أفرج حزب الاتحاد من أجل الجمهورية عن لوائح مرشحيه، وانتهى الجدل والتكهن وبدأ مسار جديد من التهنئات والاستياء ومن الحشد والمغاضبة، ليجد الحزب نفسه في مواجهة حالة غضب تتمدد في مختلف أنحاء البلاد، وتهدد بالانسحاب والتوجه إلى أحزاب معارضة.
وفيما تحاول أقلام وصفحات وسياسيون محسوبة على المعارضة تضخيم حالة المغاضبة، فإن قوى داخل حزب الإنصاف تؤكد أن حجم المغاضبين محدود، وفي كل مشهد انتخابي ولن يكون لها تأثير كبير على الحزب الذي أخر إعلان الترشيحات بسبب حجم الخلافات حتى تفوت على الجميع فرص إعادة التموقع من جديد.
الترشيحات.. أصابع الداخلية وأصوات رجال الأعمال
تؤكد مصادر شبه رسمية تأثيرا كبيرا لوزارة الداخلية ورجال الأعمال في صناعة التشكيلة النهائية للترشيحات وتضيف ذات المصادر أن وزير الداخلية اعترض بقوة على ترشيح صنف أساسي من كبار الموظفين وهم الضباط الكبار المتقاعدون من الجيش والأمن باعتبار أنهم حققوا مكاسب وظيفة ومادية خلال أكثر من ثلاثة عقود ومن حقهم إفساح المجال لآخرين.
وقد كان هذا العامل حاسما وفق ما أكدته مصادر خاصة لموقع الفكر في إقصاء كل من القائد السابق لأركان الجيش الموريتاني محمد ولد مكت الذي كان ساعيا بقوة إلى نيل الترشيح نائبا عن مقاطعة ألاك، كما كان حاسما أيضا في إبعاد مدير أمن الدولة السابق محمد الأمين ولد أحمد عن الترشيح لمنصب رئيس جهة لعصابة، وزميله الضابط دداهي ولد عبد الله عن جهة آدرار، كما حد أيضا من أي دور انتخابي للعقيداء عبد الرحمن ولد ببكر و أحمد ولد بكرن وأحمدو بمب ولد باي الناشطين في تحالفات سياسية في مناطق متعددة من البلاد، لكن هذا المعيار تم خرقه في أكجوجت بترشيح العقيد الحرسي المتقاعد داهي ولد المامي.
إعادة الثقة.. أم تجديد خوف الانسحاب؟
أعاد حزب الإنصاف ترشيح عدد كبير من نوابه وعمده السابقين ومن بين أبرز من نالوا تجديد الثقة
- عمدة دار النعيم: امم ولد الشيخ محمد فاضل
- عمدة تفرغ زينة: الطالب ولد محجوب
- عمدة لكصر: أحمد ولد السالك
- عمدة تيارت: أحمد ولد عليه
رئيسة المجلس الجهوي للعاصمة نواكشوط.
كما جدد الحزب الثقة في عدد من نوابه ومن بينهم على سبيل المثال
- نائب واد الناقة: جمال ولد اليدالي
- نائبا تامشكط: محمد عبد الرحمن ولد الصبار وأحمدي ولد حمادي
- نواب الطينطان: سيدي محمد ولد سيدي – أم الخير بنت الغزواني
- نائب مقاطعة ألاك، في حين حدث تبادل سلس في المقعد الثانية بين معلمة وممرضة.
- نائب مقاطعة كوبني باباه ولد أحمد بابو
- نائب لعيون عمار ولد أحمد سعيد
- نائبا مقاطعة باسكنو محمد محمود ولد حننا- فيه المان ولد قشه
- نائب مقاطعة تمبدغة محمد أحمد الملقب دونه
- نائب مقاطعة كيهيدي زينب بنت أوبك
- نائبا مقاطعة المذرذرة صهيب ولد بلاهي- الخامس ولد سيدي عبد الله
- نائب كرمسين: ويتات ولد سيدي يعرف
أبرز الأسماء الجديدة
قدم حزب الإنصاف أسماء جديدة في ترشيحاته المحلية ومن أبرزها
- رئيس جهة آدرار محمد ولد الشريف ولد عبد الله
- رئيس جهة الحوض الغربي: جمال ولد محمد محمود
- رئيس جهة انشيري،
كما كان لافتا تجديد نواب اركيز حيث رشح الحزب الدكتور الولي بن الشيخ ورجل الأعمال آبه ولد عبد ربه، وجدد للعمدة محمد ولد أحمدوا متخلصا من النائبين السابقين محمد ولد كين، والناجح ولد الطلبة الذي زكى لخلافته ابن خاله آبه ولد عبد ربه.
أما في بوتلميت فقد كان لافتا إبعاد العمدة عيسى ولد البشير وترشيح المختار ولد أميجن، فيما كان النائب القابل للتغيير من نصيب أبي المواهب بن الشيخ محمد الحسين، خلفا للنائب اسحاق ولد أحمد مسكه ونال رجل الأعمال أحمد سالم ولد بونه مختار تثبيت نجله فؤاد ولد بونه مختار ليكون بذلك النائب الأقدم تقريبا في البرلمان في ثالث مأمورية له رغم أنه أكمل مأموريته السابقتين في حالة صمت مطبق.
وفي بئر ام اكرين تم إبعاد رجل الأعمال محمد سالم ولد انويكظ، ليحل محله خداد ولد المختار، فيما حافظ حمود ولد المالحة على منصبه نائبا في ازويرات.
حضور نسبي لمرشحي الفئات المهمشة
لم يخف التلوين الشرائحي في ترشيحات حزب الإنصاف، حيث تم تقديم ممثلين عن مجموعة الحراطين في مناطق معتبرة مثل نواذيبو، وروصو، وبوتلميت، والرياض كما كان حاضرا أيضا في لوائح نيابيات نواكشوط، وهو ما يعني مزيدا من التمييز الإيجابي وفقا لمصدر مأذون من حزب الاتحاد.
استياء واسع ..ومخاوف من انسحابات
لم تخف منذ الساعات الأولى لنشر اللوائح حالات شديدة من المغاضبة ومن أبرزها لحد الآن:
- مغاضبة حلف رجل الأعمال أحمد ولد سالم الشهير بالزداح في مقاطعة الركيز، وقد كان من تجلياتها استقالة رئيس قسم الحزب الحسين ولد دهاه
- مغاضبة وانسحاب حلف الوفاء بكيفة بقيادة النائب السابق لمرابط بن الطالب ألمين
- المغاضبون في بلدية بولحراث بولاية لعصابة
- مغاضبون بلدية شكار احتجاجا على تثبيت العمدة المختار ولد أعمر المحسوب على الجنرال محمد ولد مكت في منافسه حلف العقيد عبد الرحمن ولد ببكر
- مغاضبو حلف الأمل بقيادة النائب السابق سيدنا عالي في مقاطعة لعيون.
- مغاضبو بئر ام ام اكرين.
وإلى جانب هؤلاء يوجد مغاضبون في مناطق متعددة من البلاد، ويدفع عدد من نشطاء الحزب وقياداته بأن هذه المغاضبات ستظل محدودة، وتملك الدولة وسائل متعددة لامتصاصها واستلال جذوة المغاضبة.
هل هي ترشيحات الفشل السياسي
دأبت الأنظمة السياسية الحاكمة في موريتانيا على استخدام وتوظيف سلطان الدولة ونفوذها في كل الانتخابات حتى أصبح من التقاليد السياسية توظيف المال والجاه والجهة والفئة في الانتخابات، فاصبحت السلطة صانعة للمشهد السياسي على عينها، فتقزم من لايدور في فلكها، وترشح من يواليها ويسبح بحمدها.
يرى البعض أن مقاعد البرلمان تباع وتشترى من طرف أصحاب المال ودولة التجار، وتحولت مهام البعض منهم إلى اسلك طريق للاستفادة من المقعد وما يتيحه من مزايا العبور والترانزيت، هذه هي مهام التيار المتنامي في البرلمان، لذلك فلا غرو أن تغاضب المجموعات و الكتل والقبائل، بسبب حرمانها من وجبات الترشح المضمونة، فتنتفخ اوداج القبيلة الفلونية بسبب أنهم أعز البيوت وأعلاها شأنا ومقدارها السامي العلي، وهي سوف تجتمع في العاصمة ردا على تهميش القبيلة، حتى تسمع بهم كل القبائل وبنخوتهم وقوتهم في مواجهة هذا التهميش الظالم.
الحقيقة القاتلة..
ترى الأغلبية أن أغلب هذه المغاضبات ليست مقنعة ولا مهمة لأنها إنما انتفخت أوداجها جريا على سنة الأنانية، ولا يعني ذلك تزكية الترشيحات من عدمه، ورغم المآخذ على البعض فالملاحظة الأبرز أن أيا من المحتجين لم يقدم في اجتجاجه وانسحابه شبهة فساد أو انعدام الكفاءة ضد من رشح، مما يعني تهافت انتفاضة الذين لم يرشحوا.
من جهة أخرى يرى محفوظ السالك: أنه إذا كانت السلطة رعت وشجعت البعض في الانسحاب من حزبه فهي اليوم تجني مازرعت، وتقطف زرع من كان في السلطة قبلها، وإلا فما معنى الانتساب لحزب إذا لم تقبل بقراراته مادمت فيه قائما، فكيف ترفس قرارته التي لا تخدمك، ثم تتحدث عن الحزبية والانضباط.
اما السالم محمد الأمين فيقول: في الحقيقة فإن الأزمة أكبر من ذلك وأعقد، فقد باشرت الأنظمة السادية إفراغ الأحزاب من عناصر القوة وتهميشها، في المقابل شجعت النعرات الجاهلية والإثنية ورعت وباركت الاجتماعات والمبادرات القبلية، وسمحت لرجال الأعمال أن يقودوا الجميع بقوة المال وأن يتزعموا الحراك المناهض للدولة وهاهي اليوم ترى الواقع المر الذي يوشك أن يجهز على ماتبقى من قوة وهيبة الدولة.
ويرى محمد ولد محمد يحي: أنه لا يمكن بحال من الأحوال المراهنة على كثير من المجموعات السائرة في نهج النظام، فهذه القوى يجمعها درهم ويفرقها سوط، وولائها للكرسي وللجالس عليه، وهي على استعداد دائم لتبديل الولاء للمتغلب، وقد آن الأوان أن تبادر السلطة بالابتعاد عن المكاسب الآنية وتعمد لبناء نظام ديمقراطي حقيقي يحصن البلد ويمنع انهياره، فذاك هو المنتظر من كل سلطة تفكر في شعبها ومستقبله.