والمسجد كان النبراس..
ارتبط تاريخ المسلمين بالمساجد، فقد ظلت عبر التاريخ منارات للهداية والذكر، ومثابة للاستقامة والتبتل، وقلاعا للتربية والتعليم، يفد إليها الطلبة لدراسة وتدارس دين الله عز وجل.
فقد أعطي النبي صلى الله عليه وسلم خمسا لم يعطهن نبي قبله منها أن جعلت له الأرض مسجدا وظهورا "وأيما رجل من أمتي أدركته الصلاة فليصل ".
لكن المساجد تنفرد بأنها أحب البقاع إلى الله كما في صحيح مسلم: "أحَبُّ البلاد إلى الله مَساجِدُها"
فالمساجد بيوت الله في الأرض وعمارها زوار الله، وحق على المزور قضاء حاجة الزائر، المساجد بيوت الله في الأرض تضيء لأهل السماء كما تضيء نجوم السماء لأهل الأرض لذلك تبارى السلاطين والأمراء يخدمون المساجد بناء وتوسعة وترميما، فتطورت عدة مساجد بفعل أعمال التوسعة المستمرة وتغيرت مساحتها عبر الزمن.
وفضلا عن المساجد الثلاثة التي لا تشد الرحال إلا لها: المسجد النبوي والمسجد الحرام والمسجد الأقصى، فهناك عدة مساجد ظلت لها إشعاعها ومكانتها الخاصة عند المسلمين.اشتهرت في حواضر العالم الإسلامي جوامع مأهولة: قادت الصحوة، وأرشدت الناس، ووجهت بوصلة المجتمع ردحا من الزمن، وخرجت أجيالا من العلماء الأفذاذ والمصلحين الربانيين والمجاهدين المغاوير..
المقال التالي يسلط الضوء على بعض من هذه المساجد، بذكر مراحل بنائها والأحداث التي دارت في رحابها، وأبرز أئمتها فذلك من أفضل ما تتعطر به ساعات الصيام، وأزكى ما تجود به ثمار المطالعة النافعة.
بنيت في الأرض مساجدنا والبيت الأول كعبتنا:
1- المَسْجِدُ الحَرَام: أعظم مسجد في الإسلام ويقع في قلب مكة المكرمة، تتوسطه الكعبة المشرفة التي هي أول بيت وضع للناس ليعبدوا الله فيه تبعاً للعقيدة الإسلامية، و أعظم وأقدس بقعة على وجه الأرض.
وعن أبي ذر رضي الله عنه قال: قلت يا رسول الله، أي مسجد وضع في الأرض أول؟ قال: "المسجد الحرام" قال: قلت: ثم أي؟ قال "المسجد الأقصى" قلت: كم كان بينهما؟ قال: "أربعون سنة، ثم أينما أدركتك الصلاة بعدُ فَصَلِّه، فإن الفضل فيه" متفق عليه.
والبيت الحرام هو قبلة المسلمين في صلاتهم، وإليه يحجون. سمي بالمسجد الحرام لحرمة القتال فيه منذ أن خلق الله الدنيا، قال النبي صلى الله عليه وسلم" إن الله حرم مكة فلم تحل لأحد قبلي ولا تحل لأحد بعدي وإنما أحلت لي ساعة من نهار، لا يختلى خلاها ولا يعضد شجرها ولا ينفر صيدها ولا تلتقط لقطتها إلا لمعرف قال العباس يا رسول الله إلا الإذخر لصاغتنا وقبورنا فقال: إلا الإذخر "
فهو بيت القداسة الأول: قال الله تعالى: "إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِلْعَالَمِينَ"
والمسجد الحرام هو أول المساجد الثلاثة التي تَشُدّ إليها الرحال. فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : « لا تشدُّ الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد: المسجد الحرام، ومسجدي هذا (المسجد النبوي)، والمسجد الأقصى».
و الصلاة في المسجد الحرام حول الكعبة أفضل، وهي بمائة ألف صلاة، للحديث الصحيح و الصواب أن الصلاة في حدود الحرم أيضا تعادل مئة ألف صلاة، في المساجد الأخرى،
فما ذهب إليه أكثر أهل العلم أن مضاعفة الأجر تكون في الحرم كله أي مكة كلها واستدلوا بقوله تعالى: (سبحان الذي أسرى بعبده ليلاً من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله لنريه من آياتنا إنه هو السميع البصير). فإن الإسراء كان من بيت أم هانئ ولم يكن من المسجد ذاته، فدل ذلك على عموم الحكم. وقيل لعطاء: هذا الفضل الذي يذكر في المسجد الحرام وحده أو في الحرم؟ قال: لا بل في الحرم فإن الحرم كله مسجد.
ومسجدي هذا....
2- الْمَسْجِدُ النَّبَوِيّ: ثاني أكبر المساجد في العالم وثاني أقدس موقع في الإسلام بعد المسجد الحرام في مكة المكرمة، بناه النبي صلى الله عليه وسلم في المدينة المنورة بعد هجرته إليها في العام 1هـ الموافق 622 م، بعد بناء مسجد قباء، مرّ المسجد بعدّة توسعات عبر التاريخ، مروراً بعهد الخلفاء الراشدين والدولة الأموية فالعباسية فالعثمانية، وأخيراً الدولة السعودية، حيث تمت أكبر توسعة له في عام 1994. ويعتبر المسجد النبوي أول مكان في شبه الجزيرة العربية يتم فيه الإضاءة عن طريق استخدام المصابيح الكهربائية عام 1327 هـ الموافق 1909. بعد التوسعة التي قام بها الوليد بن عبد الملك، وبإشراف واليه على المدينة عمر بن عبد العزيز ابتداء من العام 88 هـ، حيث أُدخِل فيه حجرة عائشة المعروفة بـالحجرة النبوية الشريفة، والتي تقع في الركن الجنوبي الشرقي من المسجد، و تحتضن قبر النبي صلى الله عليه وسلم وصاحبيه ابو بكر وعمر رضي الله عنهما، وبُنيت عليها القبة الخضراء التي تُعد من أبرز معالم المسجد النبوي. كان للمسجد دور كبير في الحياة السياسية والاجتماعية، فكان بمثابة مركزٍ اجتماعيٍّ، ومحكمة، ومدرسة علمية. ويقع المسجد في وسط المدينة المنورة، ويحيط به العديد من الفنادق والأسواق القديمة القريبة. وكثير من الناس الذين يؤدون فريضة الحج أو العمرة يقومون بزيارة الروضة الشريفة وقبر النبي صلى الله عليه وسلم. قال النبي صلى الله عليه وسلم " ليس من بلد إلا سيطؤه الدجال، إلا مكة والمدينة، ليس له من نقابها نقب إلا عليه الملائكة صافين يحرسونها، ثم ترجف المدينة بأهلها ثلاث رجفات، فيخرج الله كل كافر ومنافق"
أولى القبلتين
3- المَسْجِدُ الأقْصَى: أحد المساجد الثلاثة التي تشد إليها الرحال، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم وهو أيضًا أول القبلتين، وثالث الحرمين الشريفين. يقع في بيت المقدس بفلسطين. وهو كامل المنطقة المحاطة بالسور واسم لكل ما هو داخل سور المسجد الأقصى المبارك. تبلغ مساحته قرابة 144.000 م. مربع، ويشمل قبة
الصخرة والمسجد القِبْلي والمصلى المرواني ومصلى باب الرحمة، وعدة معالم أخرى يصل عددها إلى 200 معلم. ويقع المسجد الأقصى فوق هضبة صغيرة، وتعد الصخرة أعلى نقطة فيه، وتقع في قلبه. ذُكر المسجد الأقصى في القرآن في قصة الإسراء والمعراج في قوله تعالى: سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ.
لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَنْ تَقُومَ فِيهِ..
4- مَسْجِدُ قُبَاءٍ: أول مسجد بني في الإسلام، وأول مسجد بني في المدينة النبوية، ومن حيث الأولية فإن المسجد الحرام أول بيت وضع للناس ومسجد قباء أول مسجد بناه المسلمون، وهو أيضًا أكبر مساجد المدينة بعد المسجد النبوي. يقع المسجد إلى الجنوب من المدينة المنورة، بُنى المسجد النبي صلى الله عليه وسلم وذلك حينما هاجر من مكة متوجهاً إلى مدينة، وقد اهتم المسلمون بعمارة هذا المسجد خلال العصور الماضية، فجدده عثمان بن عفان، ثم عمر بن عبد العزيز في عهد الوليد بن عبد الملك، وتتابع الخلفاء من بعدهم على توسيعه وتجديد بنائه؛ وقام السلطان النصر أشرف قايتباي بتوسعته، ثم تبعه السلطان العثماني محمود الثاني وابنه السلطان عبد المجيد الأول، حتى كانت التوسعة الأخيرة في عهد الدولة السعودية. وورد في صحيحي البخاري و مسلم أن النبي كان يأتي مسجد قباء كل سبت ماشيًا وراكبًا فيصلي فيه ركعتين.
مسجد نمره
5- مسجد نمرة: أقيم هذا المسجد في الموضع الذي خطب فيه النبي صلى الله وسلم، في حجة الوداع، وبه يصلي الملايين من حجاج بيت الله الحرام، صلاتي الظهر العصر في يوم عرفة قصرا وجمعا، اقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم.
يقع مسجد نمرة في الجانب الغربي من مشعر عرفات، ويقع جزء منه في وادي عرنة، ويعتبر المسجد من أهم المعالم في مشعر عرفات الطاهر وعلامة فارقة في مشعر عرفات، حيث يمكن الاستدلال عليه من كل أطراف عرفات، في يوم الوقوف بعرفات يوم التاسع من شهر ذي الحجة من كل عام.
- يعرف مسجد نمرة العريق بعدة أسماء منها مسجد إبراهيم الخليل ومسجد عرفة ومسجد عرنة.
شيد المسجد في المرة الأولى في منتصف القرن الثاني الهجري، في أول عصر الخلافة العباسية، وحظي بناؤه وعمارته باهتمام خلفاء وسلاطين وأمراء المسلمين على مر التاريخ ، وأجريت له في العصر المملوكي عمارتان مهمتان كانت الأخيرة منها بأمر السلطان النصر اشرف قايتباي في العام 884 هـ وتعتبر الأفخم والأكثر جمالا واتقانا في ذلك الحين، ثم جددت عمارته ايام الدولة العثمانية في العام 1272 هـ.
فاذكروا الله عند المشعر الحرام
6- مسجد المشعر الحرام: أحد مساجد مكة المكرمة، يقع في منتصف المسافة الواقعة بين مسجد نمرة في عرفات ومسجد الخيف في منى، لكون مزدلفة واقعة بين عرفات في شرقها ومنى في غربها، وهو المسجد الذي نزل النبي صلى الله عليه وسلم عند قبلته في حجة الوداع.
كان المسجد في بداية القرن الثالث الهجري مربع الشكل صغير المساحة بسيط البناء، ولم يكن مسقوفا، وكانت مداخله ستة أبواب، وذكر المؤرخ الأزرقي (ت:250 هـ) في كتابه أخبار مكة أن مسجد المشعر الحرام فضاء يحيط به سور مربع الشكل ولا يوجد بداخل المسجد مظلات، وفيه ستة أبواب، و عليه اسطوانة من حجارة مدورة،
وفي عام 760 هـ جدد عمارته الأمير يلبغا الخاسكي، وفي عام 842 هـ جدد عمارته السلطان المملوكي الظاهر سيف الدين جقمق، وفي عام 874 هـ جدده السلطان النصر أشرف قايتباي، ثم جاء العثمانيون وجددوا عمارته في العام 1072 هـ، وفي العهد السعودي تمت عمارته وتوسعته في العام 1395 هـ على الشكل المستطيل.
أول مسجد بالكوفه
7- مسجد الكوفة في العراق يعدّ من مساجد العراق الأثرية والتاريخية وهو من أقدم المساجد في العالم الإسلامي، حيث بناه الصحابي الجليل سعد بن أبي وقاص في عام 19 ه، بأمر من الخليفة عمر بن الخطاب، ليكون أول مبنى في مدينة الكوفة التي تحولت فيما بعد إلى حاضرة العالم الإسلامي، ومقر الخلافة في زمن الخليفة علي بن أبي طالب وضي الله عنه.
أصبح المسجد اليوم مكانا صرفا للمكاء والتصدية واللطم وغير ذلك من نحل التشيع الفاسدة.
جامع الفسطاط.. أول مسجد بناه المسلمون في مصر وإفريقيا
8- جامع عمرو بن العاص: بني في عهد الخليفة عمر بن الخطاب، ليكون أول مبنى في مدينة الفسطاط التي أسسها المسلمون في مصر بعد فتحها. كان يسمى أيضا بمسجد الفتح والمسجد العتيق وتاج الجوامع.
يقع جامع عمرو بن العاص شرق النيل
كانت مساحة الجامع وقت إنشائه 50 ذراعاً في 30 ذراعاً، وله ستة أبواب، وظل كذلك حتى عام 53هـ / 672م حيث توالت التوسعات، فزاد من مساحته مسلمة بن مخلد الأنصاري والي مصر من قبل معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنهما، وأقام فيه أربع مآذن، وتوالت الإصلاحات والتوسعات بعد ذلك علي يد من حكموا مصر حتى وصلت مساحته بعد عمليات التوسيع المستمرة نحو أربعة وعشرين ألف ذراع معماري،. وأبعاده الآن( 120 في 110) مترمربع.
مسجد الخيف.. صلى فيه سبعون نبيا
9 - مسجد الخيف بصعيد منى الطاهر: مسجد الخيف، مسجد البيعة (مسجد العقبة)، موغل في التارخ ، وقد ارتبط مسجد البيعة بسيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة قبل هجرته، وقد بني في المكان الذي تمت فيه مبايعة النبي صلى الله عليه وسلم من قِبل أهل يثرب ( المدينة المنورة فيما بعد) وهي بيعة العقبة الثانية.
وقد تتبع ذلك الموقع حيث حافظ عليه المسلمون وبنو مكانه مسجد ولا زال المسجد - والحمد لله – موجوداً، ولبنائه وإعادة بنائه خلال العصور تاريخ حافل، أما مسجد الخيف فله شهرة تاريخية وأدبية عميقة، فإذا ذكر مسجد الخيف فإن ذلك يقصد به مسجد الخيف بمنى، وأصل كلمة الخيف كما البستان وعادة يكون ذلك البستان على جانب المسيل أو ما ارتفع قليلاً من الجبال المحيطة؛ لأن الخيف في اللغة : ما انحدر من غلظ الجبل وارتفع من مسيل الماء، ومنه سمي مسجد الخيف من مِنى لوقوعه في خيف بني كنانة في سفح جبل منى الجنوبي بالقرب من الجمرة الصغرى وقيل: أصل الخيف الاختلاف، وذلك أنه ما انحدر من الجبل فليس شرفاً ولا حضيضاً فهو مخالف لهما، ومنه الناس أخياف، أي: مختلفون قال الشاعر:
الناس أخيافٌ وشتى في الشيَمْ وكلهم يجمعهم بيت الأدم
ومسجد الخيف أحد مساجد مكة المكرمة التاريخية، وقد روى البيهقي عن ابن عباس رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلمقال: صلى في مسجد الخيف سبعون نبياً, منهم موسى عليه السلام كأني أنظر إليه وعليه عباءتان قطوانيتان، وهو محرم على بعير من إبل شنوءة, مخطوم بخطام ليف, له ضفيرتان، رواه الطبراني في الأوسطً.
ولذا سمي بمسجد الأنبياء، ويعدّ مسجد الخيف من مساجد الرسول صلى الله عليه وسلم حيث صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فيه، وخطب في حجة الوداع عندما كان في منى، وكان الأنصار يتحرون مصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في منى.
وقد اهتم بهذا المسجد جميع من استلم زمام أمور المسلمين على مرّ التاريخ، لما له مكانة كبيرة في تأدية الحج حيث كثير من الحجاج يمكثون في هذا المسجد في أيام التشريق في منى.
الجامع الكبير بصنعاء
10- الجامع الكبير بصنعاء: بُني في عهد النبي ضلى الله عليه وسلم، في السنة السادسة للهجرة، يعتبرمن أقدم المساجد الإسلامية. أمر بتوسعته الخليفة الأموي الوليد بن عبد الملك والولاة من بعده.
وقد عثر علماء الآثار في العام 2006م بإشراف خبيرة الآثار الفرنسية الدكتورة ماري لين على آثار سراديب وآثار لبناء قديم لا زالت تلك الآثار تحت الدراسة[1]، وقد اكتشف كشف أثري مهم قبل ذلك بسنوات أثناء إزالة الجص من الجدران حيث تم اكتشاف اثني عشر مصحفا قديما أحدها كتب بخط علي بن أبي طالب وكذلك أربع آلاف مخطوطة عربية نادرة من صدر الإسلام ومراسلات من العهد الأموي وهذه النفائس محفوظة الآن بمكتبة الجامع. وهناك ما يدل أن هذا الجامع بني على أنقاض قصر غمدان السبئي الشهير بصنعاء، وجدير بالذكر أن أبواب الجامع الفولاذية ترجع لقصر غمدان وعليها كتابة بخط المسند.
الحديث الوارد في مسجد صنعاء الكبير وكيفية تحديد قبلته رواه الطبراني عن وبر بن يحنس الخزاعي قال: قال لي رسول الله: إذا بنيت مسجد صنعاء فاجعله عن يمين جبل يقال له ضين. وحسن اسناده الهيثمي في مجمع الزوائد.
وجاء في كتاب تاريخ المساجد الشهيرة لمؤلفه عبدالله سالم نجيب: مسجد صنعاء الجامع هو من أقدم المساجد في الإسلام فقد بني في حياة النبي صلى الله عليه وسلم وبأمره. اهـوقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم أرسل عدة من أصحابه إلى اليمن، منهم معاذ بن جبل وأبان بن سعيد وفروة مُسَيك ووبر بن يحنس وأبو عبيدة بن الجراح وغيرهم ـ رضي الله عنهم أجمعين... أرسلهم دعاة وهداة، وورد عن كثير منهم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمره أن يبني مسجداً، إلا أن غالبية المؤرخين يميلون إلى أن مسجد صنعاء بني على يد أحد رجلين: إما وبر بن يحنس الأنصاري أو فروة بن مسيك المرادي... روى عبد الرزاق: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر وبر بن يحنس الأنصاري حين أرسله إلى صنعاء والياً عليها فقال: ادعهم إلى الإيمان، فإن أطاعوا لك به، فاشرع الصلاة، فإذا أطاعوا لك بها فمر ببناء المسجد لهم في بستان باذان، من الصخرة التي في أصل غمدان، واستقبل بها الجبل الذي يقال له: ضِيْن.
مسجد جاما في دلهي
11- المسجد الجامع (مسجد جاما) هو المسجد الرئيسي في دلهي القديمة في الهند وأكبر مسجد في الهند حيث يتسع لخمسة وعشرين ألف مُصلِّ.
أمر ببنائه الإمبراطور المغولي شاه جهان، باني تاج محل، واكتمل البناء في سنة 1658م.
يقع المسجد في بداية شارع شاندني شوك وهو شارع مزدحم وشعبي جدا في مركز مدينة دلهي القديمة.
استمد الجامع اسمه من صلاة الجمعة الإسبوعية للمسلمين التي تقام عادة في المسجد، لإقامة الصلاة وهكذا غلب اسمه الشعبي "مسجد الجمعة" أو المسجد الجامع.
مسجد فيصل بإسلام آباد
12- مسجد الملك فيصل: يقع في إسلام أباد - باكستان، من أكبر المساجد في العالم وأشهرها ومعروف بضخامته وبهندسته العمرانية الفريدة.
اكتمل بناؤه في عام 1986 وكان يضم مبنى الجامعة الإسلامية الدولية.
مسجد جوثى.. ثاني مسجد تقام فيه الجمعة
13- مسجد جواثى أو جوثا أو جواثا، وهو ثاني مسجد أقيمت فيه صلاة الجمعة في الإسلام بعد مسجد النبي صلى الله عليه وسلم، حيث روى البخاري عن ابن عباس: أنه قال: "إن أول جمعة جمعت بعد جمعة في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم، في مسجد عبد القيس بجواثى من البحرين"
يقع المسجد في محافظة الأحساء شرق المملكة العربية السعودية.
حيث بني هذا المسجد في عهد النبي صلى الله عليه و سلم، وتشرفت ببنائه قبيلة بنو عبد القيس بعد إسلامهم طوعاً، ولا تزال قواعد هذا المسجد قائمة إلى وقتنا الحالي.
وروى البخاري عن أم سلمة أن رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم "أخَّر الركعتين بعد الظهر بسبب وفد عبد القيس حتَّى صلاهما بعد العصر في بيتها"
وروى الحافظ البيهقي من طريق هود بن عبد الله بن سعد أنه سمع جده مزيدة العبدي قال: بينما رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم يحدِّث أصحابه إذ قال لهم: سيطلع من هاهنا ركب هم خير أهل المشرق، فقام عمر فتوجه نحوهم، فتلقى ثلاثة عشر راكباً فقال: من القوم؟
فقالوا: من بني عبد القيس.، قال: فما أقدمكم هذه البلاد التجارة؟، قالوا: لا.
قال: أما إنَّ النَّبيّ صلَّى الله عليه وسلَّم قد ذكركم آنفاً، فقال خيراً، ثم مشوا معه حتَّى أتوا النَّبيّ صلَّى الله عليه وسلَّم فقال عمر للقوم: وهذا صاحبكم الذي تريدون، فرمى القوم بأنفسهم عن ركائبهم، فمنهم من مشى، ومنهم من هرول، ومنهم من سعى، حتَّى أتوا رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم فأخذوا بيده فقبَّلوها،
قال امرؤ القيس: ورحنا كأنا من جواثي عشية نعالي النعاجَ بين عدل ومحقب.
مسجد قرطبة( الجامع الأموي بقرطبة):
14-يقوم المسجد الجامع في قرطبة فوق ربوة صخرية تقع جنوبي غربي المدينة على مقربة من القنطرة العربية التي بناها السمح بن مالك الخولاني، بأمر من الخليفة الأموي عمر بن عبد العزيز على نهر الوادي الكبير، وتحيط به الدروب الضيقة من جوانبه الأربعة.
يحتل هذا المسجد مكانة علوية في تاريخ الفن الإسلامي المجيد، وهو كما يصفه أحد المؤرخين "اللحظة الأولى للقاء الغرب بالإسلام، وهو واحد من أعظم الروائع في العالم".
يتألف المسجد من الحرم والصحن والمئذنة ويبلغ بعداه 180×135 متراً، و تبلغ مساحته 24.300 متراً مربعاً، ويُدخل إلى الصحن المكشوف الواقع إلى جهة الشمال من أحد أبواب المسجد التسعة عشر وكلها من البرونز ويطلق على الصحن باحة البرتقال.
يبدو بناء المسجد كقلعة ذات أسوار وأبراج. بلغ ارتفاع المئذنة 23.5متراً، وقد تهدمت وكانت تعدُّ من عجائب الدنيا. وجدران الجامع سميكة مشيدة من الحجارة.
أما الحرم فيحتوي على صفوف من الأعمدة الرخامية قدّر عددها إبان الحكم الإسلامي للمدينة بين 1290 عموداً، صمد منها إلى اليوم 856 عمودا، وهي من المرمر والرخام وحجر اليَشَب والحجر السماقي، تزينها تيجان أعيد استعمالها من أبنية قديمة. ويحتوي الحرم أيضاً على مقصورة رصفت أرضها بالفضة والقاشاني وتعلوها ثلاث قباب مزخرفة. ويعلو محراب المسجد سبع نوافذ تعبيراً عن السموات السبع.
وبالمسجد ثلاث محاريب.
ضم الحرم أحد عشر جناحاً عمودية على الجدار القبلي، ويعد ذلك إبداعاً عربياً متفرداً؛ وقام المعمار بمضاعفة الأقواس رأسياً وذلك بتحميل وسائد التيجان، إضافة إلى الأقواس، جوائز متقاطعة بين أطراف الأقواس فغدت الأقواس المزدوجة تسند السقف ولا يوجد أي جدار بين صفي الأقواس، وهذا ما أدى إلى تعلية سقوف الحمام من دون أن تتعرض الدعامات للانهيار.
واستغرق بناء المسجدحتى استقر في شكله النهائي نحو قرنين من الزمن، حيث بدأ العمل في بنائه عام 169هـ/785م في عهد عبد الرحمن الداخل الذي أمر بجلب الأعمدة والرخام له من أربونة وإشبيلية والقسطنطينية، وكانت المئذنة قائمة على واجهة جدار الصحن.
توالت أعمال البناء والتشييد في أيام هشام الرضا (هشام بن عبد الرحمن الداخل) فأتمه وأنشأ منارته الأولى، وفي عهد عبد الرحمن الثاني (ابن الحكم) زيد عدد الأجنحة اثنين من جهة القبلة.
وجدد عبد الرحمن الناصر واجهة جامع قرطبة وهدم منارته القديمة، وأنشأ له منارة جديدة أعلى وأضخم في العام 340هـ/951م.
وكانت تلك المنارة مربعة الواجهات ولها أربع عشرة نافذة ذوات عقود وتحتوي على سلّمين أحدهما للصعود وآخر للنزول وفي أعلاها ثلاث تفاحات (كرات ذهبية ضخمة) اثنتان من الذهب والثالثة من الفضة فكانت إذا أرسلت الشمس أشعتها عليها تكاد تخطف الأبصار ببريقها.
ثم زاد الحكم المستنصر بن الناصر زيادة كبيرة في عدد الأجنحة وابتنى المحراب الثالث، وعملت له قبة فخمة زخرفت بالفسيفساء البديعة، واستقدم الحكم من القسطنطينية خبيراً بأعمال الفسيفساء وأرسل إليه قيصر منها قدراً كبيراً، كذلك أنشأ الحكم مقصورة جديدة بها قبة على الطراز البيزنطي، وابتنى إلى جانب المسجد داراً للصدقة وأخرى للوعاظ وعمال المسجد.
وكانت المرحلة الأخيرة من التوسع في زمن الحاجب المنصور، فأقام مسجداً محاذياً لجدران الجامع من الشمال إلى الجنوب روعي فيه التماثل والمطابقة مع البناء الأول القديم؛ ويظهر التصميم الأساسي للبناء الجديد أنه رباعي الأضلاع جميل الأروقة، عالي السقف، ومقسوم إلى قسمين متساويين تقريباً الشمالي منهما فناء والجنوبي حرم للصلاة. وقد استكمل البناء سنة 377هـ/987م.
من حيث الميزات الفنية للمسجد الجامع في قرطبة فإن الجزء الذي أمر ببنائه عبد الرحمن الداخل وأتمه ابنه ينم على إرادة التجديد، فلم تكن الأروقة متصلة فيما بينها وموازية لجدار القبلة، كما في المساجد الأخرى، وإنما كانت عمودية التوزيع على ذاك الجدار، كما في الكنائس القديمة. وقد وُزِّعَت الأقواس المركّبة (حذوة حصان يعلوها نصف دائرة) على أعمدة من الطراز القوطي والروماني وتيجان من طرز متغايرة أيضاً، فتلاقى التقليدان الشرقي والغربي وتمثلت روح الإسلام في ذاك التوازن المدهش لتضفي على المسجد شفافية خاصة وتصيّره حيّزاً لا متناهياً.
وتختص عمارة المسجد الجامع في قرطبة بالتناظر المستقر، وهو عنصر مهم في العمارة الإسلامية، وبغياب أي عنصر مركزي يشدُّ النظر، إضافة إلى الأقواس المركبة وتناوب اللونين الأحمر والأصفر في الحجارة مما يجعل البناء نموذجاً فريداً في تاريخ العمارة.
أما سقف المسجد وجدرانه فقد نقشت عليها آيات من القرآن الكريم وزينت بزخارف مؤطرة، أو بلوحات جدارية زخرفية من الفسيفساء أو من الزجاج المطلي بالميناء، ومنها ما رصّع بالفضة والذهب. وكان المسجد يضاء بمئتي ثريا تحمل سبعة آلاف قنديل من الزيت المعطّر.
أما المحراب فهو تجويف سباعي الأضلاع مطلي بالذهب ومزين بالفسيفساء من الميناء المزجج ومزخرف بقطع من الرخام وبنقوش من الذهب على أرضية زرقاء وقرمزية. ويعلو المحراب رباط من الأعمدة الرشيقة والعقود المزينة. أما المنبر فيعد أجمل منبر في العالم لأنه يتألف من 37000 قطعة من العاج ومن الأخشاب المعطرة النادرة مثل خشب الأبنوس وعود الند والصندل وكلها مطعمة بالجواهر.
أما المسامير التي تثبت المنبر فهي من الذهب والفضة.
كان المسجد الجامع في قرطبة مكان عبادة ومركزاً فكرياً غاية في الأهمية؛ لأنه احتوى على مدرسة وعلى مكتبة ضخمة تضم نحو 400.000 مخطوطة مجلدة، بالجلد القرطبي المزخرف وضعت في متناول الدارسين.
يتسع المسجد ل80 ألف مصل.
ظل المسجد منارة علم ودار إسلام حتى استولى عليه القشتاليون في القرن السابع الهجري، فأدخلت في قلبه كنيسة وحرم من الصلاة والذكر والدعاءونشر العلم،
حتى المحاريب تبكي وهي جامدة، حتى المنابر ترثي وهي عيدان..
تلك المصيبةُ أنستْ ما تقدمها وما لها مع طولَ الدهرِ نسيانُ.