استضافت القناة الكاثولوكية الأب كرستان كاريه الذي سبق وأن عمل في البعثة الكاثوليكة بموريتانيا على مدى 6 سنوات، في الفترة من 2015 وحتى 2021م، وتركز عمله في كل من روصو ونواذيبو حيث تعرض الأسقف في ردوده لتأسيس كنسية نواكشوط والتي وصفها بالفتية حيث يعود بناؤها إلى 1965 لتكون بذلك ثاني كنسية بموريتانيا بعد كنيسة روصو التي رأت النور قبل استقلال البلاد في 1957 م، ثم أخدت الارساليات التنصيرية طريقها إلى نواذيبو وأطار وكيهيدي وتفونده سيفا الواقعة شمال كيهيدي ب 80 كم .
كنيسة فتية
وعن عدد النصارى الملتزمين في موريتانيا قال الأسقف في هذه المقابلة الخاصة التي نشرت قبل حوالي سنة على القناة الكاثولوكية ورابط المقابلة: (https://www.youtube.com/watch?v=FHPqRh35zdw -)، إن في نواكشوط ما بين 1.000 إلى 1.500 مسيحي، في مقابل ما بين 250 إلى 300 مسيحي، في نواذيبو، وفي روصو بضع وثلاثون، فيما توجد أعداد أقل في قرية تفنده سيفا، وأطار التي تحتضن قاعدة عسكرية يعمل بها عسكريون فرنسيون في إطار قوة بارخان على حد قوله.
وتطرق الأسقف للتركيبة السكانية في موريتانيا والتي وصفها بغير المتجانسة في ظل وجود أقلية من المور البيض يتحكمون في السياسية والاقتصاد وأخرى من المور السود ينحدرون من الأرقاء السابقين للمور البيض، مع وجود السكان الأصليين لحوض نهر السنغال من الوولف والبولار والسونوك، على حد قوله.
الخطاب والرسالة
وعن طبيعة الخطاب الديني للإرساليات استشهد الأب بمقولة لأحد القساوسة الذين عملوا في موريتانيا والتي قال فيها: إن كنيسة نواكشوط ليست مثل غيرها فهي كنسية للموريتانيين قبل أن تكون كأي كنيسة أخرى للتنصير ونشر التعاليم المسيحية. وذلك بحكم خصوصية السكان والذين هم مسلمون 100%، وفي المقابل نوه بأداء الكنيسة ووصفها بالانفتاح والعطاء لتقديمها خدمات هامة للسكان على حد تعبيره.
وكمثال على ذلك رصدت الحلقة جهود الإرساليات في نواكشوط على مستوى توفير الخدمات الصحية والتعليمية خاصة في السبخة حيث تعمل إحدى المنصرات من بوروندا على إدارة إحدى المدارس الحرة يرتادها سكان الحي من أطفال المسلمين والمهاجرين النصارى..حيث أعربت المنصرة عن سعادتها بالدعم الكنسي المقدم لها، وبالخدمات التعليمية التي تقدمها لما يزيد على 60 طفلا عبر مواد دراسية مختلفة دون التفريق بين المسلمين والنصارى.
وعقّب الضيف بأنه على إطلاع بما تقوم به إرسالية نواكشوط قبل أن يذكر أمثلة من الخدمات التي تقدمها على مستوى استقبال المهاجرين من دول إفريقيا جنوب الصحراء من قبيل المأوى والتطبيب وحتى تحمل تكلفة الحجز وشراء الأدوية وقال إن هناك ميزانية مخصصة لهذا الغرض.
رياض الأطفال والتكوين المهني
وتطرق الضيف لما تقدمه الإرساليات من خدمات أخرى من قبيل تعليم اللغات والتكوين المهني خاصة في مهن الخياطة وصناعة الحلويات حيث تخرج كل عام ما يتراوح بين 350 إلى 400 فرد على مستوى نواذيبو وحدها.
وركز بشكل خاص على الدور الكبير الذي تقدمه رياض الأطفال في نواذيبو والذي يتعاظم يوما بعد آخر بسبب الحاجة لخدمات التعليم الأساسي وفي ظل تدني خدمات التعليم العمومي، ويسوق في هذا الإطار حادثة وقعت له عندما زار نواذيبو في مستهل عمله بموريتانيا حيث فوجئ بمناشدة وكلاء التلاميذ له بنواذيبو من أجل وجود إعداديات وثانويات تابعة للإرسالية حتى يتمكن أطفالهم من استكمال تعليمهم بشكل جيد.
وهو ما رد عليه بأهمية التركيز على رياض الأطفال لضمان كسب ثقة الموريتانيين إذ ليس من الأهداف الآن الدعوة المباشرة للتنصير وفي ظل عدم اعتراف السلطات الموريتانية بالكنسية رغم وجود علاقات دبلوماسية مع دولة الفاتيكان منذ العام 2018م.
في مواجهة الفكر المتشدد
وكدليل على تمثل الإرساليات واستيعابها للأدوار المنوطة بها، عرض البرنامج لقاء مع أسقف سابق في موريتانيا أكد فيه على أهمية وجود كنيسة في موريتانيا لمواجهة ما أسماه بالمد الوهابي والسلفي، مؤكدا أن تركيز الإرساليات التنصيرية في موريتانيا ومجال استثمارها الأول يظل تقديم الخدمات في المجال الاجتماعي والخيري والتعليمي.
وهو ما أكد عليه الضيف كرستان كاريه من جهته والذي حذر من تنامي ما أسماه بالفكر الأصولي المتشدد في موريتانيا، مستشهدا بما يتعرض له النصارى من ضغوط خاصة في روصو تصل حد المضايقات من أجل أن يتركوا دينهم، لذا يظل التحدي الأول لهؤلاء من وجهة نظره هو في الثبات وقوة الإيمان والتمسك بالتعاليم الكنسية والارتباط بها، وهو ما ينصح به الإتباع في موريتانيا.