أطلق أكاديميون وباحثون أفرقة نداء لتحقيق “السلام بمنطقة الساحل، وأنحاء إفريقيا جميعِها والعالم”، وذلك في ختام ندوة دولية نظمها كرسي الآداب والفنون الإفريقية التابع للأكاديمية المغربية.
وتُلي “نداء الرباط”، الجمعة بالعاصمة الرباط، في إطار نقاش انطلق مع الندوة الدولية التي استقبلتها الأكاديمية مطلع مارس الماضي حول الشفاهة، والتي اهتمت بالتراث المنطوق في القارة الإفريقية، وحضرها أكاديميون وباحثون وأدباء من المغرب، موريتانيا، الجزائر، السينغال، مالي، بوركينا فاسو، الكاميرون، الغابون، كينيا، أفغانستان وفرنسا.
واستحضر النداء خلاصات الندوة حول الشفاهة، التي شيّدت بها الشعوب الإفريقية ممارسات سوسيو ثقافية ومؤسسات سياسية “مركّبة بشكل مثير للانتباه”، وكانت سبيلا إلى التضامن الاجتماعي والمجتمعي، بإرساء “قدسية للعلاقات العريقة بين الإثنيات، والجهات، والقرى، والفرق، والألقاب”.
واستحضر النداء نموذج أمّة الفولاني (Les peuls) الإفريقية، وتقاليدها العريقة مثل “سينانكونيا” الرابط المقدّس الذي يجمع مجموعتين مجتمعيّتين، ويمنع كل تعبير عن الكراهية أو العداوة بينهما، تحت إمرة لعنة الأسلاف والإله لمن يخالف الأمر، الذي يهمّ عدة إثنيات لها رابط بالفولاني، أكثرِ الإثنيات انتشارا بالقارة الإفريقية باعتبار دولِ حضورها.
“هذه الحكمة متعددة الأشكال” تحضر لدى “العديد من المجموعات الإفريقية الأخرى”، وهي “آلية رائعة تخيّلها الأسلاف منذ أزمان، ونجحت في تجنب صراعات ونزع فتيل أزمات بإرساء روابط متينة، مقدسة، بين الأمم الإفريقية”.
لكن “إفريقيّتنا اليوم مهدّدة بانفجارات بفعل النزاعات بين الأشقاء، وتجعل التعارض بين أمم تشارك نفس مجال العيش، ونفس التاريخ، ونفس القدَر” في مالي أو الكوت ديفوار، التي تهدد الصراعات الدينية بها موريتانيا والبينين والطوغو، وتسقط تشاد والكاميرون وإفريقيا الوسطى ونيجيريا والنيجر في الخوف من الآخر.
هذه المواجهات التي تتخذ الدين والجوار أو اللغة سياقا لها، تزيد “القلق والتفكك”، الذي كان قد أضعف شرق إفريقيا، في الوقت الذي تهز الصومال وكينيا والكونغو وإثيوبيا والسودان “حروب بين الإخوة”.
لهذا اجتمع المثقفون الأفارقة حضورُ الندوة الدولية بالعاصمة في “نداء الرباط” من أجل الدعوة إلى إعادة تشغيل “العبقرية الإفريقية” للجوء إلى آلياتها الذاتية العريقة للحؤول دونَ النزاعات وحلها.
وتابع النداء أن “المغرب منخرط بطريقة قوية ومستدامة في تقوية العلاقات البين- إفريقية، ومن أجل التعاون في مجال الأمن والتنمية متعددة الأبعاد”. ولهذا يُستدعى نموذجه لـ”انخراطه في إحلال السلام في النفوس بالقارة والعالم” لأن السلام “أولوية للأزمنة الراهنة” من أجل الانسجام العالمي؛ فـ”لا يوجد جمال ولا إشعاع ولا سعادة مستدامة دون اليدِ الممدودة للآخر، شبيهِنا”.