في إطار مواكبة موقع الفكر لمجريات الساحة الوطنية، وسعيا منا إلى إطلاع متابعينا الكرام على تفاصيل الأحداث، بتحليل وازن، ونقاش متبصر، نلتقي اليوم مع أحد القامات السياسية والعسكرية والحقوقية ممن لهم عناية بالوحدة الوطنية، ولهم كذلك عناية وحدب على أهل هذا البلد وعلى وحدته ومصالحه، وهو إلى ذلك ملم بتاريخ البلد، نحاوره ونستجلي من خلاله ما وراء الخبر، في لقاء شامل،
فأهلا وسهلا بضيفنا الكريم
النقيب السابق ابريكه بن امبارك
عضو اللجنة العسكرية سابقا
موقع الفكر: الاسم ابريكه ولد امبارك ولد فَرَجي ولد بتميت ما هي قصة هذا الاسم؟ وهل يمكن أن تحدثونا عن النشأة الأولى لابريكه ومراحل تعليمه وأين كانت؟
النقيب ابريكه ولد أمبارك: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته أشجع هذا العمل الذي يقوم به الشباب في هذا الفكر، هذا البلد الذي يدعى موريتانيا يحتاج لأناس يركزون على الفكر والثقافة حتى يتطور؛ لأننا لا يمكن أن نكون في هذا الزمن وما زلنا متخلفين؛ لذلك إذا رأيت من يهتم بالثقافة والفكر يشجعني ذلك.
اسمي هو ابريكه ولد امبارك الملقب امبارك الشلحي ولد فَرجي بن بتميت، وفَرَجي هذا رجل من أهل التافلالت في المغرب، ويبدو لي من التاريخ أنه كان يعمل في الزراعة، ولديه بعض الخيل ويقوم ببعض المسائل، ويبدو لي أنه أتت به موجة تاريخ لأطار، والتقى هناك برجل آخر من أهل التافلالت يدعى همدي محمود الملقب ادهاه رحمه الله، -وبما أن هذا الرجل كان له الدور الكبير في المجال الحقوقي والإنساني والاجتماعي بل كان له دور سياسي كبير في أطار ويعتبر رمزا من رموز البلد أدعو أنا شخصيا الحكومة للالتفات إليه وتكريمه بالتوشيح وتسمية أحد الشوارع باسمه-
ورأى فيه مميزات لا بأس بها وضمه إليه وأعطاه مزارع ومسائل يقوم بها بصفته رجلا من أهل التافلالت.
كان يعزف على "ارباب" وقال له أهل موريتانيا بأنه حرام، وكان يركب الخيل كذلك.
والدتي تدعى بَرَكة بنت بكري امرأة من قبيلة السماسيد فهم أخوالي، ممكن أن تكون من أسرة كانت لديهم علاقة بالفرنسيين، ولكنهم لم يقبلوا أن يذهب النصارى بأبنائهم.
وهي من السماسيد من أهل فم جول وامناسير وهي "شيخة وشرنيخة".
والدي اختار لي هذا الاسم ابريكه، كان يمكن أن يقول لي سيد أحمد أو محمد أحمد ولكن لأنه كان قادما من التافلالت، ويظن أن المجتمع وصل إلى مرحلة متطورة، وهذه المسائل أصبحت بلا معنى؛ لأن العرب فيهم جميع الأسماء مثل مسعود وابريكه ومحمد امبارك.
درست الابتدائية في أطار، وقد درسني بكار ولد أحمدو في السنة الأولى، ولم أكن طالبا ذكيا، ولكن كانت لدي الغيرة على موريتانيا وأنا صغير؛ لذلك ظلت لدي مشاكل في المدرسة بسبب آرائي الشخصية.
أنهيت الابتدائية ولكن لم أكمل المرحلة الإعدادية، فلم أتفاهم معهم؛ فقاموا بتصفيتي.
فاعتمدت على التكوين الذاتي، ثم جاءت مدرسة التكوين وشاركت في المسابقة ونجحت.
وعند ما التحقت بمدرسة التكوين تزامن ذلك مع وجود بعثة من قيادة حزب الشعب، وطلبت منا الانخراط في حزب الشعب كما طلبت من مدير المدرسة أن يقوم بتصفية أي طالب يرفض الانتساب لحزب الشعب، لم أنتسب، وقلت لهم سأدخل حزب الشعب عند ما تختفي ظاهرة العبودية من موريتانيا، فقاموا بطردي دون أن أكمل التكوين، وحولتُ إلى بير أم اكرين.
في بير أم اكرين بقيت اعتمد على التكوين الذاتي وكنت في منتهى النشاط، الرياضة وكل المنافسات الرياضية مما جعل مني منافسا قويا للضباط كادير رحمه الله، وهيداله وملاي ولد بوخريص وآجيه رحمه الله، وبعدها جاء قائد الأركان امبارك بن بونة مختار رحمة الله عليه ،حيث تعهد لي بإخباري بالامتحان وفعلا وفى بعهده لكنني علمت يومين فقط قبل الامتحان ولم استطع اللحاق بنواكشوط في الوقت المناسب وبالتالي فاتت علي الفرصة.
في تلك الفترة كنت أدرس التلاميذ بجميع ألوانهم (كنت امكركر العالم)، وأمارس الرياضة مع العساكر.
وكان لدي فهم لا بأس به لذلك لم يكونوا يريدونني.
بعد ذلك حولت إلى شنقيط، ومن المعروف أن المنطقة تسكنها قبائل مثل إدوعلي ولقلال مع وجود إقطاعية قوية، عندهم الواحات ( ازرايب ) والعبيد، حيث دخلت في صراع مع ولد الطلبة رحمه الله، وولد البشير رحمه الله، وولد محمد صالح رحمة الله عليه، وصرت أدرس الناس في الواحات وهكذا.
وللتنويه فإن نظريتي بخصوص مجموعة لحراطين كانت وما زالت؛ بأن موريتانيا مكونه من الفولان، والصوانك، والولف، وبمباره، ولعرب؛ حيث يتكون لعرب من مكوني لحراطين والبيظان البيض، فيمكن للشخص أن يقول إنه ليس بيظانيا لأنه ليس أبيض؛ ولكن لا يمكنه أن يقول بأنه غير عربي لأنه عربي.
نظريتي أن الحديث عن الهوية بلا معنى، ولحراطين لا يمكن أن يبحثوا عنها لأنهم عرب؛ والظلم لا يمكن لشخص سوي أن يخلطه مع الهوية، يصعد عليه الظلم حتى يصير من زمبابوي أو الهنغالا أو بانتو، هذه النظرية كانت وما زالت عندي، وبقيت عليها إلى اليوم، هذه هي المقدمة وفيها شيء ليس منها.
موقع الفكر: ما هي قصة التحاقكم بالجيش وتكوينكم في الجزائر وعودتكم إلى موريتانيا؟
النقيب ابريكه ولد أمبارك: في بير أم اكرين -رغم صغري- تولدت عندي فكرة أن طبيعة المجتمع الموريتاني لا يمكن أن يحدث فيها تغيير بدون انقلاب عسكري يقلب الموازين -في ذلك الزمن كانت موجة الانقلابات في أمريكا وإفريقيا هي السائدة وكان ينظر إلى الجيش بأنه يمكن أن يقوم بتغيير حقيقي- وبعد ذلك قررت ثلاثة أمور أن أكون مدرسا ثم نقابيا ثم ضابطا.
لأن المعلم متقدم، والنقابة عندها القوة، والجيش يطبق، قلت إنني أريد أن أدخل الجيش من أجل أن أشارك في انقلاب؛ لأن موريتانيا دولة إسلامية منحها الله ثقافة قوية، ولسان واحد، ولديها دين واضح، ولكنهم منشغلون بأشياء أخرى مثل العبودية.
دخلت الجيش في العام 1970م والتقيت بمجموعة من الضباط كانوا أكبر مني، مولاي هاشم بن مولاي احمد رحمه الله، محمد فال لمرابط، با آبو حسين رحمه الله، كادير ناجي رحمه الله، كان طالبا، والطلاب كانوا هناك فيهم واحد يدعى ولد الشواف، ومحمد محمود.
كان لدى الضباط منزل يجتمعون فيه عند ما يكونون في نواكشوط، وهو مكان وزارة الصحة حاليا.
هذه الزمرة كانت تفكر بالانقلاب للقضاء على العبودية ومظاهر الفساد مثل الرشوة والمحسوبية، وقلنا إن هذه المسائل لا يمكن حلها إلا عن طريق تطبيق الشريعة؛ لأن الشريعة يطبقها الناس على هواهم.
هذا التفكير بالنسبة للعلمانيين والنصارى غير مرضي؛ لأن عندهم فكرة حصر الشريعة في تطبيق الحدود؛ ولكن الشريعة إذا طبقت لا تقتل بل إنها ستوفر الردع الحقيقي للناس، ولذلك تختفي الجريمة، ثم إن موريتانيا لا يمكن أن تستقيم بدون تطبيق الشريعة.
قررنا أنه بعد الانقلاب سنطبق الشريعة، ونقضي على العبودية، ونركز على التعليم.
ثم إن موريتانيا في الحقيقة تنقسم إلى قسمين:
- موريتانيا الأطر والأحزاب السياسية.
- موريتانيا الشعبية تبحث عن الخدمات من صحة وتعليم وغذاء.
والفرق كبير ما زال إلى اليوم بين هذين القسمين من حيث الاهتمامات؛ فالأطر بعيدون كل البعد من الواقع والعمق الحقيقي للمجتمع في الريف والكبات والكزرات، وهذه الصورة من لم يفهمها وهو في الحكم لا يمكنه أن يفهم البلد على حقيقته.
تم منحي للجزائر للتكوين على المدفعية؛ لأنهم اعتقدوا أنني لا أستطيع أن أنجح فيها؛ لأنها تتطلب بعض المعلومات مثل الرياضيات، جعلوا على الفرقة زنجيا يدعى جنغ ناديرو، ومساعده عبد الرحيم ولد الحسن؛ بمعنى أنني كنت من الممكن أن أقضي عمري دون أن أترأس (انعود شيخ)، وجعلوني هناك بسبب مواقفي.
بل أتذكر أن قيادة الأركان -قبل ذلك- كتبت لولد هيدالة في النعمة بضرورة إرسال توصية تتضمن مقترح بفصلي؛ بحجة أني حرطاني ولا يمكن أن أكون ضابطا،
انتظرت حتى أعرف كيف سيتصرف معهم، وأعرف "هل هو فاهم لموريتانيا أم لا" وعند ما قضى أشهرا لم يرد عليهم أرسلوا له طلبا آخر عرفت أنه فاهم لموريتانيا.
لحراطين ولمعلمين هذا لا معنى له...
عرفت أنه فاهم لموريتانيا، وهذا سيتضح أيام الحرب ونفهمه بتلك الصفة.
وفعلا ذهبت للجزائر وتكونت على المدفعية أرض أرض، وكانت معي مجموعة، منهم الضباط: عبد الرحمن بوبكر، وعبد الرحيم ولد الحسن رحمه الله، وسوماري رحمه الله، تفوقت في التطبيق.
وكان هذا قبل حرب الصحراء بقليل؛ لذلك الجزائريون فكروا في منعنا من العودة إلى موريتانيا، وأخذوا المراجع والكتب منا، بل إنهم كادوا أن يمنعوننا من الذهاب إلى موريتانيا لولا تدخل الملحق العسكري لموريتانيا أحمد ولد منيه؛ لأن ذلك سيشكل دعما لموريتانيا في الحرب.
الرئيس هواري بو مدين أعطاني تهنئة، وأوصى موريتانيا بإعطائي ترقية، ولكنهم لم يفعلوا ذلك.
وعند ما وصلنا بدأت حرب الصحراء، والتي فهم الناس من خلالها أن القبائل والشرائح هي أشياء بلا معنى، بل كل إنسان لديه دوره الخاص، وموريتانيا دخلت الحرب بجميع مكوناتها "فولان"، و"صوانك"، و"الشرفه"، و"لحراطين"، وواجهت نفس المصير.
بالنسبة لي كنت أؤيد الرئيس المختار ولد داداه؛ لأنه منذ الخمسينات يقول إن الصحراء جزء لا يتجزأ من موريتانيا، ولكن بعد استقلال موريتانيا وعرقلة المغرب لاستقلالنا كان لا بد من التعامل مع الأوضاع بصفة جيوستيراتيجية، والمعاملة مع الأوضاع أن هناك إسبانيا، والمغرب، والجزائر، الجزائر طلبت من موريتانيا والمغرب أن يتفاهموا، الآن هناك من يقول لماذا المختار قسم موريتانيا؟ وهي مسألة كانت ضرورة لأنه فكر في ضعف الشعب.
هواري بومدين قال 1972 بنواذيبو للمختار وحسن الثاني رحمه الله أن الصحراء لا تهمه واتفقوا على ذلك.
إذن السبب المباشر هو المضايقات التي تعرض لها المختار ولد داداه والاستفزاز؛ لأن هواري بومدين هدد المختار، وكان سيعطيه الأوامر بعدم التوقيع، ومحاولات منع الطائرة الرئاسية من الإقلاع؛ فالمختار لم يرض أن تتحداه الجزائر، وكان لا بد من أن يقوم بتوقيع الاتفاقية؛ فغير مسار رحلته إلى المغرب لتوقيع الاتفاق.
بالنسبة لي المختار لم يخطئ، كان من المفترض أن يقوم بما قام به بالضبط، ولكنه كان يواجه القبلية والمحسوبية في الجيش، وهي أشياء تضعف الجيش لأنها تنافي الثقة، والمغرب كانت لديه نفس المشكلة، ولكن الحسن الثاني غير الموضوع فكان يعطي كل شخص ما يستحقه، فانقلبت الموازين.
عند ما بدأت الحرب كانت موريتانيا لا بد لها من تيرس الغربية، وقررت إرسال فيلقين؛ فيلق بقيادة محمد محمود بن أحمد لولي يعسكر في موريتانيا، وفيلق آخر يتوجه إلى الصحراء، لم يجدوا ضابطا من الضباط الكبار، فقام فياه ولد معيوف من الدرك وطلب قيادته، وكان لديه ضباط مكونين في الجيش، فانطلق حتى اخذ لكويره، والعركوب، وآوسرد، وبير كندور، والداخلة، وسيطر على الأوضاع.
وفعلا قامت الناس ضده... ثم صار وزيرا.
هناك من يقول إن الجيش الموريتاني هزم في الصحراء، أنا بالنسبة لي من يسأل إبراهيم غالي ولد الدرويش رئيس البوليزاريو، وسيد أحمد البطل الموجود في تيندوف، وأيوب الموجود بالمغرب وآخرون يعرفون أن موريتانيا لم تهزم؛ إذا تصارعت مع صبي قد يرميك ويصيبك ولكنه سيهرب فإذا وقف ستعاقبه، ومن الطبيعي وجود قتلى وأسرى في أي حرب.
الشعب الموريتاني سيطر على الأوضاع، وتمثلت سيطرته بما سأقوله: إنتاج المعدن لم يتوقف في الحرب أكثر من 7 أيام، وكانت استراتيجية الجزائر أن يتوقف الإنتاج حتى تركع موريتانيا، ولكنها لم تستطع أن توقفه.
فكرت موريتانيا وفكر الجيش أنه لم يعد في مصلحة البلاد مواصلة الحرب، وعرضت أن تتنازل للأمم المتحدة عن تيرس الغربية بعد دعوات تقول بضرورة تقرير المصير من أجل إيجاد حل؛ لكن الأمم المتحدة رفضت، وقالت موريتانيا إنها ستنسحب على كل حال، ولكن لن تتنازل عن لكويره لا للجبهة ولا للمغرب ما دامت قضية الصحراء لم تجد حلا، وهكذا تم توقيع الاتفاقية وانتهت الحرب.
موقع الفكر: في حرب الصحراء كان هناك الكثير من الأحداث التي كنتم في قلبها مثل سقوط طائرة كادير مثلا؛ ما هي أبرز ذكرياتكم مع هذه الحرب وهل ترون أن موريتانيا كانت بحاجة إليها؟
النقيب ابريكه ولد أمبارك: الذكريات لا تنسى، والحرب كلها ذكريات؛ لأن هناك دولة تحرك البوليزاريو وتعطيها الدعم التام، ويوميا هناك أحداث.
أتذكر أيام "لكويره " قبل دخولها وأثناء اشتداد القصف كان هناك النقيب اعل ولد مختار أمبارك، وقد اتصل به العقيد حمود ولد الناجي الذي كان حينها قائدا للأركان، وطلب منه التقدم فرد عليه بالمثل الحساني " الماه فالديكه ارجيل" (يعني عندما تكون خارج المعركة ستكون شجاعا)؛ فرد عليه (أنت الل فالمعركة وأرجو أن تكون ارجيل) أنت في المعركة وأرجو أن تكون شجاعا، فضحك الجميع.
عندما ذهبنا من الداخلة ودخلنا في أكركر علمنا في المساء بوفاة اسويدات ولد وداد بعد هجوم الجزائر على عين بنتيلي، كان هناك فكرة لدى الناس بالقضاء على كل من يعترض طريقهم.
طائرة الطيار "كادير" قصتها أنني كنت مع ولد هيدالة وتحدث معنا الطيار الساعة الرابعة عصرا وبعد نصف ساعة اختفى صوت الطيار، توقفنا ننتظر أوامر القيادة، أتذكر أنني قلت لولد هيداله بأن الجبهة استهدفت الطائرة، وفي الصباح أمرت قيادة الأركان أن نعود ونبحث عن الطيار، تابعنا أثر السيارات من "لمهيرز" الحاشية ليوم كامل حتى صلاة المغرب.
كنت قادما من " آوسرد" وكنت أقدم الدعم لولد هيداله لأنه لا بأس به ويعرف هذه الأمور.
قيادة الأركان فقدت الأمل في العثور على الطيار، وأمرونا بالعودة وكانت ستكون صدمة لو أن الجبهة أسرت رائدا في الجيش.
قلت لولد هيدالة إنني سأبقى بعدهم حتى أتأكد، نظرت في الخريطة كان هناك مرتفع يسمى ازبيلة ولد الديخن، وفكرت في مستوى ارتفاع الطيارة ورأيت أن الجبهة قد استهدفتها من ذلك الجبل،
أخذت دبابة أحمد ولد سيدي وهي من النوع الذي يسير على الإطارات، وصعدت على الجبل ونظرت بالمنظار ودُرت بالجبل حتى رأيت شيئا يشبه الطائرة أعدت العملية ثلاث مرات حتى تأكدت من الطائرة، واتصلت بولد هيداله وقلت إنني وجدت الطائرة.
أمرتهم قيادة الأركان بالعودة، وكانوا قد ذهبوا بعيدا وفعلا عادوا، فأخذت عربة جند مع أحمد سالم ولد هيبه، كان على الاتصالات، وعبد الباقي فلواط على المدفع الثقيل، وكان السائق محمد يركب، ذهبنا إلى مكان الطائرة وتأكدت من خلو المكان من أي شيء، وفعلا خرج لي كادير وقال لي نحن هنا، والتفت إلى رجل معه يدعى محفوظ وقال له قلتها لك: يجب أن نبقى هنا.
أخذت كادير وأتذكر أنه عند ما أتيت به إلى ولد هيداله سالت دمعته؛ لأنه لم يكن يظن أنه سيلقى كادير.
ولكن ما حز في نفسي أن قيادة الأركان قدمت ترقية لكبار الضباط مثل ولد هيدالة، وكادير، وولد بو سيف، وأنا رغم أنني قمت بكل شيء فقد كان حظي النسيان، وأمروهم بالدخول وبقيت أنا خلفهم كذلك، ولكنني مؤمن بأن الضابط يجب أن يصبر كل ذلك، ولكن في كل مرة أسمع هذا أعرف أنه غير صالح.
لو لم أقم بالتخطيط، والنظر في الخريطة، وكذلك إصراري على أن لا تكون الجبهة قد أسرت رائدا فلن نعثر على كادير.
من الذكريات أيضا الهجوم الذي وقع على ازويرات فاتح مايو 1977، كنت حينها قادما من آوسرد من أجل جلب المياه والمؤونة للجنود؛ لأن مياه آوسرد غير صالحة للشرب، كنا نحتاج لجلب المياه والمؤونة من ازويرات في كل شهر، وعملية جلب المياه هي الأصعب لأنها قافلة من السيارات والصهاريج ويمكن أن تتعرض لهجوم من الجبهة.
طلب مني القائد محمد ولد لكحل أن أذهب في الليل وقلت له سأرى.
وفي الساعة الرابعة صباحا وقع الهجوم وخضت المعركة كقائد؛ لأن ولد هيداله كان قد ذهب إلى بتلميت لزيارة والده رحمة الله عليه.
وجاء ولد هيداله صباحا؛ ولأنني لست من فرقتهم تركوني ووضعوا أشخاصا في المقدمة، ولكن لم تسر الأمور، وقلت لولد هيداله بأنني سأتولى عنهم المقدمة، وقمنا بمطاردة الجبهة بعد اختطافهم لـ06 فرنسيين، وفعلا تجاوزت منطقة تدعى "اكليب ادبش"، وكادير كان قائد الطائرة، ويوجد بمكان يدعى اكليب ادباغ، والتبس على كادير اكليب ادبش واكليب ادباغ، طلب مني ولد هيدالة الرجوع إلى اكليب الدبش، وقال لي البوليزاريو هناك، قلت بأنني تجاوزته والبوليزاريو ليسوا هناك، كانت الأوامر أن أعود وعدت، ولكن لم أجد أحدا.
ولكن في النهاية قمنا بمحاصرتهم في المساء في مكان يدعى "اصطيلت زاد ناس" ولم نعتقلهم؛ لأن الرئيس المختار بعث امبارك بن بون مختار وزير الدفاع، وأحمد ولد بو سيف قائد الأركان، بأوامر صريحة بأن نفك الحصار عنهم، في البداية رفض ولد هيداله ولكن معاوية قال إنه سيطبق الأوامر بفك الحصار عنهم، وهيداله لا يمكنه أن يذهب وحده.
أثناء مطاردتنا لهم كنا كلما اقتربنا يقومون بتهديد الفرنسيين بالقتل.
هذا يبرهن أن هذا الشعب -وهذه رسالة للناس الذين يطالبون باسم لحراطين- أنه شعب قوي، ويجب أن نتركه يتعايش، ومن يهتمون بالعلمانية والصهيونية حتى تجاوزوا فرنسا وأمريكا في هذه الأفكار الفاسدة، يجب أن يتركوا الشعب الموريتاني ليشتغل في شيء يفيده.
موقع الفكر:أين كنتم غداة انقلاب 78 وما هو الدور الذي لعبتموه فيه؟
النقيب ابريكه ولد أمبارك:الانقلاب نحن الضباط الصغار من 1972 كنا نفكر فيه، ولكننا لا نمتلك قيادة الوحدات لذلك كان لا بد من إشراك بعض القيادات الكبيرة، كنت في آوسرد مع جدو ولد السالك وحابي كامرا جوب عبدلاي، كنا سنأتي لنواكشوط ولكن الناس قرروا أن يذهب محمد خونه ولد هيداله إلى ازويرات، وطلب مني أن أذهب معه، في البداية رفضت خوفا من أن يتم تهميشي في قيادة البلد، وهي مسألة سبق أن عشتها؛ لذلك ذهبت بعد ان تلقيت الكثير من التطمينات من الضباط، حيث جاءني أبوه ولد المعلوم ومحمد الأمين ولد الزين وقالوا لي بالحرف الواحد لا يمكن أن نستغني عنك في المرحلة القادمة؛ وهذه المهمة تحتاج لرجل مثلك لأن هناك وجود مغربي كبير ولا بد من كتيبة قوية قوامها 400 رجل يتم تكوينها شهرا قبل الانقلاب، ويختار لها قائد لديه تجربة، وللتذكير فقد وقع الاختيار علي من قبل ولد هيداله لهذه المهمة.
أتذكر عند ما أتيت كان قائد هذه الكتيبة حمود ولد الناجي رحمه الله قال لي لماذا تم تحويلك دون أن أعلم بذلك، قلت له لا أعرف، قال لي و أنا كذلك لا أعرف.
بدأت في تكوين الوحدات الخمس، وكان معي الملازم محمد ولد مكت، والملازم لبات معيوف، والملازم عبد الرحمن بو بكر، والملازم الشيخ ولد اشروف والملازم محمد الشيخ الهادي، وتكونوا جيدا.
عند ما حدث الانقلاب كنت مكلفا بإخبار المغاربة بالانقلاب، وأن أقول لهم حقيقة ما جرى وأكون مستعدا لكل ما سيحدث؛ لأننا أمام قوة مغربية قوامها 2000 جندي.
جئت إلى المنور إدريس ومعه الضباط المغاربة، وقلت لهم نحن قمنا بانقلاب، ولكنه شأن داخلي لا يعني المغاربة، وفورا قام هو ورفاقه بإخبار الدليمي رحمه الله، وكان في لعيون وكذا إخبار الملك الحسن الثاني، في البداية كانت لديهم خشية من هجوم سكان ازويرات على المغاربة الموجودين في ازويرات، قلت لهم إن ذلك لا يمكن أن يتم لأننا نحن من قمنا بالانقلاب والأوضاع تحت السيطرة.
في 10 يوليو كنت مكلفا مع ولد هيداله بملف المغاربة في الشمال، من أجل حماية ظهر الجيش وهو يقوم بالانقلاب؛ حتى تسير الأمور بانسيابية ودون أي مشاكل.
موقع الفكر: متى بدأت علاقتكم بالرئيس محمد خونه ولد هيداله؟
النقيب ابريكه ولد أمبارك: علاقتنا بدأت عند ما كنا في بير أم اكرين قبل أن التحق بالجيش، كنا نلعب الكرة، وبعد التحاقي بالجيش وتحويلي إلى النعمة توطدت علاقتنا هناك.
في النعمة طلبوا منه إرسال توصية بفصلي من الجيش، وعلى ثلاث مرات كان يعاقبني بسبب حديثي الدائم عن الانقلاب، وكنت أقول له سأقوم بانقلاب لأطرد الإقطاعيين من أمثالك.
كان ولد هيداله رجلا قويا ولكنه محسود من الناس نظرا لتكوينه، فهو محروم من اللوجستيك- المعدات فلا يكاد يأتي منها شيء للنعمة.
مرة من المرات أرسلني لنواكشوط لجلب بعض اللوازم العسكرية (كركرت أهل نواكشوط) وقدمت إليه بحمولة طائرة من اللوازم العسكرية (الرصاص / الإطارات)، وفي لعيون أرسل لي سيارة وازدادت العلاقة بيننا من ذلك اليوم.
وكان يقول لي هل ستقوم بانقلاب لصالح لحراطين؟ كنت أقول نعم؛ لأن ما تقومون به غير صالح، وكان معنا ضابط اسمه أحمد ولد بل عند ما تعلو أصواتنا يتدخل بيننا.
تم تعييني ذات مرة – لتوزيع مساعدات غذائية في لعيون- ولكنه رفض ذلك، وطلب أن أبقى تحت إمرته، قدمت له الكثير قبل الحرب، وعرف قيمتي، وتيقنت أنا أن موريتانيا لا بد لها من البيظان، وأن هذا العنصر الذي يدعى البيظان سيحكم موريتانيا لفترة من الزمن، قبل أن يحكمها لحراطين هذا ليس ضعفا منهم، ولكن هذا واقع.
لذلك لا بد لأي أحد أن يأخذ عنصرا من البيظان يثق فيه ويدعمه من أجل أن تتقدم موريتانيا.
أعطيته الدعم لأنه رجل لا يفرق بين مكونات المجتمع، وكان يساهم بجهده في كل شيء.
ولد هيداله كان عند ما تكون هناك مشكلة يكون في الميدان، ويقدم الخدمة للجميع، ولا يفرق بين مكونات المجتمع.
في البداية عند ما بدأت الحرب لم يحصل على ثقة قيادة الجيش وحولوه للحرس، ولكن عندما حمي الوطيس كان لا بد من استدعائه من جديد.
ولد هيداله لم يكن ضعيفا، وموريتانيا لو لم تكن نحسا (لعاكه) لبقي هو عليها، ولكنه لم يكن ليبقى نتيجة للموازنات الجيوستراتيجية.
في كل المراحل كانت علاقتي بولد هيدالة قوية؛ رغم أنني تعرضت للكثير من الظلم بسبب بعض الناس الذين نقلوا له معلومات مغلوطة.
في ازويرات لم أكن قائدا كنت مشرفا على الدبابات، وشاركت في تدريب مع عراقيين وطلبوا من ولد هيداله ابتعاثي إلى البصرة، وعند ما خيروني بين الذهاب أو أكون قائد المنطقة العسكرية، قلت أنني أريد أن أذهب، سألني ولد هيداله لماذا؟ قلت له لأن أفكار الجيش لم تكن ناضجة بالنسبة لي وأريد أن أذهب، وفي النهاية بقيت هنا ولم أذهب.
وبدون علمي تم تحويلي لازويرات وأبليت بلاء حسنا (عدلت ياسر من الشغلة)، ولكن الوشاة غيروا علي ولد هيداله فحولني إلى النعمة، وكنت كلما أبليت بلاء حسنا يوشون بي إليه فيقوم بتحويلي.
قبل تحويلي إلى نواكشوط سألني، قلت له لا أريد أن أحول لنواكشوط؛ لأنك ستقوم بالأخطاء وسأعترض، في البداية قال لي لا مشكلة، قلت له عند ما أكون في نواكشوط لا يمكن أن يظلم حاكم أو وال أو تسلم مدرسة دون أن تكون جاهزة، (ألاه اكوم لعياط).
اتذكر أنه في العام 1984 اختفت كلمة لعبيد ولحراطين، وبالنسبة للهياكل فإن كل التيارات السياسية مثل البعثيين والناصريين والإخوان وأفلام كانوا ضد الجيش فقط، ولكن الشعب يجب أن يتكون ويكون مشاركا.
جئت لنواكشوط، وبدأت العمل، وفعلا هيدالة كانت ضده المغرب، والسنغال، وفرنسا، وأمريكا، وكانت لديه مواقف قوية ضد البنك الدولي وصندوق النقد الدولي وكل ذلك بصفته تلك.
وفعلا قالوا بأنهم لا بد ان ينقلبوا عليه لأنه رفض المساومة بموريتانيا، ولكنهم لم يستطيعوا ذلك حتى كتبوا تقارير استخباراتية من أمريكا وفرنسا تفيد أنني سأقوم بانقلاب ضد الرئيس هيداله ومن الممكن أن يكون صدقهم، وراقبوني قبل ذلك ليعرفوا هل يمكن أن يكون لدي انتماء لفرنسا أو أي شيء آخر.
قلت لهم إن أي شخص قام بإنزال فوق نواكشوط سأواجهه، من جاء سيجدني أمامه في المنطقة السادسة.
عزلني من المنطقة العسكرية السادسة، وبعد شهر التقيت به قلت له الكثير من الكلام، والتقى به حمود ولد الناجي رحمه الله قال له قبل ذهابك إلى بوجمبوره ارفع الظلم عن ابريكه ولد أمبارك؛ لأنك إذا ذهبت ستفقد الحكم ولم يستمع له.
ويبدو لي أنه وثق في معاوية وحين فهم معاوية إمكانية رجوعي تحرك سفير فرنسا وذهبوا بهيداله في الطائرة يومين قبل بوجمبوره خوفا من إجراء تعديلات.
لم أكن أعمل فترة انقلاب 1984 وتعرضت للسجن أربع سنوات سنة منها في نواكشوط وسنتين في كيهيدي، و 11 شهرا في بومديد، وبعد إطلاق سراحي فرضت علي إقامة جبرية لمدة سنتين، ولم يتم إطلاق سراحي إلا بعد أن كتبت رسالة مفتوحة لمعاوية ومن معه من الضباط، تحمل كل ما لدي من النظري، وتأكدوا أنه لا بد من تركي لأعيش.
البعض يسأل لما ذا لم تعارض الجيش، وأنا أقول لهم لا يمكن أن أعارض الجيش؛ لأن كل واحد منا لديه جانب من الجيش يحافظ عليه ويحترمه ونحافظ من خلاله على موريتانيا.
هؤلاء بعض اللصوص يمكن أن يبيعوا موريتانيا لقطر أو العراق أو أفغانستان أو إسرائيل لا يمكن أن يردعهم أو يهددهم إلا مثلي أنا من الناس.
ثم إن المسؤولين السياسيين لا يفكرون إلا في السلطة، ولو نظرت الآن لن تجد جهودهم منصبة نحو التوعية والتحسيس ضد كوفيد أو توفير فرص عمل أو المساعدة في الصحة والتعليم أو الوحدة الوطنية.
كنت وما زلت لدي قناعة بأن الجيش ما زال لديه دور في هذا البلد حتى يستقيم، طبعا في الجيش من يسعى للحصول على المال وأخذ منه الكثير، وهناك من بينهم من لديه أفكار مهمة.
أتوقع أن غزواني ربما يكون لديه تفكير لا بأس به لما ذا قلت هذا؟ لأنه عين 7 وزراء من شريحة لحراطين، وبعد ذلك عين وزيرا أول من لحراطين.
ولكن الناس يذهبون مباشرة للرئيس.
وفي حل هذه القضية لا بد من التقارب بين الناس، من لديه هذا التفكير يجب أن يكون لا بأس به، في نفس الوقت يجب أن يضيف ولد اجاي وملل، وهذه استراتيجيات أعتقد أنها يمكن أن تخرجنا من هذه الوضعية التي نحن فيها.
غزواني إن استمر بهذا التفكير وهذه الاستراتيجية يمكن أن يغير من هذه الوضعية، من لديه هذا التفكير يبقى لا بأس به.
حاليا الوزير الأول من شريحة لحراطين، لم نقل له أنت وزير لحراطين، ولكن قلنا له أن هناك مجموعة تشكو من البطالة والتهميش، وتحتاج من يفتح لها الحنفية، (يفتح لها الربينة).
وهناك مجموعة أخرى هم ضباط الجيش المتقاعدين لا يمكن أن يحرموا من الوظائف السامية وتعطى لبعض الوزراء الفاسدين، إذا كان الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني لا يرضى أن يقال عنه أنه يختار الجيش، الوزير الأول، ومدير الديوان، والوزير الأمين العام للحكومة، يجب أن يقترحوا ضباطا -خدموا البلد- عليه ليكونوا رؤساء مجالس إدارة؛ حتى لا يكون الرئيس محرجا.
إذاً الوزير الأول لا يقوم بدوره، ويجب أن يسمع هذا الكلام إن كان ما زال رئيسا للوزراء، ويلعب دوره ويغير قليلا، وزراء لحراطين الآخرين يجب أن يلعبوا دورهم، ودورهم بسيط لا يمكن أن تكون عندهم وزارات الشغل والداخلية والعدل وهذا كله، ويبقى هناك من يقول إن البيظان مسيطرين على كل شيء.
ما يقوم به غزواني ذكي، ولكن يجب أن نطلق النار على الوزراء أولا، والوزير الأول ثانيا قبل أن نصل للرئيس ولد الغزواني.
موقع الفكر: بصفتكم الرجل الثاني في نظام ولد هيداله وكنتم جزءا من نظام اتخذ قرارات مثل تجريم العبودية، وتطبيق الشريعة في أي سياق جاءت هذه القرارات؟
وهل ترون أنها كانت أولوية في تلك الفترة التي عانى فيها المواطن من الجفاف ومخاطر الهجرة الداخلية إضافة إلى تراكمات ما قبل وما بعد الاستقلال؟
النقيب ابريكه ولد أمبارك: بالنسبة لي السؤال وارد هل كانت القرارات المتعلقة بإلغاء العبودية، وكذا تطبيق الشريعة أولوية بالنسبة لمسائل أخرى، ومن جهة أخرى فإن الحكومة كانت تنظر إلى أولويات أخرى مثل مرض الكوليرا الذي أصاب المواطنين، ومثل الجفاف المنتشر، فكان من اللازم دعم الحيوان، لكن كان لا بد في نفس الوقت أن يعرف المجتمع أصله وفصله.
وتعرف الناس أن الشريعة التي ضدها النصارى والتي وصفوها بأنها قطع اليدين، وهناك موريتانيون يصدقون ذلك؛ لأن النصارى إذا نظرنا إليهم نجد أن الدين هو المحرك لهم ولا يمكن أن يحركوا هذا بهذا ويرفضون لنا ذلك، ويحترموننا ويقومون بفعل ذلك بتلك الطريقة، وكانت هناك العلمانية منتشرة.
العبودية: كان هناك الكثير من الناس جامد ويعتبر أنه مظلوم ولم نكن نريد أن تقوم له الناس أو اليهود، نظرنا إلى هذين المسألتين، وحاولنا أن نسير في هذا الخط، وقطعا كانت دول الخليج مستعدة لدعمنا وإسنادنا لو لم يأت انقلاب 1984؛ لأن قضية العبودية قضية اقتصادية؛ فتجمعات آدوابه إذا وجدوا التعليم والعمل والصحة ستختفي مشكلتهم.
والدليل أن أي شخص استطاع الحصول على المال ينسى آدوابه والكبات حتى أنه ستقدم لهم أنت أكثر مما سيقوم هو به لهم.
موقع الفكر: حدثنا عن انقلاب 16 مارس 1981 وقرار إعدام كادير ورفاقه.. ما هي حيثيات هذا القرار؟
وما طبيعة الضغوط التي تحدثتم في بعض خرجاتكم الإعلامية عن تعرض الرئيس ولد هيداله لها للمضي في تنفيذ هذا القرار؟
النقيب ابريكه ولد أمبارك: كنت في الحقيقة في روصو حين جاءني كادير وقال لي بأنه غير مرتاح لأنه عين وزيرا للإعلام ويخاف من التصفية، وفهمت من ذلك أنه سيغادر البلاد ربما صارحني بذلك؛ لأنه يدرك أنني أحترمه ثم ذهب.
وفعلا المغرب كانت ضد ولد هيداله وفرنسا كذلك وبحثوا له عن تلك المسألة.
وأنا في مدينة روصو بعث لي كادير رحمه الله رسالة وحدثني فيها عن الانقلاب، وأن موريتانيا فيها العنصرية ...إلخ، قلت لهم على كل حال أعتقد أنهم ظلموا، ولو شاوروني لما ذهبوا، ولكن ما دمت في روصو إذا أتوا هم والمغاربة سأقوم باعتقالهم؛ لأن ما يقومون به ليس من مصلحة موريتانيا.
ولكن كان معهم آخرون مع ولد هيداله والسلطة وقاموا بتحويلي من مدينة روصو لأنني لو كنت هناك من الصعب عليهم العبور من روصو ودخول موريتانيا.
بعد الانقلاب أتذكر أننا عند ما قمنا بالتصويت فإن أعضاء اللجنة العسكرية صوتوا بالأكثرية ضد القتل، وفي نفس الوقت نظرا لظروف القيادات العسكرية ذهبوا إلى مناطقهم في داخل البلاد، وبقي أعضاء اللجنة الدائمة بنواكشوط.
وبالنسبة لي أعتقد جازما أن اللجنة الدائمة كانت تريد التخلص من هيداله، حيث اجتمعوا معه وضغطوا عليه وأغروه بإعادة التصويت، حيث صوتوا على إعدام كادير، وأحمد سالم، وانياك مصطفى.
ومن وجهة نظري فإنما ذكر سيدي أعمر في كتابه من أن هيداله صرح له بأنه كان يمكن أن يعفو عن المعنيين ولكنه لم يفعل، قلت أنا إنه كان يمكن أن يعفو ولكن لم يتركه أعضاء اللجنة الدائمة.
عند ما صوتنا في اللجنة العسكرية بقي صوتان يمكن أن يرجحا، لن أقول لكم الأول منهم، ولكن صوتي أنا أخرته حتى أغلقت به باب الإعدام.
لماذا أغلقنا باب الإعدام:
أغلقنا بابه لأن هذا البلد الذي يدعى موريتانيا أي شخص يمكن أن يتجنب فيه القتل يجب أن يتجنبه.
ولد هيداله في تلك الفترة لديه ثقة كبيره في معاوية ويمكن أن يهندسه، وفرنسا تهندس معاوية.
ولكن قلت إنما كتبه سيد أعمر لو نظر إليه هيداله بعمق لن يتركه يكتبه لأن كادير عند ما سقطت الطائرة كان ولد هيداله يسأل عنه وعند ما أتيته به سالت دمعته، لا يمكن أن يتخلص منه.
أصحاب كادير كانوا رجالا حكموا نواكشوط لمدة 5 ساعات، التصرف المناسب أن يقال كل الذين كانوا هناك؛ لأنهم فشلوا في أداء مهامهم.
موقع الفكر: انتقال الرئيس ولد هيداله من نواكشوط لازويرات هل كان مبرمجا ولما ذا؟
النقيب ابريكه ولد أمبارك: هناك جريدة تسمى نيوزيك في آمريكا سبق أن كتبت عن وجود فرقة تتلقى تدريبا في المغرب، وهم كانوا يرسلون أشرطة لأشخاص هنا ويتصلون بهم، كنا على علم بتحركهم في 16 مارس، وهو موعد اجتماع اللجنة العسكرية، ولكنهم لم يعلموا هم وأصحابهم أننا قررنا تعليق الاجتماعات في شهر مارس تحسبا لأي طارئ، ولذلك أتوا على أمل اجتماع اللجنة الدائمة.
في نفس الوقت كان المغرب وأمريكا وفرنسا يقولون بوجود البوليزاريو في الشكات، ولكن نحن نعلم أن 16 مارس كان هناك هجوم متوقع على نواكشوط وألغينا الاجتماع على ذلك الأساس.
موقع الفكر: ترأستم هياكل تهذيب الجماهير كيف تنظرون إلى تلك التجربة التي ينظر إليها على أنها في الكثير من الأحيان بأنها كانت جهاز تجسسي لصالح النظام الحاكم آنذاك؟
النقيب ابريكه ولد أمبارك: ما سأقوله إن الدولة لديها جهاز تجسسي في الداخلية، والقوات البرية، والدرك، والشرطة، والرئاسة، والوزارة الأولى، بالنسبة لي الدولة لا حاجة لها في التجسس على المواطنين، ولكن التحدي الذي كان علينا وما زال موجودا إلى اليوم لدى ولد غزواني، هو أن الإدارة إذا لم يكن لديها تنسيق مع الشعب في الأحياء تعم النفايات، وتفسد المدارس، لا بد من تنسيق مع الشعب.
وفكرنا في تحضير الديمقراطية للشعب الموريتاني من خلال تعليمه التصويت والتلاقي بينه، فلو لم يتراجع ولد هيداله كنا سنقوم بانتخابات رئاسية قبل أن أعفى من مهامي.
كان في هذه اللجنة في نواكشوط البروفسير سعد بوه كمارا رحمه الله، محمد بابت رحمه الله، إسلم ولد محمد، والمفتش أحمد حامد حمديت، وأحمد الطائع، وحاجي سيدينا،( من التيار الإسلامي) والمرحوم البروفسير صيدو كان( من مؤسسي ضمير ومقاومة لاحقا) وكامارا بكاري، وسيدي عبد الله محمود،( من مؤسسي حركة الحر) ومحمد حيمر، وسليمان بون مختار، وسيدي محمد العباس، واشريف ولد عبد الله، وعبد الله انويكظ رحمه الله. والكثير من الناس يمثلون مختلف التوجهات السياسية، هؤلاء لا يتجسسون، فلو لم يقتنعوا بوجود شيء يخدم البلد فلن يدخلوا في نظام الهياكل.
الناس كلها اقتنعت بالفكرة وتقاربت وجهات نظرهم.
من نظر إلى السياسيين والأحزاب مثلا ولد داداه في الانتخابات جاء هنا ولا يعرفه أحد وجد دعما في تكنت وروصو.
إن تجربة الهياكل كانت تجربة اجتماعية وحقوقية، كان يمكن أن تقدم موريتانيا؛ فهي تجربة هائلة ومهمة، أساسها التفكير في طريق تمكن الإدارة من أن تبقى عندها صلة بالمواطنين.
فكيف حافظنا على نظافة نواكشوط؟
لم نكن نهدد الناس، ولكن كل حي يجتمع ويتعاون على النظافة، وعلى عدم دخول المخدرات أو أي شيء يهدد الوحدة الوطنية.
موقع الفكر: عانى الخطاب الحقوقي المدافع عن قضية لحراطين من محاولات إجهاض عديدة، وتعرض للكثير من الضغوط من الأنظمة المتعاقبة والاستغلال حتى، فكيف تقيمون هذا الحراك كشاهد ومشارك فمعايش لجميع هذه المراحل، وما هو مستقبل قضية لحراطين برأيكم؟
النقيب ابريكه ولد أمبارك: كما قلت لك هذه قضية لحراطين، أنا التقيت بمسعود ولد بلخير في العام 1962 في أطار، كنت أدرس الإعدادية، وأعجبني طرحه في هذه القضية، وألفت نظركم إلى أنني حضرت أول اجتماع تأسيسي لحركة الحر في المقاطعة السادسة، وكنت حينها عسكريا، وقد فهمنا أن قضية لحراطين يجب أن تحل مشكلتها، ولكن فهمنا أننا من العرب، وقضية لحراطين لا تحل بتصفية الحسابات، أو الانتقام، من يريد حلها يترك الانتقام جانبا.
الرئيس مسعود لعب دورا حقيقيا فيها، وهناك آخرون معه؛ لأنه عند ما أسس حركة الحر مع الشخصيات المؤسسة، لم يبخل عليها بشيء وقدم ما استطاع لها وكتب كل شيء، وكنت معه وحدي، ولكنني كنت في الجيش.
ولكن قضية لحراطين تدر أموالا (قضية احلوه)؛ لأن الصهيونية والعلمانية يبحثون عنها، وعند ما يقوم شخص ويقول "لبيظنا" يمكن أن يدعموه.
اليوم 2020 علم الناس أن القضية لا يمكن حلها بالكلام، الأموال التي حصل عليها البعض هل استفاد منها أهل الكبات وآدوابه.
الرئيس مسعود ولد بلخير أسس منظمات وعين وزراء ونواب واستفادت منه كل جهات موريتانيا وبيجل أيضا قدم شيئا للحراطين ولكنه محدود ولكن هناك الكثير من قادة لحراطين الآخرين حصلوا على الكثير من الأموال، والامتيازات، ولكن هذه الأموال لم يستفد منها لحراطين.
حركة "الحر" لعبت دورا مهما ولكن الناس حاليا لديهم طموح، كل حرطاني يمكن أن يفتح "واتس آب" ويقول للبيظان ما يريد.
بالنسبة لي هذه القضية قضية وطنية ويجب على الرئيس أن يقدم فيها خطابا يكون واضحا ويتبعه الناس وننتهي منها.
فيما يخص " تآزر ومثيلاتها لا أقول إنها لم تقدم جهدا ولكن هناك بعض النواقص من يعينون في مثل هذه الهيئات يجب أن يكونوا معروفين وصالحين ويفهمون ما هو مطلوب منها.
في التعليم يتم التركز على آدوابه ومن هم بحاجة للتعليم، وإذا لم نقم بذلك لا يمكن أن نتقدم.
إجبار الأسر على تدريس أبنائهم، وإعطاء امتيازات للمعلمين في آدوابه من أجل أن يركزوا أكثر على التعليم.
أستراليا ونيوزلند ما قاموا به كان عن طريق التعليم.
البعض من لحراطين يدافع عن أسياده السابقين "عربُ" ويعتبر في قرارة نفسه أنه لا يستطيع الذهاب عنهم.
على رئيس الجمهورية السيد محمد ولد الشيخ الغزواني أن يكلف لجنة وطنية بتقديم مقترح لإصلاح التعليم.
موقع الفكر: هناك طرحان من يقول إن العبودية ما زالت موجودة، وهناك من يقول إن هناك مخلفات العبودية، وبعضهم يقول إن الاسترقاق مازال موجودا؟
النقيب ابريكه ولد أمبارك: الرق عندي ثلاث زوايا:
- الزاوية الأولى: الرق الحقيقي وهذا لم يعد موجودا، هناك أناس تربوا في مكان واحد وما زالوا في نفس المكان.
- الزاوية الثانية: المخلفات إذا لم يدرس أحد أو يحصل على حقوقه.
الزاوية الثالثة: التصرفات أخطر من أي شيء آخر، العقيد في الجيش والوزير والتاجر يكون عندهم عبيد وأخطر شيء يمارس عليهم هذه المسألة.
منذ 1984 إلى الآن لا يمكن لأي شخص أن يقول لشخص آخر أنت عبدي.
المسؤول الأول يجب أن يكون في الصدارة، ويقدم خطابا يرفض فيه هذه الممارسات، ومن يخالف تتم معاقبته وتنتهي القضية.
عند ما يقول الرئيس هذا سيتبعه الآخرون.
وأعود فأقول التعليم... التعليم... التعليم إذا تعلم الناس فلن توجد هناك مشكلة.
موقع الفكر: كيف تنظرون إلى الدعوات التي تنطلق من هنا وهناك ببناء هوية مستقلة للحراطين؟
وهل يمكن أن تساهم هذه الدعوات في إيجاد استقلالية ثقافية لمكون لحراطين والخروج من عباءة مجتمع البيظان؟
النقيب ابريكه ولد أمبارك: أنا خضت الحرب، ورأيت الشرفاء والبيظان بالنسبة لي هوية لحراطين غير مطروحة، موريتانيا فيها: الفلان، وصوانك، وولف، والعرب، ومن يسمون العرب الأقوياء يضمون لحراطين والبيظان.
من يريد هوية جديدة ينظر للسودان يجد أسود يهندس العربية، فعلا أسمع من يقول هذا وبالنسبة لي إنما يبحث عن شيء آخر.
القضية لا انتقام فيها، من يريد الانتقام بأنه عُبّد أبوه، أو يريد القصاص لم يفهم طبيعة نجاح الدول، وسأبقى أكرر أن مسؤولية الرئيس والوزير الأول مضاعفة ويجب التركيز على التعليم؛ حتى تتعلم الناس وننتهي من هذه المسألة.
موقع الفكر: أين أخفق نظام الرئيس هيداله؟ وأين وفق من وجهة نظركم؟
النقيب ابريكه ولد أمبارك: هيداله لم يخطئ جاء قبل وقته فقط جاء في وقت كانت أمريكا وفرنسا تدعم المغرب، وهيداله رفض البنك الدولي، ورفض كل شيء فتخلصوا منه فقط.
كان يعمل ولا يبخل أي شيء ولكنهم رفضوه.
والموريتانيون لم يكن لديهم فهم لمثل هذه الأمور، ويمكن أن يبيعوا البلد لمن يدفع لهم الثمن الأكبر.
فقد جاء ولد هيداله قبل وقته، واختار أن يكون ضد الهيئات الدولية المالية البنك الدولي إلخ، والناس لم يقبلوا بذلك وانتهى.
موقع الفكر: ما هي معلوماتكم عن انقلابات الزنوج في 1987/1990؟
النقيب ابريكه ولد أمبارك: في تلك الفترة كنت مسجونا ولكن الزنوج لم يقوموا بانقلاب، وكان يمكن أن لا يقتلوا وفعلا اجتمعوا وكتبوا ذلك المنشور ولكن لا قوة لهم ولا سلاح ولا رصاص.
قبل ذلك بدأ الناس يتدخلون في حكم معاوية، وهناك من يقول إن معاوية كان عنصريا، وبرأيي لم يكن معاوية عنصريا؛ لأنه تربى عند أهل ابريكه، وأهل انويفع، ولا أعتقد أنه عنصري، فقط سيطرت عليه الأوضاع، والزنوج تجمعوا ولكن ليست لديهم قوة ولا طريقة يمكن أن يقوموا بانقلاب بها.
كنت مسجونا ولكن تصلني الأخبار.
موقع الفكر: ما هو موقفكم من نظام الرئيس السابق معاوية الطايع؟
النقيب ابريكه ولد أمبارك: معاوية كان يريد السلطة والحكم فقط، ولم يبخل في تقديم أي شيء للناس جميعا.
يقول الأمور ولكنه لا يدقق فيها، وظف لحراطين والزنوج وفعل كل شيء ولكنه لا يدقق في الأمور، وسيطرت عليه التيارات.
وبالنسبة لي كان رجلا مواطنا ولا يحب المال.
موقع الفكر: هناك الكثير من التحديات التي تواجه موريتانيا على حدودها الشرقية، انطلاقا من تجربتكم الشخصية الكبيرة سواء في المؤسسة العسكرية أو الوظائف المدنية كيف يمكن لموريتانيا أن تستفيد من تجربة مثل تجربة G5 لتجاوز هذه التحديات؟
النقيب ابريكه ولد أمبارك: موريتانيا في الحقيقة لا يمكن أن تستفيد من G5؛ لأن الأمن لا بد له من شق مع المواطنين ومشاركة المنظمات، وG5 فنية، وما دامت كذلك سيبقى هذا ناقصا .
من نظر إلى أمريكا في أفغانستان تتناقش مع طالبان يعرف أن هذا شق مهم.
وتحديات موريتانيا هي:
- يجب أن لا تنام عن قضية الصحراء ومعبر الكركارات.
- تُغير نظرتها من خلال تعزيز التكوين وتطوير المعدات العسكرية التي تحمي الإنسان، سيارة تويوتا لاند اكريزر عند ما يبقى فيها الجندي لفترة من الزمن سيصاب بالصرع.
كل عرض عسكري تظهر فيه لاند اكريز، أرجو أن تتطور المعدات خلال العرض القادم.
- في العالم الجيش يتكلم للشعب علنا؛ لذلك جيشنا يجب أن يتحدث للمواطنين عما يحدث سواء في الكركرات أو غيرها حتى يطمئن المواطن.
- متقاعدو الجيش يجب أن يكونوا في G5 حتى تستفيد من خبرتهم وتكون لهم (مفرجه).
بايدن عند ما انتخب أخذ ليد وهو جنرال متقاعد ليكون وزيرا للدفاع، والموريتانيون يعتبرون أن المتقاعدين لا يمكن أن يقوموا بشيء.
يبدو لي أن هناك تحديات كبيرة ولكن لا بد أن يبقى الشعب في الصورة، والقضية ليست فنية.
- في كل استقلال يجب أن يتم توشيح من خدموا موريتانيا، ما ذا لو تم توشيح 20 من الضباط وضباط الصف والجنود؟ هذا سيكون له أثر كبير على نفوس الضباط الآخرين.
موقع الفكر: ذكرت تجربة G5 وكأنها تجربة وحيدة، وحوار أمريكا مع طالبان هل يفهم من هذا أنك تميل للحوار مع الجماعات المسلحة في الساحل؟
النقيب ابريكه ولد أمبارك: موريتانيا ليست وحدها في G5 لا يمكن أن تقوم بشيء ليس فيه الأوربيون وباقي الدول، ولكن لا بد من أن تعتمد على الأمن من جهة والتنمية من جهة أخرى ولن يتم ذلك إلا بمشاركة المجتمع المدني، والصحافة، وكل الشعب في G5، ويكون الشعب على اطلاع بكل شيء.
أمريكا تحاورت مع طالبان والقصف كذلك كان مستمرا، هذا لا بد منه.
G5 يجب أن لا يحتكرها الضباط الذين ما زالوا في الخدمة بل يجب إشراك الضباط المتقاعدين في إدارتها من أجل أن تستفيد من خبرتهم خصوصا أولئك الذين شاركوا في الحرب وراكموا تجربة كبيرة ومهمة.
يجب أن ينظر في كل عرض عسكري ما ذا سيضيف للشعب من القطع العسكرية، سواء سيارات أو حتى إطار سيارة.
-بدل إغلاق العاصمة كلها في العروض العسكرية، توضع شاشات عرض في كل المقاطعات، ولا نقتصر على منطقة واحدة في المطار.
موقع الفكر: بعض الصحف الأجنبية تقول بأن الطائرات المسيرة ستقضي على دور المدرعات؟
النقيب ابريكه ولد أمبارك: المسيرات لديهم دور، ولكنها لا تقضي على دور بقية القطع العسكرية.
هناك أنواع من الطائرات المسيرة، منها نوع للاستطلاع، ونوع للهجوم، والقصف بالصوارخ، ويتم التحكم فيهم عن بعد.
ولكنها لا تغني عن بقية القطع لا بد من أن تبقى كل قطعة تلعب دورها.
وعلى كل حال يبدو لي أن التحدي الموجود عند موريتانيا أنه لا يمكن أن يكون الجيش وحده يلعب دورا بعيدا عن الشعب، يجب أن يبقى الشعب مطلعا على كل المعلومات سواء في الكركرات أو غيرها لأن الشعب هو الذي يعطي الدفع للجندي والقائد حتى يتقدموا، أيضا يجب تغيير المعدات؛ لأن الشخص إذا بقي في لاندروفر لمدة 6 أشهر سيصاب بالصرع.
موقع الفكر: هناك ظاهرة غريبة في موريتانيا من تقتلهم الدولة لا يتم الاطلاع على مكان دفنهم، أُمَّاعْلِي تم قتله في زمن المختار ومع ذلك لم يعلن عن مكان دفنه إلا قبل سنتين، وضحايا انقلاب 16 مارس، وضحايا الزنوج، والطائرة التي سقطت في نواذيبو، لماذا لا يطلع أولياء هؤلاء الضحايا على أماكن دفنهم؟
النقيب ابريكه ولد أمبارك: أمّا اعلي الفرقة العسكرية التي كانت هناك يقودها معاوية، والفرنسيون هم من قاموا بذلك، القبور الأخرى يعرف الناس أماكنها، وإذا كان هناك من لم يعرف مكان دفنه على الدولة أن تسعى للتعرف عليه.
أما الطائرة فسقطت في البحر، وهي طائرة من صنع صيني، وليس هناك رجال آليون في تلك الفترة لانتشال الضحايا.
الزنوج حددت أماكن دفنهم لذويهم في عهد الرئيس سيدي ولد الشيخ عبد الله رحمه الله بموجب الاتفاق الذي وقعه مع الرئيس مسعود ولد بلخير وفي عهد الرئيس السابق محمد ولد عبد عزيز كذلك، وتم التعويض للضحايا في أكثر من مرة، ولكن أي مسألة تمت تسويتها بدون إجماع ستبقى هكذا.
فلو شكلت لجنة وحددت كل التفاصيل، وتم الاتفاق عليها لتجاوزنا هذا الموضوع، ولم نعد نسأل عن هذه الأمور إلى الآن، لا بد من الاتفاق على هذه المسائل وتجاوزها.
موقع الفكر: في فترة الرؤساء سيدي وعزيز شكلت لجنة بحضور فرنسا، والأمم المتحدة، والسنغال، هذه اللجنة منبثقة عن أيام تشاورية وشارك في أعمالها بعض المحامين المرموقين، وكل العسكريين الذين فصلوا بشكل تعسفي من الجيش تم التعويض لهم؟
النقيب ابريكه ولد أمبارك: تمت التسوية لجميع العساكر، أنا شخصيا لم أتلق أي تعويض.
موقع الفكر: هل ترون أن من يعطى له تعويض يمكن أن يبقى يطالب بالمزيد هل لديه الحق في ذلك برأيكم؟
النقيب ابريكه ولد أمبارك: هذه الأمور إذا لم تقم بها لجنة وتكون أعمالها واضحة، ويشرك فيها الجميع، لن تنتهي مثل ترامب الذي قال بتزوير التصويت في أمريكا.
هذا الموضوع تم بطريقة غير واضحة لذلك هناك من وجد الكثير من الملايين وما زال يطالب بالمزيد.
موقع الفكر: من بين من يتحركون باسم الضحايا الزنوج من قالوا إنهم لم يحصلوا على أي شيء ويطالبون بأسماء القتلة؟
النقيب ابريكه ولد أمبارك: هذا النوع يحتاج لجنة للعدالة الانتقالية تأتي بقرار نهائي، هم يريدون ظلم بعض الناس، الجنرال محمد ولد مكت – معلوماتي أنه حمى الكثير من الناس - مثلا وأشخاص آخرون، وهذا شيء سياسي تحركه جهات أجنبية.
هذه اللجنة يجب أن يشرك فيها الذين شاركوا في هذه الاتفاقية المشار إليها سابقا مثل الرئيس مسعود ولد بلخير.
موقع الفكر: هل تؤكد أو تنفي أن الزنوج وقفوا على أماكن دفن أوليائهم؟
النقيب ابريكه ولد أمبارك: الكثير منهم وقفوا عليها، والكثير منهم لم يُعرف أين دفن، الأكثرية في العزلات وتكنت وأماكن أخرى.
والقضية سياسية، يجب أن تشكل لها لجنة بصلاحيات موسعة تقدم فيها خلاصة للجميع، ولا تترك فيها قضية للتدخلات الخارجية.
موقع الفكر: ألم تشكل هذه اللجنة في أيام محمد عبد العزيز وسيدي ولد الشيخ عبد الله رحمه الله؟
النقيب ابريكه ولد أمبارك: هذه اللجنة لم تقم بتحديد المقابر بل حددت طريقة لعودة المهجرين، ونسوا من كانوا في مالي ولم يتحدثوا عنهم.
وكما قلت لك هذا الملف وضعت أسسه اتفاقية الرئيس مسعود مع الرئيس سيدي محمد ولد الشيخ عبد الله
ولكن لا بد من لجنة يشارك فيها الجميع العلماء والضباط وكل الناس حتى تنتهي هذه القضية.
موقع الفكر: هناك بعض المنظمات تطالب بفتح الملف من جديد، هل أنت مع فتحه من جديد أم ترى أنه انتهى؟
النقيب ابريكه ولد أمبارك: ملف الإرث الإنساني يلزم أن يفكر فيه الرئيس حتى ننتهي منه، وثقتي في تكوين الرئيس وخلفيته أمور مبشرة بأهمية الخلاصات التي سيتوصل لها.
وهو لم ينفذ بطريقة منظمة، ولذلك كل أحد يقول ما يريد، مثلا لست مقتنعا بما يشاع عن شنق 28 عسكريا في إينال، ولم أجد من يثبتها لي.
وبالنسبة لي يجب فتح تحقيق في هذه القضية حتى نصل للخلاصة النهائية
ولكن هذا النوع لا يمكن أن يحسم إلا بلجنة، وتعطى لها فترة محددة من ستة أشهر، أو عام، أو عامين، تقوم بدراسة وإنهاء هذا الموضوع بصيغة نهائية.
هناك من هم خارج السلطة قالوا بأنهم لا يريدون هذا.
عزيز أخذ طريقة غير صحيحة، وقسم الكثير، ولكن هذا ما زال فيه الكثير من اللغط.
موقع الفكر: من كان يعارض فتح هذا الملف في زمن عزيز؟
النقيب ابريكه ولد أمبارك: لم يعارض هذا القرار أحد، وعزيز لو أخذ القرار لطبق.
ولكن أهل موريتانيا غير مقتنعين باللجان؛ لأنها غير مهمة عندهم، ومثل هذه القضايا لا تحل إلا بطريقة يشارك فيها الجميع.
في العبودية والإرث الإنساني يجب أن يصدر الرئيس غزواني مرسوما، ويعين رجلا يدعى فلان ولد فلان أو امرأة ويعطيه السلطة التامة فترة من الزمن، ويقدم تقريرا شاملا، وتقدمه الحكومة للبرلمان، وننتهي من القضية.
موقع الفكر: هل معنى هذا إلغاء القانون القديم؟
النقيب ابريكه ولد أمبارك: القانون الذي أقره البرلمان في فترة الرئيس معاوية هذا الشخص يجب أن ينظر للقانون الذي قبله، وما قاموا به كذلك، في هذا الموضوع.
لا بد من إجماع حتى ننتهي منها، حتى لا يبقى كل شخص يقوم بمقابلة ويتهم كل أحد، وبعضهم يظلم أشخاصا ويسميهم وهم لا دخل لهم في هذا الموضوع.
موقع الفكر: يقال إن هناك شخصا تحدثتم عنه كانت "أفلام" تخصص له حسابا، ولأنه لم يعد صالحا لتشغيله تنازل عنه لشخص آخر؟
النقيب ابريكه ولد أمبارك: هناك تقرير أعد في زمن معاوية، ولم يستخرج وهو موجود، وهو بداية للتحقيق، ولكن دولة موريتانيا لا تريد أن تقوم به.
موقع الفكر: هل اطلعتم عليه؟
النقيب ابريكه ولد أمبارك: لا لم أطلع عليه، ولكن كتابه ما زالوا موجودين، والتقرير موجود، وقد أعدته شخصيات، وقاموا بزيارات للنبيكه، وبعض المناطق، وأعدوا تقريرا وقدموه للرئيس معاوية، وهو ما زال موجودا إلى الآن.
موقع الفكر: هل من كلمة أخيرة؟
النقيب ابريكه ولد أمبارك: أشكركم، وأقول للحكومة إن عليها أن تتذكر الظرف الصعب الذي يمر به الشعب.
وأقول لهم أن يعطوا مسؤوليات لكل الناس، ويجب متابعة من أعطوهم تلك المسؤوليات.
الوزير الأول أريد أن أقول له إن هناك مسألتين على عاتقه:
الأولى لحراطين لأنه عين كحرطاني، فينظر ما ذا يمكن أن يقدم لهم حسب القانون.
الثانية المتقاعدون من قوات الأمن والقوات المسلحة الذين يعتبرون ولد غزواني منهم، ولكن ما لا يستطيع غزواني القيام به عليه هو أن يقوم به، لا يمكن أن يعين وزير فاسد على مجلس إدارة في نفس الوقت الذي يوجد فيه ضابط ثقة، لما ذا لا يتم تعيين الضباط؟
الوزير الأول عليه أن يساعد في هذا.
وقضية الرق يمكن أن يلعب فيها دورا أساسيا؛ يلتقي بالمنظمات والسياسيين وينظر ما ذا يمكن أن يفعل، حتى ننتهي منها، لا نستطيع أن نكون في العام 2020 وما زلنا فيها.
أريد أن يعرف الناس أنه قبل الرئيس يجب أن ننظر إلى الوزراء، والوزير الأول، ثم بعد ذلك نصل للرئيس، كلهم يلعب دوره ويتفهم الناس ذلك.
لحراطين بالنسبة لي يجب أن يتركوا قضية الهوية؛ لأنها تضييع للوقت وغير مطروحة.
فرنسا عندما أرادت إعطاء الاستقلال لموريتانيا – وفرنسا بلد الحريات والحقوق- أعطت السلطة لهذ "الجبح" من "لعرب" الذي يسمى البيظان وأصبحت لديهم السلطة والاقتصاد والقوة ولحراطين في تلك الفترة كانت الأمية منتشرة فيهم.
الآن لحراطين أصبحت لديهم الوظائف والثقافة والعدد لماذا لا يركزون على الحصول على حقهم دون الانتقام أو تصفية الحسابات، و باستطاعتهم فعل ذلك.
فيما يخص كوفيد 19 أعتقد أن عنصر البيظان مازالوا لا يحترمون الإجراءات الاحترازية ويقومون بالتجمعات والمسيرات في السيارات وهذا لا ينبغي، عليهم أن يتجنبوا مثل هذه الأمور وان يحترموا الإجراءات الاحترازية.
بالنسبة لي في عهد الرئيس محمد ولد عبد العزيز الحكومة تسرعت في قرار قطع العلاقات مع قطر وأطالب حكومة الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني بإعادة تلك العلاقات ففي العلاقات الدولية لا يتم قطع العلاقات، ولكن يمكن أن يتم سحب السفير وكان لدي قلق مما حدث وأطالب الآن بالتفكير مجددا في حل للموضوع لأننا ينبغي أن نحتفظ بالتوازن في علاقاتنا الدولية، وهذا ما تقتضيه مصلحتنا.
في القضايا الأمنية يجب أن يبقى الشعب في الصورة حتى يعرف المعطيات ويشعر بالطمأنينة.
موقع القكر شكرا جزيلا لكم ياسيادة النقيب ابريكه ولد أمبارك.