بات السلاح والدعم العسكري الخبر الأكثر تداولا في يوميات الأخبار في كثير من دول السلاح وخصوصا مالي التي انتقلت من دولة ضعيفة التسليح تواجه أخطار التمرد العرقي وأزمات الإرهاب إلى أكثر دولة ساحلية تمكنت من تطوير قدراتها العسكرية خلال أقل من سنتين.
منذ وصول العقيد قاسيمي كويتي ذي العلاقات الخاصة مع روسيا بدأ مسار جديد، بالغ الأهمية والخطورة في آن واحد، فقد حلت موسكو محل باريس، وحلت مكانا من التحكم في القرار السياسي والدفاعي لمالي لم يكن حل من قبل
جيران مالي من جهتهم بادروا إلى نفس المسار، وتسارعت وتيرة التسليح، مما يزيد من لهب الحرب على ما يسمى بالإرهاب، حيث الاحتكام إلى السلاح أكثر جدوى للأطراف المتصارعة من طاولات المفاوضة.
وحدها موريتانيا خلال هذه الفترة لم تعلن عن مسار جديد من تطوير قدراتها العسكرية، رغم أنها سبق أن حققت نقلة نوعية في هذا المجال خلال العشرية المنصرمة، واستطاع رئيسها الحالي محمد ولد الشيخ الغزواني إعادة بناء مؤسسة الجيش من جديد من حيث الهيكلة والعتاد والتوجهات الدفاعية، فمالذي يجري في دول الجوار وخصوصا مالي وإلى أي حد يمكن أن يؤثر على الجار الموريتاني
دعم صيني وروسي وتركي ...مالي تطور قدراتها العسكرية
تسارعت وتيرة التسلح في مالي وفي آخر الأنباء حصلت باماكو على دعم عسكري من الصين، حيث نالت مدرعات قوية من نوعية 4/4 من نوعية MRABVP11 المضادة للرصاص والألغام، وتملك هذه المضادات قدرة على الغوض في الرمال والطين والأماكن الجبلية.
وفي 17 من مارس المنصرم أعلنت باماكو أنها استلمت حوالي 20 طائرة و12 مقاتلة مسيرة، من صنع روسي وتركي، وهو ما يعني أن الجيش المالي أصبح يملك بالفعل عشرات الطائرات المقاتلة ذات القوة الفعالة
و سبق لمالي أن حصلت من روسيا على مقاتلات حربية من طراز السوخوي ومروحيات قتالية من نوع "أم آي 8"
ومن بين دفعات متعددة، حصلت مالي على تسع طائرات مقاتلة، وطائرات مسيرة ومقاتلات نفاثة وكم هائل من الأسلحة الأخرى المتنوعة.
وفي 19 يناير 2023 احتفلت مالي بوصول شحنات جديدة من السلاح الروسي تضمنت طائرات متنوعة ومعدات ثقيلة وأسلحة أخرى، ورأى الرئيس المالي قاسيمي كويتا أن العون الروسي يسرع وصول مالي إلى سيادتها الكاملة على أرضها.
ومكن الدعم الروسي لمالي من الانتقال من موقع الدفاع عن النفس إلى مرحلة الهجوم مما عزز القدرات العسكرية للبلاد في الفترة الأخيرة
وإلى جانب مالي كان لسباق التسلح محطة أخرى في بوركينافاسو التي عززت هي الأخرى ترسانتها العسكرية، وتمكنت حكومة بركنا افاسو من ترسيخ حكمها والتصدي لمحاولات انقلابية متعددة من خلال دعم قوات فاغنير.
وزيادة على الحضور الروسي كان للسلاح التركي دوره هو الآخر في تعزيز التسلح في المنطقة، حيث قفزت صادرات السلاح التركي نحو إفريقيا إلى قرابة ثلاثة مليارات دولار خلال العام 2021.
ويقدم الأتراك بشكل خاص، المعدات المتعلقة بصناعة الطيران والمعدات الإلكترونية والتقنية وعربات النقل المدرعة والسفن، للقارة الإفريقية.
وتعتبر بوركينافاسو، التي ارتفعت مشترياتها من السلاح التركي إلى 8 مليون دولارفي 2021 بعد أن كانت لا تتجاوز 92 ألف دولار وكذا تشاد من 249 ألف دولار إلى 14.6 مليون دولار.
وفي الجار الجنوبي السنغال هنالك تعزيز متواصل للترسانة العسكرية خصوصا في مجال الأمن البحري وهو تطوير يتناسب مع حجم الثروة الغازية المشتركة بين البلدين، حيث اقتنت دكار غواصات وسفنا عسكرية وعددا من التقنيات العسكرية النوعية، أما في موريتانيا فلم يعلن لحد الآن عن شيئ ذي بال باستثناء سفينة النيملان العسكرية الكبيرة.
سباق تسلح متصاعد في الشمال
على الحدود الشمالية يتسارع سباق التسلح بشكل غير مسبوق، فالجزائر أعلنت عن تخصيص أكبر موازنة دفاعية في تاريخها خلال العام 2023، أما المغرب فقد دشنت سباقا متسارعا نحو التسلح مستعينة بخبرات دولية متعددة مثل الولايات المتحدة، وأخرى إقليمية خصوصا من كيان الاحتلال الصهيوني، حيث اشترت الرباط عددا كبيرا من المعدات العسكرية والاستبخاراتية الصهيونية، كما عززت قدراتها العسكرية من الطيران والخبرات الاستعلامية التركية، خاصة المسيرات التي فعلت الأعاجيب في الصراع الصحراوي.
في المقابل عززت الجزائر مشترياتها من روسيا والصين، ومن دولة الملالي( إيؤان)
وتسعى المغرب إلى خلق توازن جديد مع الجزائر التي تعتبر هي الأخرى حليفا استيراتيجيا لروسيا الساعية إلى تمدد في إفريقيا رغم إدراكها أن سباق التسلح يُنهك موازنات التنمية في المغرب.
وبين سباق التسلح المتسارع تبقى موريتانيا متأثرة بشكل كبير بحمى السلاح المنتشرة في الساحل، ويبقى قادتها العسكريون مصرين على أن القدرات الدفاعية في البلاد في تطور متواصل وتزداد قوة، دون أن يعرف سبب واضح لتخلف موريتانيا عن سباق التسلح المتسارع بين دول الطوق المحاذية لها.