقد خلا بي في إحدى الاستراحات مرحِّبًا بي، ثم قال: لقد كان لهذه الندوة ثمرات كثيرة لمسناها.
قلت ضاحكًا: منها؟
قال: منها: أننا عرفناك على حقيقتك، وغيّرنا فكرتنا عنك تمامًا.
قلت: وماذا كانت فكرتكم عني؟
قال: بصراحة، كنا نعتقد أنك شيخ متشدِّد متعصِّب، ضيِّق الأفق، غريق في التراث، لا تعرف العصر وتياراته، لا تقبل التعايش مع المخالفين من أصحاب الديانات أو المذاهب أو الاتجاهات الأخرى.
قلت: يا دكتور، هل قرأتم شيئًا من كتبي؟
قال: في الحقيقة، لا.
قلت: هل سمعتم شيئًا من محاضراتي أو خطبي؟
قال: في الحقيقة أيضًا، لا.
قلت: هل تابعتم بعض برامجي في الإذاعة أو التلفزيون؟
قال: في الحقيقة كذلك، لا.
قلت: فمن أين كونتم فكرتك عني؟
قال: لا أكذب عليك، إنما كوناها بالتسامع والتناقل من بعض الناس لبعض، وهو منهج غير سليم بلا شك.
قلت: والآن؟
قال: أصدقك القول يا شيخ يوسف: أننا غيرنا فكرتنا عنك 180درجة.
ولهذا أنصحك أن تحرص على حضور مثل هذه الندوات التي لا تقتصر على الإسلاميين وحدهم، والتي يراك فيها المخالفون من ذوي الاتجاهات المختلفة، ويعرفونك عن كثب، ويسمعون منك مباشرة، ويتحدثون معك وجهًا لوجه.
قلت: صدقت، والحديث الشريف يقول: «ليس الخبر كالعيان»، والشاعر العربي يقول:
يا بن الكرام، ألا تدنو فتبصر ما ** قد حدثوك، فما راء كمن سمعا!
كتاب «الصحوة الإسلامية وهموم الوطن العربي والإسلامي»:
وقد نشرت البحث الذي أعددته للندوة في كتاب تحت عنوان «الصحوة الإسلامية وهموم الوطن العربي والإسلامي» أضفت كلمة «الإسلامي» إلى «العربي» بناءً على أن لا تناقض بين العروبة والإسلام، وعلى أن هموم الوطن العربي عمومًا هي في الواقع هموم الوطن الإسلامي في الجملة.