تأسست الاتحادية الموريتانية لمنظمات الأشخاص المعاقين، والمعروفة اختصارا بـ FEMANPH، في 31 مايو1999، بهدف جمع شتات المنظمات المختصة في المعاقين، وتوحيد جهودها، كواجهة لشريحة المعاقين ووسيط بين الوزارة الوصية وهذه المنظمات، وكشريك مهم ومطلوب من لدن شركاء التنمية وخاصة الهيئات الأممية المهتمة بحقوق الانان عامة وحقوق الشخص المعاق خاصة.
لكن الأمر يختلف على أرض الواقع عما نصت عليه قوانين هذه الاتحادية، فقد تولت جماعة صغيرة تتمثل في ثلاثة أشخاص، تسيير هذه المؤسسة تسييرا أحاديا، طيلة عقدين من الزمن، فغيبت العنصر النسوي وكرست الجهوية والزبونية، دون أن تكلف نفها عناء الرجوع إلى هذه المنظمات، التي تناهز الـ 40 منظمة، كقاعدة تستمد منها شرعيتها، ورمت عرض الحائط بالنظم والقوانين المنشئة والمسيرة لهذه الاتحادية، رغم كل الأصوات التي ارتفعت تنديدا بهذه الخروقات القانونية المتمثلة في الخرق السافر للنظامين الأساسي والداخلي لهذه الاتحادية، من خلال عدم التناوب على إدارة هذه المؤسسة، بل تم رفض أي تجديد لمكتبها التنفيذي، رغم المطالبات الكثيرة من قبل المنظمات وحتى الجهات الأجنبية، ومما زاد الطينة بلة هو مباركة الجهة الوصية على الأشخاص المعاقين متمثلة في وزارة الصحة ابق، ولاحقا وزارة العمل الاجتماعي والطفولة والاسرة، لهذا الخرق السافر لمبدأ التناوب السلمي على إدارة هذه الاتحادية، لحاجة في نفس هذه الوزارة.
أما عن أداء هذه الاتحادية، فهو الآخر هزيل، ويتلخص في بعض النشاطات الموسمية مثل تخليد اليوم العالمي للمعاقين، أو الحضور إلى جانب السلطات لتثمين نشاطاتها، والدفاع المستميت عن الجهة الوصية، مقابل ميزانية سنوية في حدود 100 مليون أوقية قديمة، تتولى الاتحادية، حصريا تسييرها.
وهكذا تم الالتفاف حلى الحقوق الأساسية التي أقرها الأمر القانوني رقم 2006.043، على علاته، وأصبح الشخص المعاق في وضعية لا يحسد عليها، وضعية جعلته بين مطرقة اتحادية قبضت ثمن صمتها عن الواقع المأساوي لشريحة هشة أضحت مرتعا للفقر والمرض والجوع والتسول، ووزارة وصية تتخذ من الاتحادية الحارس الخاص لها، وهكذا ضاعت كل حقوق المعاقين، إلا من رحم ربك من منظمات مدعومة من طرف الرئيسة الشرفية لهذه الاتحادية، ورئيسة إحدى المنظمات، وأم لطفل من فئة التوحد، ألا وهي السيدة الأولى: الدكتورة مريم الداه.
هذه مجرد عجالة عن واقع مؤسسة الاتحادية وعلاقتها بالوزارة الوصية، خلال أكثر من عقدين من الزمن، لكننا اليوم نتحدث عن وضعية كارثية جديدة، أنتجها صدور القانون رقم 2021.04 الصادر بتاريخ: 10 فبراير 2021 المتعلق بالجمعيات والهيئات والشبكات، الذي ألغى، في مادته 72"كافة أحكام القوانين السابقة المخالفة لهذا القانون، وخاصة بما في ذلك القانون 1964.098".
وهكذا يجب التقيد بمقتضيات القانون الجديد، فيأجللايتجاوزسنة (12 شهرا(اعتبارامنتاريخسريانمفعوله. (المادة 69) و"تُحلّبقوةالقانونكلجمعيةأوهيئةأوشبكةمعترفبهاحاليالمتتقيدبأحكامالمادةأعلاهفيالأجلالمحدد"،(المادة 70).
ونظرا لأنه لم يتم التصريح بالاتحادية الموريتانية لمنظمات الأشخاص المعاقين طبقا لمقتضيات القانون 2021.04، ولم يظهر اسمها على منصة إدارة منظمات المجتمع المدني www.feddam.com، مما يعني أنها لم تستجب لمقتضيات القانون الجديد، أو بعبارة أخرى فقد تم حل هذه الاتحادية بمقتضيات المادة 70 من القانون رقم 2021.04 الصادر بتاريخ: 10 فبراير 2021 المتعلق بالجمعيات والهيئات والشبكات.
فلماذا تم التغاضي عنها من طرف الجهات الوصية؟ وخاصة:
ـ مفوضية حقوق الانسان والعمل الإنساني والعلاقات مع المجتمع المدني؛
ـ وزارة الداخلية واللامركزية؛
ـ وزارة العمل الاجتماعي والطفولة والأسرة؛
ـ المنظمات المنخرطة في اتحادية ليس لها أي وجود قانوني.
وبناء على ما تقدم، فإن القضية لا تعدو أن تكون هذه الاتحادية تمارس نشاطاتها خارج القانون؟ أو أنها فعلا فوق كل مسائلة قانونية؟ وكلا الأمرين يضع دولة القانون على المحك، حتى يتم تطبيق مقتضيات المادة 70 من القانون 2021.04. وبهذا فقط يتجسد العدل.