لا للترويج للشذوذ في مدارسنا- محمد الأمين ولد الفاضل

بسم الله الرحمن الرحيم

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعي خلال الأيام الماضية صور شعارات تروج للشذوذ والخروج على الفطرة البشرية السليمة، ترفع ـ وبكل وقاحة واستفزاز ـ في بعض المدارس الأجنبية في العاصمة نواكشوط، وذلك بمناسبة اختتام السنة الدراسية. 

ظهور هذه الصور الوقحة في بعض المدارس الأجنبية التي يدرس فيها بعض أبنائنا يشكل رسالة بالغة الخطورة تستحق أن نرد عليها ردا قويا وحاسما يتناسب مع خطورتها، وهذا الرد يجب أن يكون على ثلاثة مستويات:

أولا/ على المستوى الحكومي : إن الرد على المستوى الحكومي يجب أن يتمثل في السحب الفوري لرخص كل المدارس التي ظهر فيها ذلك الشعار الوقح مع وضع خطة لمراقبة دائمة لكل المدارس الأجنبية التي تزاول التدريس في بلادنا، وفرض إبعاد مناهج تلك المدارس عن كل ما يمس من قيمنا الدينية و ثوابتنا الوطنية، مع إلزامها ـ أي المدارس الأجنبية ـ  بتدريس اللغة العربية والتربية والإسلامية وإعطائهما ما تستحقان من عناية، سواء تعلق الأمر بساعات التدريس أو بالضوارب في الامتحانات؛

ثانيا/ على مستوى أولياء التلاميذ: يجب على أولياء التلاميذ أن ينتبهوا إلى خطورة المدارس الأجنبية، والابتعاد بشكل كامل عن تدريس أبنائهم في أي مدرسة أجنبية تحول حولها شبهات الترويج لما يُخالف قيمنا الدينية؛

ثالثا/ على مستوى النخب : من واجب العلماء والسياسيين والكتاب والصحفيين والمدونين، وكل من بإمكانه أن يؤثر في المجتمع أن يتحدثوا عن خطورة الترويج للشذوذ في بلادنا، مع تقديم ما يمكن تقديمه من توعية ونصح للآباء والأمهات بضرورة عدم تسجيل أبنائهم في المدارس الأجنبة.

وتبقى هناك تحديات قد تعترضنا بخصوص مواجهة الترويج للشذوذ في بلادنا، وعلينا أن ننتبه لتلك التحديات، والانتباه لها لا يعني الاستسلام لها بل يعني فقط استحضارها في أي عمل نقوم بها في هذا المجال، وذلك لضمان فعالية ما سنقوم به في مواجهة الترويج للشذوذ في مدارسنا.

التحدي الأول : تعايش بعض أفراد المجتمع مع "المخنثين"

إن الشذوذ الذي يُروج له في بعض مدارسنا يرتبط بشكل أو بآخر مع ظاهرة "المخنثين"، ومن المعروف أن المجتمع الموريتاني أصبح يتعايش مع المخنثين، إن لم أقل أصبح يشكل حاضنة لهم، على الأقل في المناسبات الاجتماعية، وفي منازل بعض الميسورين. إن مواجهة الترويج للشذوذ في مجتمع يتعايش مع المخنثين لن تكون مواجهة سهلة ولا سريعة الحسم؛

التحدي الثاني : انبهار الطبقة الميسورة بالمدارس الأجنبية

تعود الأغنياء وكبار الموظفين وكل الميسورين من أهل هذه البلاد أن يدرسوا أبناءهم في المدارس الفرنسية، وهم يدفعون أموالا طائلة مقابل تدريس أبنائهم في تلك المدارس. لهذه الظاهرة أسباب عديدة منها انبهار "نخب" هذه البلاد باللغة الفرنسية، وبكل ما هو مرتبط بفرنسا. قد لا يدرك هؤلاء بأنهم يسرقون "المستقبل الدنيوي" لأبنائهم من خلال تدريسهم بلغة تتراجع عالميا بشكل سريع، وربما يدركون ذلك بعد عقد أو عقدين من الزمن، ويسرقون أيضا "مستقبلهم الأخروي" من خلال تسجيلهم في مدارس قد تربيهم على ما يخالف دينهم، وقد تشجعهم على كل ما يتنافى مع الفطرة البشرية السليمة؛

التحدي الثالث : التبني العالمي للشذوذ والترويج له

اعتاد الغرب على تبني شعارات وقيم خاصة به والترويج لها، بل وفرضها على بقية دول العالم، حتى ولو كان ذلك من خلال فرض عقوبات تحت مظلة الأمم المتحدة.

اللافت في الأمر أننا لم نسمع يوما أن الغرب قد فرض عقوبات على نظام حاكم في دولة ما بسبب فشل ذلك النظام في التعليم، أو بسبب رداءة الخدمات الصحية التي يقدمها ذلك النظام لشعبه، أو بسبب انتشار الفساد أو بأي سبب من هذه الأسباب التي قد تكون وجيهة إلى حد ما. 

قد نسمع في بعض الأحيان أن الغرب فرض عقوبات على بلد ما بسبب غياب الديمقراطية في ذلك البلد، ولكن خدعة الديمقراطية لم يعد يصدقها أحد، خاصة وبعد أن شاهدنا هذا "الغرب الديمقراطي" يدافع عن بعض الأنظمة التي تصنف بأنها من الأنظمة الأكثر استبدادا، والأكثر بعدا عن الديموقراطية في العالم.

للأسف يبدو أنه قد أظلنا زمان لم يعد فيه للغرب من "قيم" يُدافع عنها، ويتدخل في شؤون البلدان حماية لها إلا الفحشاء والبغي والمنكر وكل ما هو خارج عن الفطرة البشرية السليمة.

ولعل التهديد الذي تتعرض له اليوم "أوغندا" من طرف الغرب، والعقوبات التي فُرضت عليها بسبب إصدارها لقوانين تجرم الشذوذ ليؤكد أن الغرب ماض في الترويج للشذوذ، بل وفرضه من خلال استخدام مختلف أسلحة العقوبات.  

تلكم هي أهم التحديات التي قد تواجه أي جهد لمحاربة الشذوذ والترويج له في بلادنا، بعض هذه التحديات يتعلق بمسلكيات مجتمعية خاطئة، وبعضها يتعلق باستيلاب النخبة، والبعض الآخر يتعلق بتوجه عالمي ل"علمنة الشذوذ". هذه التحديات لم أستعرضها هنا للقول بأنه لا يمكننا أن نحارب الشذوذ. إنه بإمكاننا أن نحارب الشذوذ وأن نحاصره، وننتصر عليه، ولكن من المهم أن ندرك أننا في أي حرب نخوضها ضد الترويج للشذوذ، علينا أن نحارب ـ وبشراسة ـ على ثلاث جبهات:

1ـ جبهة المجتمع، والذي أصبح يتعايش ـ أو على الأصح تتعايش طوائف منه ـ مع المخنثين؛

2 ـ جبهة النخب التي تعاني من الاستلاب والانبهار بالثقافة الفرنسية، وبكل ما هو فرنسي؛

3 ـ جبهة عالمية تروج للشذوذ وتحاول أن تفرضه على كل دول العالم، مستخدمة من أجل ذلك كل ما تملك من قدرات إعلامية ودبلوماسية واقتصادية..إلخ

حفظ الله موريتانيا...