كتب الدكتور المرسي محمود شولح لموقع الفكر
بِسْمِ اللَّـهِ الرَّحْمَـٰنِ الرَّحِيمِ
مع النموذج الثانى الذى يمثل نموذج العفة من خلال حديث أصحاب الغار()
وقفت المرأة أمام مراودة الرجل كثيراً ، وامتنعت منه ، ولكنها تحت ضغط الحاجة سلمت نفسها إليه بعد ثلاث مرات
( وفى رواية سالم سبب إجابتها بعد امتناعها فقال : "فامتنعت منى حتى ألمت بها سنة - أي سنة قحط - فجاءتني فأعطيتها " ، ويجمع بينه وبين رواية نافع بأنها امتنعت أولاً عفة ، ودافعت بطلب المال فلما احتاجت أجابت ) ().
"فأعطيتها عشرين ومائة دينار على أن تخلى بيني وبين نفسها ففعلت .."
وفى رواية أخرى عن النعمان : " أنها ترددت إليه ثلاث مرات تطلب منه شيئاً من معروفه ، ويأبى عليها إلا أن تمكنه من نفسها ، فأجابت في الثالثة بعد أن استأذنت زوجها فأذن لها ، وقال لها : أغنى عيالك ، قال فرجعت فناشدتني بالله فأبيت عليها ، فأسلمت إلى نفسها " ().
وفى هذا دلالات :
_ امتناع المرأة الحرة الشريفة عن التفريط فى الشرف والعرض()
_هزيمة بعض النساء أمام الحاجة المتكررة ، وإلحاح أرباب الأموال عليهن فى أخذ شرفهن مقابل قضاء الحاجة
- أثر الحاجة والفقر على الأخلاق ، فإن الحاجة تؤدى إلى التفريط في الشرف ، وتضييع الأعراض فى بعض الحالات
- أثر الحاجة على أهل العفة والطهارة ، فالمرأة معروف عنها عفتها, ورغم ذلك تأثرت بالقحط النازل بها وبأسرتها ، وقبلت التفريط في العرض .
- استغلال أصحاب الأغراض حاجات الناس ، والظروف المالية التي يقعون فيها ، فهم لا يسعون إلى إصلاح أحوالهم وقضاء حاجاتهم ، وإنما يستغلون ظروفهم لإرضاء شهواتهم ، وإشباع غرائزهم .
- الضغط على المرأة من جهات عدة أشدها تأثرها بعيالها ، فهي تراهم في حاجة شديدة ولا تصبر على تألمهم وجوعهم ، وتسلم نفسها للذئاب الجائعة من أجل إشباع أولادها .
- موقف الزوج الذي استجاب تحت ضغط الحاجة لاستئذان زوجه في تسليم نفسها لا يعفيه من المسئولية ، ولا يغلف فعله ، ولا يعطيه الحق في إذنه ، فليس موقفاً مشرفاً .
عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ الله عَنْهُمَا قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (( ثَلَاثَةٌ لَا يَنْظُرُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَة : الْعَاقُّ لِوَالِدَيْهِ ، وَالْمَرْأَةُ الْمُتَرَجِّلَةُ ، وَالدَّيُّوثُ ، وَثَلَاثَةٌ لَا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ : الْعَاقُّ لِوَالِدَيْهِ ، وَالْمُدْمِنُ عَلَى الْخَمْرِ، وَالْمَنَّانُ بِمَا أَعْطَى )) ().
وقد أخرج الرجل من هذه الورطة عدم إقدام الرجل على الفاحشة بعد ذلك ، ولكن ليس للزوج شيء يرفع به وجهه في وجه زوجه ، وليس عنده رصيد مشرف لديها يبقى حياته الزوجية ، وأي زوجة كريمة لا تقبل الوجود مع رجل قبل أن يفرط في شرفها وعرضها .
ومن خلال هذا الجانب من القصة يتجلى ما يأتى:
- أثر الفقر عموماً في وجود المشكلات الخلقية في المجتمع ،ولهذا استعاذ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من الفقر وربطه بالكفر
عَنْ مُسْلِمِ بْنِ أَبِي بَكْرَةَ قَالَ : كَانَ أَبِي يَقُولُ فِي دُبُرِ الصَّلَاةِ : " اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ الْكُفْرِ وَالْفَقْرِ وَعَذَابِ الْقَبْرِ ، فَكُنْتُ أَقُولُهُنَّ ، فَقَالَ أَبِي : أَيْ بُنَيَّ عَمَّنْ أَخَذْتَ هَذَا ؟ قُلْتُ : عَنْكَ ، قَالَ : إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقُولُهُنَّ فِي دُبُرِ الصَّلَاةِ "().
_يلزم محاربة الفقر وتجفيف منابعه ، والسعي بالطرق الشرعية إلى إغناء المجتمع وإرضاء الطبقات الكادحة فيه ، كي تغلق الأبواب أمام الجرائم ، وتسد منافذ الشرور .
_تدبير المرأة العاقلة من خلال عرض الحاجة على أكثر من شخص ، فإنها تضمن وقوعها فى أيدى الأمناء والكرماء الذين بلبون الحوائج ويراعون المقتضيات الإنسانية والأدبية، فلا تعدم المروءة أصحابها()
_وجود هيئات ومؤسسات تلاحظ الحالات وأصحاب الحاجات فى الأماكن المختلفة، وتسعى لمنع الكوارث قبل وقوعها
والتوفيق بيد الله