نسائم الإشراق الحلقة رقم (1541) 18 مارس 2021م 5، شعبان 1442هـ الشيخ د. يوسف القرضاوي الحلقة رقم (569) ثورة الإنقاذ الإسلامي في السودان

في 30 يونيو من سنة 1989م، قامت ثورة الإنقاذ الإسلامي في السودان، بقيادة: عمر أحمد البشير، ومعه عدد من ضباط الجيش السوداني. وكانت الثورة بيضاء، لم ترق فيها دماء، بل استولى الانقلابيون على القوات المسلحة، ثم على زمام الأمور بسهولة.

واعتقلت عددًا من الزعماء السياسيين من شتّى الاتجاهات، ومنهم د. حسن الترابي زعيم الجبهة القومية الإسلامية، مع أنه هو صانع الثورة، ولكن تعمية على الآخرين حتى لا يعرفوا من أول الأمر: مَنْ وراء هذه الثورة؟

ثورة الترابي وجماعته:

وقد عرفت من أول ما قامت الثورة أنها ثورة الترابي وجماعته، وقد قابلت بعضهم وصارحته برأيي الذي أعلنته قديمًا في كتابي «الحلول المستوردة وكيف جنت على أمتنا» وأني لا أوافق على الوصول إلى الحكم عن طريق «الانقلاب العسكري» ولو قام به إسلاميون؛ لأسباب ذكرتها هناك، لا تنفك عن طبيعة الحكم العسكري، والتربية العسكرية، والعقلية العسكرية، وإن كان الانقلابيون من خيار الناس.

ولكنهم قالوا لي: نحن نؤيد وجهتك، ولكن كنَّا في حالة ضرورة، ولم يعد في إمكان الحكم المدني في السودان أن يستمر، بل كان لا بد أن تنهيه جماعة أو حزب من الجماعات القائمة، وربما كانوا الشيوعيين أو البعثيين أو غيرهم، وفي هذه الحالة سيصبح الإسلام والدعوة الإسلامية في مأزق خطير، وستدخل البلاد في صراع لا ينتهي؛ فرأينا نحن أن نأخذ بزمام المبادرة، ونفوت على الآخرين الفرصة،
قلت: إنما لكل امرئ ما نوى. والمحك هو العمل والتعامل مع الشعب، والموقف من الحرية وحقوق الإنسان.

وقد قبل الترابي أن يعتقل مع المعتقلين، ويعامل كما يعاملون، حتى لا يكشف وجه الثورة من أول يوم، وتوضع العوائق في طريقها، وتشن الحرب عليها من كل جانب،
وكان الترابي -كما علمت- ينفذ أوامره بورقة يكتبها إلى البشير، إما ابتداء منه، وإما بعد سؤال من القادة العسكريين.