بدأت المسيرة المزعومة للسلام مع الفلسطينيين، وهو سلام ملغوم، سلام كما تريده إسرائيل، وكما تملي صورته وشروطه، وهو في الواقع استسلام لما تريده إسرائيل. وكانت مفاوضات مدريد، ولقاءات العرب والفلسطينيين مع الإسرائيليين ورئيس حكومتهم إسحاق شامير، الذي رفض أن يجتمع بهم يوم السبت؛ لأنه يوم عطلة لا عمل فيه عند اليهود. وقال له العرب: لقد كان أمس يوم جمعة عندنا، ولم تعطل المفاوضات فيه، قال: أما نحن فلا نجاوز التوراة.
قصيدة سراب السلام أو سلام السراب:
وقد أنشأت قصيدة بهذه المناسبة سميتها: سراب السلام أو سلام السراب، وفيها قلت:
وقالوا أبشروا بالسلـ ـم يا عرب امرئ القيس!
بدت في الأفق طلعة شمـ ـسه صفراءَ كالورس!
تولى عهدُ شامير شبيهِ الأسود العنسي!
وأقبل بعدُ رابينُ أخو عنترة العبسي!
ورابـينٌ كشامير فمن نحس، إلى نحس!
فلا أسوأ من هذا سوى هذا، وبالعكس!
أفاعٍ كلها سمٌّ وإن نَعمتْ لدى اللمس!
فيا عجبًا لمن يجري وراء سرابه النفسي
يظن له به ريًّا ويرجع فارغَ الكأس
يُفرّط في دم الشهداء يا لَلْعار والبؤس!
يبيعُ الأرض والتاريـ ـخ بالأرخص من فَلْسِ
بحكم في حمى صهيو نَ، يا للثّمن البَخْس!
فلا دولتُهُ قامت ولا أبقى على النفس
وضاع جهادُ أجيالٍ فقد دفنوه في الرَّمْسِ
جهود كلها ذهبت كأن لم تُغْنَ بالأمس
فما معنى فلسطين بلا أقصى ولا قدس؟
فلسطين بلا قدس كجثمان بلا رأس