نسائم الإشراق الحلقة رقم (1540) 17 مارس 2021م 4، شعبان 1442هـ الشيخ د. يوسف القرضاوي الحلقة رقم (568) زيارة زكي بدر للدوحة (تابع) تصويب سهامه الجارحة وعباراته البذيئة

وأدهى من ذلك وأمر: موقفه بعد أن رجع إلى مصر، فما هي إلا مدة قليلة، حتى فتح النار علي وعلى كثيرين من العلماء والكتّاب والمفكرين والزعماء والصحفيين، ولم يدع أحدًا في البلد، إلا صوَّب إليه سهامه الجارحة، وعباراته البذيئة،
وكان ذلك في اجتماعه بالضباط في مدينة «بنها»، وكان مما قاله عني: أني شكوت إليه إيقافي وتأخيري في المطار، وأن الضباط يعاملونني بكل أدب واحترام، وزعم أنه قال لي: أما إيقافهم لك، فأنا الذي أمرتهم بذلك، وأما معاملتهم لك بكل أدب، فسأحاسبهم على ذلك! وهو في الشقِّ الثاني كذاب بلا ريب، ولا يتصور من رجل ضيف على قطر -وأنا فيها من أنا- يجابهني بهذا القول، ويقول: سأحاسبهم على أنهم قابلوك بأدب، كيف لم يعاملوك بقلة الأدب؟!

في هذه الجلسة السرية تجاوز فيها كل الخطوط الحمر في التعبير والتعامل مع شخصيات كبيرة في البلد لها وزنها العلمي أو الفكري أو الديني أو السياسي أو الاجتماعي، أو هذا كله، وكيف أسفّ هذا الإنسان إلى هذا الحد؟!

تسرُّب أخبار الجلسة المغلقة:

وكان يظن أن الجلسة مغلقة، ولن يتسرَّب خبرها إلى أحد، فهو يتكلم مع ضباطه يقول لهم ما يشاء أن يقوله، دون دين يردعه، أو حياء يمنعه، أو قانون يقمعه... ولكن شاء الله أن يهتك ستره، ويفضح أمره، فاستطاعت جريدة «الشعب» المصرية المعارضة، لسان حال حزب العمل: أن تحصل على نسخة من هذا الخطاب الذي بلغ الغاية في الإقذاع والإسفاف، وتحايلت الجريدة بحيل شتى، حتى استطاعت أن تصدر، وهي تحمل المفاجأة الكارثة، التي أصابت زكي بدر في مقتل، وهاجت عليه مصر كلها، واحتجّ بشدة كل من جاء ذكرهم بالسوء في هذا الخطاب وما أكثرهم!

كان صدور جريدة الشعب بمثابة حكم بالإعدام الأدبي والسياسي على زكي بدر، وقد ردّ كثيرون عليه ببرقيات ومقالات وشكاوى ورسائل.

وقد كتبت أنا شخصيًا رسالة مفتوحة إلى الرئيس حسني مبارك أشكو إليه من حكم زكي بدل وطغيانه وافتراءاته على العلماء والدعاة والمفكرين، وقد نشرتها الصحف القطرية، وجريدة الشعب المصرية.