حين وقعت هزيمة 1967م، التي سموها «النكسة» أصدرت كتابًا بعنوان: «درس النكبة الثانية: لماذا انهزمنا وكيف ننتصر؟» أقصد: أنها النكبة الثانية بعد النكبة الأولى سنة 1948م. فقد اغتصبوا ما اغتصبوا من فلسطين بحرب 1948م، وبهذه الحرب الخاطفة استولوا على ما بقى من فلسطين.
الدعوة إلى مؤتمر إسلامي عالمي:
وظللت مع فلسطين بعقلي وقلبي، وجهدي وفكري، وشعوري وعزمي، وفي بعض الأوقات أصاب القضية ركود وفتور، ففكر الإخوة الإسلاميون في فلسطين أن يحركوا القضية، وخصوصًا قضية القدس والأقصى، ويحركوا العالم الإسلامي لمناصرتها، وكان من هذا التفكير: الدعوة إلى مؤتمر إسلامي عالمي، تدعو إليه شخصية إسلامية عالمية مقبولة من عامة المسلمين وخاصتهم، ووقع اختيارهم علي، لأقوم بهذه المهمة.
ترشيحي أبا الحسن الندوي لرئاسة المؤتمر والدعوة إليه:
وفي رحلة من رحلاتي إلى عَمّان التقيتهم ليرتبوا معي هذا الأمر، وتعيين مكانه وزمانه والمدعوين إليه، ولكني اقترحت عليهم شخصية أخرى غيري هي أحق وأولى، وإن كانوا في أول الأمر توقفوا واعترضوا، وقالوا: إننا استعرضنا الشخصيات الإسلامية بحياد وموضوعية، ورجحت كفتك، قلت لهم: أنتم حصرتم أنفسكم في الشخصيات العربية، ولكن عندي شخصية إسلامية عالمية غير عربية، قالوا: من؟ قلت: الشيخ العلامة أبو الحسن الندوي. فهذا الشخص بعلمه وزهده ودينه وتاريخه وسنه موضع إجماع عند علماء المسلمين، ثم هو بوصفه غير عربيّ يعطي للقضية بُعدها الإسلامي العالمي، ثم هو غير منسوب إلى جماعة من الجماعات أو حركة من الحركات، وهذه ميزة أخرى، فعلى بركة الله تعالى نختاره ليكون هو رئيس المؤتمر وباسمه توجه الدعوات.
والحق أن اسم الشيخ لقي القبول من الجميع، ومثله لا يختلف عليه اثنان، وبدأنا نفكر في المكان، فلم نجد مكانًا في العالم العربي يقبل استضافة مؤتمر كمؤتمرنا هذا، واقترح بعضنا اسم ماليزيا، ولكن وجدنا أن ماليزيا بعيدة عن المنطقة العربية، ومكلفة كثيرًا، وسيكون تأثيرها غير متكافئ مع التكاليف، ثم اقترح اسم باكستان، وأنها أنسب من غيرها، واتصل بعض الإخوة بالجماعة الإسلامية، ورحَّبوا بذلك، وكان ذلك في عهد نواز شريف، وهو أقرب إلى الإسلاميين، وبدأنا نفكر في أيِّ مدينة في باكستان يعقد المؤتمر، فرشّحت إسلام آباد، وهي العاصمة، ولها مزايا بهذا الاعتبار، ولكن رأينا أن انتقال الناس من مطار إلى مطار، سيكون شاقًا على الناس، وقد لا يجدون أماكن، والانتقال بالسيارات متعب جدًا، ويحتاج إلى وقت طويل، ولهذا رأينا أن يكون في كراتشي، لأنها محطة الوصول للجميع.