نشرت صحيفة "إندبندنت" (The Independent) البريطانية مقالا يقول إن الغرب كانت لديه فرصة لمساعدة السودان على الانتقال من الحكم العسكري إلى الحكم المدني مع بعض مظاهر الديمقراطية، لكنه تقاعس وأصبحت الآمال في دخول البلاد حقبة جديدة لا تعكرها الصراعات ذكرى بعيدة.
وقال كاتب المقال بورزو داراغاهي إن أكبر مأساة هي أن الدولة، التي يبلغ عدد سكانها 46 مليون نسمة، ربما كانت قادرة على تجنب الفوضى والوحشية الحالية لو كان المجتمع الدولي أكثر انخراطا، أو كان الجنرالات والعسكريون الذين يقاتلون من أجل السلطة قد وضعوا رفاهية بلادهم قبل مصالحهم الخاصة، أو لو رُفدت المؤسسات المدنية في السودان بما تحتاجه لتعزيز وضعها، أو حصل قادة السودان على مزيد من الدعم من القوى الخارجية.
واستمر داراغاهي يقول إن الغرب فشل في منعطف رئيسي في مسار البلاد وأضاع الفرصة، مضيفا أن رئيس الولايات المتحدة السابق دونالد ترامب استغل في ذلك الوقت الموقف لتحقيق مكاسب سياسية خاصة به بدلا من دعم تجربة السودان الديمقراطية الهشة.
ترتيبات غير مريحة
وأشار الكاتب إلى أن الترتيبات التي أعقبت سقوط حكومة عمر حسن البشير لم تكن مريحة، إذ أُجبر الناشطون وقادة المجتمع المدني على تقاسم السلطة مع الجهة نفسها التي كانت تطلق عليهم النار في الشوارع قبل أسابيع فقط، وألقي ببعضهم في السجون بسبب التعبير عن آرائهم قبل عقود.
وفي ذلك الوقت، يقول داراغاهي إن العديد من مراقبي السودان حذروا من أنه لا اللواء عبد الفتاح البرهان ولا اللواء محمد حمدان دقلو (حميدتي) كانا ملتزمين بالحكم المدني، وتقديم تنازلات ديمقراطية، إلا إذا أجبرا على ذلك، وأصبح البرهان الحاكم الفعلي في البلاد.
كما ألمح المقال إلى أن الناشطين كانت تنتابهم شكوك من أن بعض الدول بالمنطقة ستحاول استخدام نفوذها وأموالها لمنع أي ديمقراطية حقيقية قد تكون مصدر إلهام في العالم العربي.
واشنطن أبقت على السودان دولة راعية للإرهاب
واستمر الكاتب يقول إن كل شيء كان مائعا في الأسابيع التي أعقبت الإطاحة بالبشير، وكانت الروح المعنوية عالية، ولم يكن بمقدور أحد أن يتنبأ على وجه اليقين بما ستؤول إليه أمور البلاد، وكان القلق الأكبر هو الاقتصاد الراكد.
وأضاف أن واشنطن أبقت على تصنيف السودان دولة راعية للإرهاب، وذلك أخاف الشركات التي تسعى إلى الاستثمار ومنع تدفق المساعدات من المنظمات الدولية.
وأوضح أن الولايات المتحدة كان بإمكانها في تلك اللحظة الحاسمة أن تزيل بسرعة تصنيف الدولة المتعلق "بالإرهاب"، وهو أمر أوقف التمويل الرئيسي الذي كان سيساعد على استقرار السودان وتقوية يد رئيس الوزراء آنذاك عبد الله حمدوك وحلفائه. وبدلا من ذلك، تأخرت بضعة أشهر، خشية أن يؤدي إلغاء التصنيف إلى الإضرار بمصالح أقارب ضحايا 11 سبتمبر/أيلول.
أجبروه على التوقيع على اتفاقيات أبراهام
وطالبت إدارة ترامب، التي تتطلع إلى تحقيق انتصار في السياسة الخارجية قبل انتخابات عام 2020، بتوقيع السودان على "معاهدة سلام أبراهام" مع إسرائيل قبل شطب البلاد من القائمة، كما أُجبر السودان في النهاية على دفع 335 مليون دولار تعويضا لضحايا هجمات 1998 و2000 التي ارتبطت بالنظام الذي أطاح به الشعب للتو.
وتعرض الاقتصاد السوداني لمزيد من الضرر تحت وطأة قيود كوفيد العالمية، واستمرار الفساد وسوء الإدارة تحت إشراف الجنرالات وأعوانهم، وتفاقمت السخرية من الديمقراطية.
نقلا عن الجزيرة نت.