كانت قضية فلسطين من قديم، أولى القضايا التي تشغل فكري وقلبي، ومنذ دخلت المعهد الديني في طنطا 1940م، وجدت نفسي أسير مع الطلبة في 2 نوفمبر من كل عام، احتجاجًا على وعد «بلفور»، وزير خارجية بريطانيا، الذي وعد اليهود في العالم بإنشاء وطن قومي لهم في فلسطين. هكذا فهّمنا طلبة القسم الثانوي في المعهد، الذين جاءوا إلينا، في المعهد الابتدائي، وأخرجونا لنشاركهم في مظاهرتهم المحتجة على تغلغل اليهود في فلسطين.
اهتمام طلبة الإخوان المسلمين بفلسطين:
وقد عرفت فيما بعد أن الطلبة الذين كانوا يقودون هذه المسيرات ويلقون الخطب النارية، والقصائد الثورية، كانوا من طلبة الإخوان المسلمين، الذين كانوا أكثر المصريين اهتمامًا بفلسطين، وإدراك خطر المشروع الصهيوني عليها، وكان الأستاذ حسن البنا مرشد الجماعة أكثر الناس وعيًا بهذا الخطر، المؤيد من الغرب، وإن كان العرب للأسف في غفلة عما يجري من حولهم، وعندما كنت في السنة الثالثة الابتدائية، بدأت أشارك بإلقاء الخطب، وإنشاد القصائد، والمشاركة في قيادة المظاهرات اللاهبة، والهتاف الصاخب بحياة فلسطين وسقوط الصهيونية.
جمع التبرعات لخدمة قضية فلسطين:
وبعد ذلك تطور عملنا لخدمة قضية فلسطين، بعد أن التحقت بالإخوان، وكان الإخوان يجمعون السلاح من كل حدب وصوب، لتسليح الفلسطينيين، وكان شراء هذه الأسلحة يحتاج إلى مال، فكنا نذهب إلى المدن والقرى في مصر لنجمع التبرعات لمعونة فلسطين، وبعد ذلك فتح الإخوان باب التطوع لمن يريد الجهاد في فلسطين، واستجاب الألوف لهذا النداء، ولكن الإمام البنا، رفض قبول طلاب المراحل الثانوية في التطوع، ولم يستثن من ذلك إلا أحد إخوتنا الذي كان متيمًا بالجهاد في فلسطين، وهو الأخ الشهيد عبد الوهاب البتانوني رحمه الله ورضي عنه. وقد تحدثت عن ذلك في الجزء الأول.