ظلت هذه الانتفاضة صامدة، برغم التضحيات الكبيرة والمتتابعة، وعرف الإسرائيليون أنهم أمام شعب لا يركع ولا يهون أبدًا. وفي هذا الوقت في 15 ديسمبر 1987م، أعلن عن تأسيس «حركة المقاومة الإسلامية» التي يرمز إليها بـ «حماس» باعتبارها حركة جهادية، تنهج خط المقاومة العسكرية، لتحرير فلسطين، كل فلسطين، وتعتبر الممثلة للجناح العسكري للإخوان المسلمين في فلسطين، الذين لا ينسى أحد جهادهم من أجل الأرض المقدّسة، أرض الإسراء والمعراج، وسيظل التاريخ يذكر شهدائهم الذين روت دماؤهم ثرى فلسطين. وبعد فترة أعلنت الحركة عن تأسيس جناحها أو ذراعها العسكري: كتائب عز الدين القسام. اختاروا أن تحمل اسم هذا العالم الديني السوري الذي استشهد من أجل فلسطين.
مكيدة مسيرة الحلول السلمية:
وفي هذا الوقت الذي ظهرت فيه حماس على الساحة قوة فتية ضاربة، أثبتت وجودها بسرعة، وذكرت اليهود بما شاهدوه سنة 1948م من متطوعي الإخوان، الذين كانوا يسرعون الخطى إلى الموت في سبيل الله، حتى قال بعض اليهود: نحن لا نخاف من أي جيش أو جماعة، إلا من جماعة «الله أكبر»!
في هذا الوقت بدأ المكر اليهودي، مع الكيد الأمريكي، يرسم إستراتيجية جديدة، من شأنها أن تشتِّت جهد المقاومة، وتمزِّق شملها المتلاحم، فرأوا أن يجربوا سلاحًا آخر مع الفلسطينيين، وهو ما سمّوه «الحل السلمي» أو «الحل السياسي» وأن يجروا أرجلهم إلى هذا المنزلق أو هذا الفخ، الذي من دخله، فهيهات أن يخرج منه. ففتحوا لهم باب التفاوض في السر، وكان هناك من يسيل لعابه إلى هذا الحل، بل كان يتمناه، ويسعى إليه ركضًا. وكان في البلاد العربية من يشجع هذا، ويحث عليه.