كان في هذه اللقاءات شاب التقيته لأول مرة، ولكنني وجدته نابهًا متميزًا، حاضر الذهن، وافر الوعي، كان إخوانه يكنونه: أبا الوليد وقلت في نفسي: هذا الشاب جدير بأن يكون له مكان في القيادة! ثم عرفت بعد ذلك أن اسمه خالد مشعل! ولقد اتصلت بالعلامة مولانا أبي الحسن الندوي، وأبلغته باختيار الإخوة له لرئاسة المؤتمر المنشود، فرحَّب بذلك، على أن أكون نائبًا ومساعدًا له، قلت: أنا في خدمتك وعونك دائمًا.
سبب تأجيل فكرة المؤتمر:
وظل الإخوة يعددن العدّة، ويختارون الأسماء التي ستدعى، والشعارات التي سترفع، والأوراق التي ستقدم ... إلخ. ثم شاء القدر أن يحدث تغيير سياسي في باكستان، وأن تسقط حكومة نواز شريف، وتأتي حكومة بينظير بوتو ... وتغيَّر بعدها كل شيء، وأجلت فكرة المؤتمر، أو قل: ألغيت.
الانتفاضة الفلسطينية الأولى:
كانت الانتفاضة الأولى للشعب الفلسطيني: ثورة تلقائية على المظالم المستمرة، التي ترتكبها الدولة الصهيونية الفاشية في حقه، وهو يصبر ويصابر، ويكظم غيظه، ويحاول أن يشتكي إلى مجلس الأمن أو الأمم المتحدة، أو للجامعة العربية، أو إلى من بيدهم الأمر، مثل الأمريكان والاتحاد السوفيتي، ولكن أحدًا لم يسمع لشكواه، ولم ينصت إلى صراخه، وما زال المرجل يغلي في صدره ويغلي، حتى تفجَّر المرجل، وكانت الانتفاضة أو الثورة، التي انطلقت من غزّة، ومن جامعتها وجوامعها، ولذا أطلقوا عليها في أول الأمر: أنها ثورة المساجد، فقد انطلقت أول ما انطلقت من المساجد، قامت بها الأيدي المتوضئة، والقلوب المؤمنة، وجعلت راياتها المصاحف، وهتافاتها: لا إله إلا الله، والله أكبر.