هل نحن العرب والأفارقة مُجبَرون على اتباع النهج الديمقراطي الغربي حرفا بحرف، واستنساخه في أدق تفصيلاته بصورة عمياء: ليبرالية، رأسمالية متوحشة، أحزاب، انتخابات، مأموريات رئاسية محدودة، إلخ؟ أم نحن مخيّرون؟ وفي هذه الحالة، ألا يوجد نظام حكم أقرب إلى تاريخنا وتقاليدنا وأصالتنا وقيمنا وشخصيتنا الثقافية وحقائقنا الاجتماعية والاقتصادية؟
أطرح هذه الأسئلة على الهواء مباشرة في وقت أرى فيه محاولات "تغريب" و"دمقرطة" العالم العربي والأفريقي تتساقط في كل مكان. حتى السنغال - مضرب الأمثال على مستوى القارة في هذا المجال - هاهي اليوم تكتوي بنار الديمقراطية الغربية والمأموريات الرئاسية.
لماذا كل هذا الانهماك والركض وراء الغرب واتباع نموذجه في الحكم؟ أليست الديمقراطية في الأصل منتجا أفريقيا بما تحويه من حوار وتوافق وتسامح وسلم؟ ألم يمارسها أجدادنا قرونا عديدة تحت الأشجار والخيام والأكواخ قبل "جان جاك روسو" وكتابه "العقد الاجتماعي"، وقبل "أليكسيس دي توكفيل" و "الديمقراطية في أمريكا".
المطلوب الآن هو أن نسترجعها مرة أخرى، ونعيد صياغتها لتكون أكثر ملاءمة وانسيابية مع واقعنا اليوم. هل نجرؤ على التفكير بعقولنا لا بعقولهم، لنبتكر ونبدع نماذج حكمٍ جديدة؟ هل نجرؤ على الرجوع إلى قيمة "الاستحقاق" و"الجدارة" و"القوة" و"الأمانة" بدلاً من مجرد لعبة الأرقام والحساب؟ أم أننا نستسلم لأطروحة العلامة ابن خلدون: المغلوب مولع بتقليد الغالب؟
محمد فال ولد بَلال