قالت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، في فبراير 2022: روسيا لابد أن تدفع ثمن الدمار الذي تسببت فيه في أوكرانيا ولابد أن تتحمل المشاركة في إعادة إعمار أوكرانيا ونحن الآن نبحث عن طريقة لرصد أموال روسيا في البنوك الأوروبية واستخدامها لصالح أوكرانيا.
شكل الاتحاد الأوروبي لجنة لحصر ورصد المبالغ المالية لروسيا في البنوك الأوروبية بعد تجميدها في نهاية فبراير 2022.
مثل ما حدث مع العرا ق في العام 2003، حيث أعلنت أمريكا وحلفاؤها الأوروبيون أن المبلغ 300 مليار دولار، وهذه المبالغ مصدرها البنك المركزي الروسي وعندها تحول سلوكهم من التجميد إلى المصادرة وهناك أمول مختفية تستخدمها روسيا لمصالحها سرا
في اليوم 26 فبراير 2022 اجتمع مكتب مستشار الأمن القومي الأمريكي جيك سوليفان لبحث كيفية التعامل مع روسيا دفاعا عن أوكرانيا، وكان كل شغل الإدارة الأمريكية بعد ضرب أوكرانيا هو كيف نتصدى لبوتين ونوقف هذه الحرب.
كانوا يتوقعون سقوط العاصمة الأوكرانية كييف خلال أيام فليلة
وكان لدى فريق مستشار الأمن القومي الأمريكي خطة سرية وتضمنت الخطة تجميد نحو 309 مليار دولار، من أصول البنك المركزي الروسي المحتفظ بها في الخارج وقد توصل المخططون إلى أن ذلك من شأنه أن يولد ما يكفي من الصدمة والرعب لإيقاف حرب الرئيس فلاديمير بوتين أو على الأقل إعاقة قدرته على محاربتها.
بعد موافقة بايدن تم إعلان الخطة مساء ذلك اليوم
وتعرضت روسيا لزلزال مالي واقتصادي كبير وانهار الروبل وفقد جزءا كبيرا من قيمته وارتفعت الأسعار وازدحمت البنوك بالطوابير لسحب الأموال حيث سحب الروس في الأسبوع الأخير من فبراير 2022 من مبالغهم المالية ما يعادل 15 أضعاف ما سحب في فبراير من العام 2021.
كان بعض مساعدي بايدن قلقين لفترة وجيزة من أنهم ذهبوا بعيدا جدا، لم يرغبوا في تدمير الاقتصاد الروسي بالكامل خوفا من نشر الضرر إلى أوروبا وخارجها.
أما النائب السابق لمستشار الأمن القومي الأمريكي ديليب سينك وهو المهندس الرئيسي للعقوبات على روسيا قال في العام 2018 بعد فترة من احتلال روسيا لشبه جزيرة القرم إن أي عقوبات ستفرض على سوق كبير ومعقد مثل السوق الروسي لابد أن تكون فيها مساحة للمناورة تتيح مجالا للتصعيد وخفض التصعيد وليس من مصلحة أمريكا تفكك الاقتصاد الروسي.
وكانت العقوبات الاقتصادية التي فرضها الغرب على روسيا هي أقسى عقوبات على مر التاريخ واحتوت هذه العقوبات على ثغرة استغلها الروسيون وهي أنهم لم يستطعوا فرض عقوبات على انتاج الروس للطاقة لعدم استغناء الدول الأوروبية عنها .
وهو ما تم تداركه في 5 من ديسمبر من العام 2022ن حيث قرر عدم استيراد نفط الخام الروسي.
وقرر أنه في 5 فبراير 2023 لن تقوم أي دولة أوروبية باستيراد منتجات بترولية مكررة من روسيا.
مما سيسبب خسارة روسيا لأكبر سوق عندها وهي السوق الأوروبية.
وهذا ما جعل روسيا تنجح في إيجاد بديل لأوروبا وهو الصين والهند حلفاء روسيا وهو تحالف مهم لمكانة الدولتين الاقتصادية
فالصين أول وأكبر مستورد للنفط في العالم وتأتي الهند في المرتبة الثالثة
في شهر فبراير 2023م، تجاوزت روسيا السعودية حيث أصبحت روسيا أكبر مصدري النفط الخام للصين حيث تصدر برميل يوميا
وكانت روسيا قد تجاوزت العراق و أصبحت أكبر مصدري النفط الخام للهند في نوفمبر 2022 وذلك بتصدير 908 آلاف برميل يوميا
مما جعل روسيا تعيش الرخاء مع الصين والهند
هذا فيما يتعلق بالنفط، أما الغاز فروسيا هي من بدأ مضايقة الأوروبيين وقررت وقف تدفق الغاز الروسي الذي يمر عن طريق خط أنابيب "نورد ستريم 1" أكثر من مرة بدعوى الصيانة وكانت إيرادات روسيا في عام 2022 تزيد بنسبة 80% على إيرادات 2021م.
الإدارة الأمريكية كاتت قلقة من تبعات الحظر الأوروبي للنفط الروسي مما سيزيد معدلات التضخم حتى في أمريكا مما جعل أمريكا توزع تقرير بحثيا يظهر ارتفاع سعر النفط إلى ما فوق 200 دولار للبرميل، كان لدى أمريكا خطة من شأنها أن تحافظ على تدفق النفط الروسي مع الحد من عائدات موسكو من خلال تحديد سعر البرميل.
في الشهور الأولى للحرب كان هنالك تخوف لدى شركات الشحن من تضررها من أي عقوبات تفرض على روسيا مما جعلها ترفض التعامل مع روسيا وهذا أثر على حجم المعروض من الأسمدة الروسية في السوق مما رفع أسعار الأسمدة في العالم وأسعار الغذاء، وهو ما جعل أمريكا في يونيو 2022 تشجع شركات الشحن على نقل الأسمدة الروسية لدول العالم.
تمكنت روسيا 2022 من تحقيق فائض تجاري يبلغ 227.4 مليار دولار.
وحسب صحيفة بلومبيرغ: روسيا ادخرت حوالي 80 مليار دولار موزعة على ممتلكات نقدية وعقارات واستثمارات في شركات تابعة في الخارج وفقا لتقدير بلومبرغ إيكونوميكس تمت إضافتها
إلى احتياطات الظل وهي نتيجة ثانوية لفائض الحساب الجاري القياسي _ تقريبا الفرق بين الصادرات والواردات _ الذي ساعد في الحفاظ على الموارد المالية للكرملين منذ هجومه على أوكرانيا في فبراير 2022م.
وترى ماريا شجينه الخبيرة الاقتصادية في المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية في بريطانيا أن تأخر أوروبا في استهداف قطاع الطاقة الروسي سمح لروسيا بتحقيق أحد أكبر فوائض الحساب الجاري في تاريخها مما سبب إبطال تأثير تجميد احتياطات المركزي الروسي لأن روسيا استطاعت تعويض ما خسرته.
وقال الاتحاد الأوروبي إنه بالإمكان تحديد موقع حوالي 258 مليار دولار منها وفي الحقيقة دول الاتحاد وحتى فيراير 2023 لم تستطع تحديد سوى 36.4 مليار دولار وهذا الرقم مرجح الارتفاع
الدول الأوروبية تبحث عن هذه الاحتياطات من أجل مصادرتها واستثمارها لصالح أوكرانيا.
بنك روسيا يتوقع أن الفائض في الحساب الجاري سينخفض خلال العام 2023 ويصل 66 مليار دولار، وسينزل إلى 48 مليار دولار 2024 وانخفاض أكبر في 2025 يصل إلى 41 مليار دولار، وهذا مما يرجع بالسلب على روسيا واقتصادها.
يوم التغابن..
يرى الكثير من الاقتصاديين أن أمريكا استغلت الأزمة الأوكرانية لتحل صادراتها من الغاز محل الغاز الروسي، ومالم يقم به الروس من الابتزاز والمعايرة في توقيف خط السيل الشمالي الناقل للغاز الروسي ربما قامت به أمريكا.
روسيا استغلت الفترة المتاحة قبل وقف استيراد الغز الروسي وشرطت لنفسها أن تبيع بالروبل الروسي وبعض عملات الأصدقاء ما جعلها ترفع من قوة الروبل الذي تهالك مع بداية الأزمة لكن الخطة آتت أكلها ولو لحين.