الجفاف يرغم تركيا على التخفيف من اعتمادها على الطاقة "الكهرومائية"

في ظل تناقص سعة الكهرباء المولدة من الطاقة الكهرومائية في تركيا نتيجة موجات الجفاف التي ضربت البلاد في السنوات القليلة الماضية، لم يعد أمام أنقرة سوى التحول السريع إلى مصادر الطاقة المتجددة الأخرى -الشمس والرياح- من أجل تعزيز إنتاج الكهرباء النظيفة، بما يكفي لتلبية الطلب المحلي المتنامي.

وما يعزز حاجة البلد العابر للقارات -أيضًا- إلى توليد الكهرباء المتجددة من الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، هو رغبتها القوية في تحقيق أهداف الحياد الكربوني بحلول عام 2053.

وفي هذا الإطار، تفرض التقلبات الناجمة عن موجات الجفاف مخاطر كبيرة أمام حكومة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، في ظل اعتماد بلاده على الطاقة الكهرومائية اعتمادًا أساسيًا في توليد الكهرباء المتجددة.

وهبط معدل توليد الكهرباء المولدة من الطاقة الكهرومائية في تركيا بنسبة 39%، أو ما يعادل 10 تيراواط/ساعة، في ولايات شانلي أورفا وإيلازيغ وديار بكر خلال المدة من عام 2020 إلى 2021، وفق ما خلصت إليه نتائج تقرير حديث صادر عن مركز أبحاث الطاقة النظيفة "إمبر".

وتعوّل تركيا على الغاز المستورد باهظ الثمن لتعويض العجز في سعة الطاقة الكهرومائية، ما يفرض على أنقرة ضرورة مُلحّة لتسريع تبنّي الطاقة الشمسية وطاقة الرياح وزيادة حصتيهما في مزيج الكهرباء الوطني، وفق معلومات طالعتها منصة الطاقة المتخصصة.

تعدّ الطاقة الكهرومائية في تركيا هي أكبر مصدر لتوليد الكهرباء، غير أنّ تعرُّض البلاد لفترتي جفاف في 5 أعوام قد عرّى نقاط ضعف هذا المصدر المتجدد للطاقة، وأثبت عدم موثوقيته في تحقيق أهداف التنمية المستدامة في البلاد.

وتمتلك تركيا ثاني أعلى سعة لتوليد الكهرباء من الطاقة الكهرومائية في عموم أوروبا خلف النرويج، بسعة 32 غيغاواط، وفق التقرير.

وفي العام الماضي (2022)، لامست سعة الكهرباء المولدة من الطاقة الكهرومائية في تركيا 67 تيراواط/ساعة، ما يربو على خُمس إجمالي معدل توليد الكهرباء في البلاد.

وفي يناير/كانون الثاني (2023)، أعلنت تركيا خطة الطاقة الوطنية التي تتضمن أهدافًا للسعة المستهدفة حتى عام 2035، وتعدّ الخطة هي الأولى من نوعها التي ترتكز على أهداف الحياد الكربوني والوصول إليها في عام 2053.

ارتفاع متوقع

ويتوقع التقرير أن ترتفع سعة الكهرباء المولدة من الطاقة الكهرومائية في تركيا بواقع 4 غيغاواط، لتلامس ذروتها عند 36 غيغاواط في نهاية العقد الجاري (2030)، قبل أن تبقى تلك السعة عند معدلات مستقرة.

في غضون ذلك، تخفض دراسات بحثية أخرى صادرة عن مؤسسات، مثل مركز إسطنبول للسياسات "آي بي سي"، وحملة أوروبا بعد الفحم "إي بي سي"، ومركز شورى لتحول الطاقة، توقعاتها لسعة الكهرباء المولدة بالطاقة الكهرومائية في تركيا خلال المدة ذاتها.

فعلى سبيل المثال، يتوقع "آي بي سي" أن تلامس سعة الكهرباء المولدة من الطاقة الكهرومائية في تركيا 33 غيغاواط بحلول عام 2030، في حين توقعت "إي بي سي" أن يصل هذا الرقم إلى 32 غيغاواط.

وبالنظر إلى الزيادات المحدودة في سعة الكهرباء المولدة من الطاقة الكهرومائية في الخطة الوطنية، والتوقعات الأخرى، يتضح جليًا أن مصادر الطاقة المتجددة -بخلاف الطاقة الكهرومائية- ستقود مسار تحول الطاقة في تركيا.

وبالنظر إلى أن الطلب على الكهرباء لأغراض التبريد يرتفع -أيضًا- إبان أشهر الصيف الحارة، فإن موجات الجفاف لها تأثير سلبي في حصة الطاقة المتجددة من إجمالي توليد الكهرباء في تركيا.

وإذا ما كان الجفاف في موسمي الشتاء والربيع يعني عدم ملء خزانات محطات الطاقة الكهرومائية المحاطة بالسدود بالصورة الكافية، لا يمكن أن تُغطي سعة الكهرباء المولدة من الطاقة الكهرومائية في تركيا تلك الزيادة في الطلب على الكهرباء بقصد التبريد في الصيف.

وبالنظر إلى أن سعة الكهرباء المولدة من مصادر متجددة، بخلاف الطاقة الكهرومائية، لا تكفي في الوقت الراهن لسدّ تلك الهُوة، ترتفع معدلات توليد الكهرباء من المحطات العاملة بالغاز الطبيعي في فصول الصيف خلال سنوات الجفاف.

ومن منطلق أن إضافات السعة، وتحديث المحطات، لا يمكنها سوى أن ترفع سعة توليد الكهرباء من الطاقة الكهرومائية إلى نطاق محدود جدًا في المستقبل، يتعين على أنقرة تسريع وتيرة التوسع في سعة الطاقة الشمسية وطاقة الرياح للتخلّي عن بدائل الوقود الأحفوري إبان أوقات الجفاف.