بسم الله الرحمن الرحيم
هذا الموضوع الاخير مكتوب دائما بناءعلى صحة قوله صلي الله عليه وسلم لتتبعن سنن الذين من قبلكم إلي آخر الحديث في المقال أعلاه.
ولارتباط المقال مع الحديث أصبح لابد من تفسير العنوان الاستفهامى لنجيب علي ما يدور في ذهن القارئ الكريم.
فمن المعلوم أن الحديث يعني تحذيرات من سلوك من قبلنا من الديانات في جميع سلوكياتهم ومنها جميع الميادين السياسية والاقتصادية والاجتماعية ألى آخره.
فالحديث ذكر ما سيؤول إليه أمرنا بالقضاء والقدر في سلوكنا وأنه اتباع كامل لليهود والنصارى.
وقد وصل تشبيه هذا الاتباع منا إلى فعلنا في بيوتنا وفي جميع مظاهر حياتنا بأداة المبالغة في الحديث حتى لو دخلوا جحر ضب لدخلتموه.
وبما أن عقائدنا وشعائرنا الدينية ما زلنا نعمل بها مقرونة بعملنا في الميادين الأخرى طبقا لعملهم في هذه الميادين فقد وجب علينا طرح هذا السؤال كيف نفهم الإسلام مع اتباعنا لديمقراطية الغرب؟.
ومعلوم أن السؤال كيف نفهم الإسلام بمعنى كيف نحافظ على تمسكنا بالإسلام والعمل بشعائره بالإضافة إلى عملنا هذا الآخر الموصوف بالحديث وكما نراه هو عمل اليهود والنصارى والله يقول لنا في القرآن [[ وهو الذي أنزل عليكم الكتاب مفصلا ]] [[ والذين آتيناهم الكتاب يعلمون أنه منزل من ربك بالحق ]] [[ قد فصلنا الآيات لقوم يؤمنون ]]، تتابع هذه الآيات وتفصيلها لما يريد الله أن يفهمه المسلمون مقصود، فالذي عندنا من تفصيل القرآن لجميع حركاتنا وسكناتنا مفصل في القرآن، وأهل الكتاب يعلمون أنه حق، ونحن تركنا ما هو حق عند الجميع وعملنا بما هو باطل عند الله وحذر منه النبي صلي الله عليه وسلم في الحديث أعلاه، فالله يقول :[[ يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض]] ويقول في الحديث القدسي (( أنا أغني الشركاء عن الشرك فمن عمل عملا أشرك فيه معي غيري تركته وشركه)) ومن تركه الله كيف يزعم أنه متمسك بدينه.
فمن قرأ القرآن يدرك بديهة أن الله لم يقتصر في هذه المعجزة المحفوظة على إيضاح ما يتعلق بالشعائر التعبدية ذات التوقيت بالزمان والمكان المحدد بل لم يترك قولا ولا فعلا لأي إنسان إلا وسيحده مكتوبا ومعه نية الفعل والقول يقول تعالي: [[ إن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه يحاسبكم به الله فيغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء]] والمغفرة والعذاب معلوم أن سببهما الامتثال أو عدمه.
والان سنذكر نماذجا من أوامر الله التي جاءتنا مفصلة في المواضيع ولم نمتثلها بل تتبعنا فيها سنن من قبلنا.
فأول هذه المواضيع الأحكام الشرعية في الجنايات فيما بيننا، هذه الأحكام أنزلها الله على رسوله صلي الله عليه وسلم وبلغها كما نعلم جميعا، وحفظها الله لنا كما هي فلم يرفعها إليه ولم ينسخ مضمونها _ ونحن عندما تركنا العمل بها نهائيا لم نستطع حذفها من القرآن حتى ولا ترك قراءتها وحفظها كما هي إمعانا في تعمد ترك العمل بها.
فمن قرأ [[ يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم القصاص في القتلي ]] إلي آخر تفصيل القصاص في كل جارحة وكذلك من قرأ آيات الجنايات الأخرى وهو مؤمن ومع ذلك فلم ير للعمل بها أي فعل ولا عزم ولا حتى رضي بنزولها.
فمن قرأ قوله تعالي: [[ وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضي الله ورسوله أمرا أن تكون لهم الخيرة من أمرهم]] عليه أن يتفطن لقوله تعالي:[[ قضي الله ورسوله أمرا]] فالله يأمر والرسول يبلغ ويبين.
فهل جاءنا أمر في شأن العقوبات يقول تعالي:[[ الزانية والزاني فاجلدوا]] ، [[ والسارق والسارقة فاقطعوا]] فهل بعد هذه الآيات من وضوح الأمر لامتثاله عندما نري أننا استبدلناها نهاية بغيرها اتباعا لسنن من قبلنا شبرا بشبر بمعني أن كثيرا ممن قبلنا ما زالوا يقومون بالإعدام في الخيانة العظمي أو بعبارة أخري في جرائم السياسة واقتصروا عقوبتهم في ما سواها علي مجرد السجن، وبنفس الاجراء اتبعنا من قبلنا فما زلنا نحكم بالإعدام في السياسة ولكن حدود الله بيننا اقتصرناها علي السجن، وفي نفس الوقت لم تتغير فكرتنا لتكييف نوع إسلامنا.
فالمعلوم أن المسلم هو الذي إيمانه وإسلامه وإحسانه يرضي عنهم الله، والايمان والاسلام والإحسان عمل مادي وفي داخل ماهيته كالنفس والروح له: نية امتثال جميع أوامر الله.
فإذا جاء المسلم الى ا لله بهذه الشعائر المصحوبة أصلا بعمل كل ما أمر الله به ولم يمتثلها في أي ميدان فسيصطدم بقوله تعالي :[[ أفتؤمنون ببعض الكتاب وتكفرون ببعض]] إلي آخر الآية.
وسوف بإذن الله نتطرق إلي الآيات القرآنية وأوامرها في الميدان الاقتصادي والاجتماعي والثقافي إلي آخر ما تتبعنا فيه سنن من قبلنا مع تمسكنا بأننا مسلمين.
، فمع أن عنوان المقال مجرد استفهام، فأرجو من كل من يري لنا مخرجا بنجاتنا أمام الله مع علمنا بهذه الثنائية في أوامر الله نعمل ببعضها ونتبع غير المسلمين في بعضها، فليتفضل مشكورا علي كتابة مرجعه لما يطمئن إليه القلب علي نفسه بعد موته من عدم غضب ربه.
وإلي المقال القادم في الموضوع بإذن الله.