منذ أن تسلم رئيس الجمهورية محمد ولد الشيخ الغزواني مقاليد السلطة طبعت العلاقة السياسية بين النظام والطيف السياسي بالتشاور والتهدئة فتم استدعاء مختلف رؤساء الأحزاب وتبادلت معهم السلطة الآراء في قضايا الشأن العام بما فيها الرهانات الانتخابية وتسييرها , وفي سبيل ذلك انعقد التشاور بين جميع الأحزاب بمختلف مشاربها وبين السلطة ممثلة في وزير الداخلية وبعد سلسلة من الاجتماعات والأخذ والرد ورصيد من الخبرة والصبر استطاع محمد أحمد ولـد محمـد الأمين وزير الداخلية واللامركزية إقناع جميع الأحزاب السياسية بتاريخ (27-09-2022)بالتوقيع على الوثيقة النهائية للتشاور بين وزارة الداخلية والأحزاب السياسية حول الانتخابات النيابية والجهوية والبلدية 2023والتي كان من ضمن بنودها تشكيل اللجنة الوطنية المستقلة للانتخابات محاصصة , وبالفعل شكلت اللجنة ورسم المسار الانتخابي وبدأت العملية الانتخابية وظهرت نتائج الانتخابات وبدأت الأصوات تتعالى منددة بالتزوير وسوء إدارة العملية الانتخابية بل إن الأحزاب السياسية معارضة وموالاة رفعت مظالمها للرئيس ضد ضد اللجنة متهمة لها بالتقصير والتحيز وبعضها قررالنزول للشارع وهذا الواقع يطرح التساؤلات التالية :
هل كانت نتيجة هذه العملية غائبة عن الأحزاب السياسية المحتجة الآن ؟ بالطبع لا؟ فلم يكن كلما حدث من ارتباك وسوء تسيير للعملية الانتخابية ونتائجها من قبل اللجنة الوطنية المستقلة للانتخابات بغائب (عنهم) فقد حذرناهم من اللحظة التي تم فيها تشكيل اللجان والطاقم واستبعدت القيمة المضافة للإد رة من خلال الطواقم الخبيرة بالعملية طيلة التجارب السابقة واستبدالها بلجان لاخبرة لها تم اختيارها بطرق عرفها القاصي والداني فكانت قوائمها كحاطب ليل وقد نبهنا حينها على خطورة الخطوة(بإمكانكم متابعة الرابط اسفل المقالة)وأنها ستؤثر على جودة المخرج الانتخابي وأنها لن تلبي الطموح السياسي وسيكون مصيرها الفشل وطالبنا وقتها بتصحيح الأخطاء وطرقنا أبواب اللجنة أولا ثم الإعلام وراسلنا الأحزاب السياسية ووزعنا البيانات ولم ينبس أحدهم ببنت شفة عندما حذرناهم من الاختلالات في بدايتها ولكن كنا كما قال الشاعر : لقد اسمعت لو ناديت حيا/ولكن لاحياة لمن تنادي
بل إن بعضهم (الأحزاب ) رفع عقيرته بالتهجم علينا والدفاع عن اللجنة حينها ثم لما أن خر بنيانه من القواعد إذا هو وحزبه يجئرون.
ومادامت الحجة قد قامت عليها(الأحزاب) والأمر وقتها محل تدارك فهل مطالبتها بإلغاء العملية الانتخابية حاليا والكتابة بذلك للرئيس والاجتماع به أمر له ما يبرره؟
إن هذه المطالبة مريبة لا لأن المبدأ في حد ذاته مرفوض وإنما لصدوره ممن شارك في صياغة الآلية الفنية المنظمة له ورفدها بحكماء من اختياره وأكل من مرقها (استلمت كل هذه الأحزاب عشرات الملايين من الأوقية دعما من الدولة ) ثم يحاول التنصل من العملية عند ظهور النتائج وهو هنا لا يخلوا من أمرين :
1- إما أنه كان شاهد زور وشارك في صياغة العملية وبالتالي عليه أن يتحمل مغارمها كما أكل وحاز مغانمها
2- وإما أنه شخص غر مغفل لا يعي أبعاد الأمور ومألاتها ولا يحسن تقدير الأشخاص وولائهم حيث اختار الحكماء لتمثيله في العملية وإدارتها وشخص تلبس بهذه العيوب لا يمكن أن يكون أهلا لتمثيل الناس وإدارة الشأن العام.
والمتتبع لحجج الأحزاب السياسية في مطالبها بإلغاء الانتخابات يلاحظ تدرعها بدعويين تحميل اللجنة المستقلة للانتخابات وزر ما جرى ,واتهام وزارة الداخلية بالتحكم في اللجنة وتسييرها وهي دعاوى أفلس من صفقة أبي غبشان.
فلا يمكن تحميل اللجنة وحدها المسؤولية بل جميعهم كان مشاركا ولم يتورع عن قبض الثمن فلما أحس بالمركب يغرق أراد القفز منه بغنائمه متنصلا من مغارمه.
والدعوى الثانية هي محاولة إقحام وزارة الداخلية في العملية واتهامها بتسيير اللجنة في حين لم نسمع بهذا الاتهام طيلة الأشهر الماضية وخصوصا أن الحكماء تم اختيارهم محاصصة وهم من يفترض فيهم تسيير اللجنة , على أنه لا يعاب على الإدارة الاقليمية محاولة الحصول على المعلومة وإنما يفترض في اللجنة تكوين كادرها الفني على الحفاظ على حياده بين الأطراف ووضع مسافة بينه وبين الإدارة وفق الضوابط الكفيلة بالاستقلالية وسرية المعلومات.
حال اللجنة الوطنية المستقلة للانتخابات وحال الأحزاب السياسية من الأغلبية والمعارضة هي :
وأنت امرؤ إما ائتمنتك خاليا / فخنت،وإما قلت قولا بلا علم
فأنت من الأمر الذي كان بيننا / بمنزلة بين الخيانة والإثم