" فاتو بعد أيام @ يسعد الجاهم من كدام
قرأت كثيرا من أشعار النسيب ، وحفظت مقدمات طللية متنوع ، ورايت كيف اجمع الشعراء العرب على تقسيم الزمان إلى زمانين ، زمان يدعى له وزمان يدعى عليه ، زمانٌ تُتمنٌى عودته وزمان يؤمل انقضاؤه ، وقد أجاد البرعي في تلخيص هذا المعنى في قوله :
رعى الله الزمان زمان ليلى
ولا رعي التفرق والصدود
فما احلى هواها في فؤادي
وإن بخلت علي بما اريد
كما عبر عنه جميل تعبيرا جميلا عند قوله :
الا ليت ريعان الشباب جديد
ودهرا تولى يا بثين يعود
لكن المعنى الذي اهتدت إليه صاحبة هذه التبريعة _ من وجهة نظري _ يجمع بين الجدة والإبداع وبين الطرافة والإمتاع ...
إنه ضيق الالفاظ متسع المعاني ..
لنعد قراءة التافلويت الأولى : فاتو بعد أيام ...
هي هنا تعبر لنا بالخبر الابتدائي عن أن أيام مضت ( فاتت) ، لكنها تضيف كلمة ( بعد ) التي تحمل شحنة إحساس من النوع الفعال .
إن هذه الأيام التي فاتت ليست اياما عادية اعتبادية فقد نكرتها البراعة تنكيرامقصودا نقلها إلى باب المعرفة فهي أيام محددة لم تشا الشاعرة ان تشرح لنا مأتى تميزها لديها ، لكن الشطر الثاني من التبريعة نم ووشى بما تكتمت عليه البراعة :
"يسعد الجاهم من كدام"
الأسلوب هنا أسلوب إنشائي ، لأنه يحمل صيغة يفهم منها التمني (يسعد) ، كما يستبطن نفسا بدويا ، كشفت عنه عبارة ( الجاهم من كدام ) ، إذ الراعي يأتي من قدام الماشية ليثنيها عن وجهتها التي تريد إلى الوجهة التي يريد هو ، وهذا نفسه ما تتمنى البراعة ؛ فهي تتمنى ان تعيد تلك الأيام المخصوصة ولو قسرا وفي ذلك ما فيه من عمق التعبير ودقة الإشارة ....
باختصار إنها تريد تغيير مجرى الزمن ، لأجل ايامها تلك
لقد طوت في هذه الكلمات السبع ما نشره الكثير من الشعراء في مطولات شعرية كثيرة...
إلى تبربعة اخرى
وقراءة جديدة