دعانا السفير المصري في «بون» إلى منزله على عشاء، دعا فيه عددًا من الشخصيات المعنية بالشأن الإسلامي، وكانت ليلة طيبة بمن شارك فيها من الرجال، وبما جرى فيها من حوار، وبما سادها من تفاهم، برغم اشتداد الجدال في بعض القضايا.
أمران يتعلقان بي:
ومما أذكره في هذه الليلة أمران يتعلقان بي:
الأول: أننا تحدثنا حديثًا طويلًا عن الأصولية والأصوليين، وتعرضت لشرح معنى الأصولية؛ وهي تعني: العودة إلى الأصول والجذور، ونحن عندنا أصول الدين، وأصول الفقه، وينسب إليهما فيقال: أصولي.
وقد قال السفير: إذن أنت تعتبر نفسك أصوليًّا؟
قلت: بل عريقًا في الأصولية، ومن حكمنا المأثورة: إنما يحرم الوصول، من ضيَّع الأصول، وما دامت الأصولية هي التمسُّك بالجذور، فاللهم أحيني أصوليًا، وأمتني أصوليًا، واحشرني في زمرة الأصوليين!
الأمر الثاني: كلمة قالها شيخنا الغزالي أمام الإخوة والضيوف، فأحرجني بها. وذلك حين أجبت عن بعض الأسئلة المطروحة، مما سرَّ الشيخ وأثلج صدره؛ فقد قال في صراحة: كان يوسف فيما مضى تلميذًا لي، أما اليوم فأنا تلميذه!
قلت: يا مولانا، أنا لا أزال وسأظل تلميذك اليوم وغدًا.
وبعد سهرة طيبة، ودّعنا السفير، وشكرناه، جزاه الله خيرًا، واستعددنا للرحيل عائدين إلى القاهرة، داعين بدعاء السفر: اللهم إنا نعوذ بك من وعثاء السفر وكآبة المنظر، وسوء المنقلب في المال والأهل والولد، آيبون تائبون عائدون، لربنا حامدون.