في إطار مواكبة موقع الفكر لمجريات الساحة الوطنية، وسعيا منا إلى إطلاع متابعينا الكرام على تفاصيل الأحداث، بتحليل متوازن، ونقاش متبصر، نلتقي اليوم مع إحدى القامات النسائية ممن خبرن دروب العمل التنموي والتنمية المحلية، نحاورها ونستجلي من خلالها ما وراء الخبر، في لقاء شامل يتناول واقع وآفاق العمل الجهوي، وأبرز معوقات ومشاكل العمل المحلي، بالنسبة لجهة نواكشوط ومثيلاتها، فأهلا وسهلا بضيفتنا الكريمة الرئيسة فاطمة بنت عبد المالك.
موقع الفكر: نود منكم أن تحدثوا المشاهد، والسامع، والقارئ – عن المجالس الجهوية من حيث الصلاحيات والمهام وعن علاقتكم بالبلديات والهيئات الحكومية ذات الاختصاص المشابه.
الرئيسة فاطمة بنت عبد المالك: بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على نبيه الكريم، أولا أشكركم على هذه المقابلة التي ستساهم في تنوير الرأي العام المحلي في العديد من الأمور التي تهم المواطنين.
المجالس الجهوية تم إنشاؤها بموجب القانون رقم 010/2018 بتاريخ 12 فبراير 2018 وحددت لها مهام وصلاحيات متشعبة سنحاول الإحاطة بها في المقابلة لذا سأحصرها في 8 مجالات، ولكن أدعوكم أنتم أيضا للاطلاع على هذا القانون حتى تحصلوا على معلومات أكثر، ويكون المواطن أيضا على علم برقم القانون كي يتمكن من الاطلاع عليه.
والمجالات الثمانية التي خصصت للمجالس الجهوية كي تنشط فيها هي:
التخطيط للاستصلاح الترابي للجهة/ الاستثمارات/البيئة وتسيير الموارد الطبيعية/السياحة/ التعليم، ومحو الأمية، والتكوين المهني/ الصحة، والعمل الاجتماعي/ الشباب والرياضة والترفيه/ الثقافة.
إذا هذا أجاب على الشق الأول من سؤالكم، أما بالنسبة للشق الثاني وهو علاقتنا بالبلديات، والهيئات ذات الصلة المشابهة.
أولا نحن والبلديات في نواكشوط – ربما في وقت لاحق أعود لخصوصية نواكشوط – نتقاطع في العديد من النقاط لأننا نعمل في فضاء واحد، ونستهدف فئات مشتركة من المجتمع, ومهامنا تستهدف أساسا المواطنين لكن لكل منا أسلوبه، ولديه حزمة من الصلاحيات حددت له ورسمت؛ كي يتمكن من الوصول للموطنين بطريقته التي حدد له القانون، وبالتالي فنحن نتقاطع معهم؛ لأن أهدافنا متشابهة وهي تنموية محلية كلها، ونستهدف فئة واحدة، ونعمل في فضاء واحد، وعلاقة التقاطع هذه تقع لنا أيضا مع البعض من القطاعات الأخرى؛ وهذه المجالات الثمانية التي ذكرت لكم هي مجالات تدخل بعض القطاعات الحكومية، وذلك هو ما نتقاطع فيه معهم؛ لأنه يبقى المواطن هو الوسيلة وهو الغاية، إذا هذا هو ما أردت قوله بشكل وجيز حول هذا الموضوع.
نحن والبلديات كلنا منتخب محليا وهذه من ميزاتنا – انتخبنا محليا من دون باقي المنتخبين – وبالتالي هناك تلاحم بيننا أو زمالة يمكن أن تربطنا كمنتخبين محليين أكثر من غيرنا.
أود الآن أن أعود إلى خصوصية نواكشوط لأقول أن نواكشوط من خصوصيته أنه ليس كالجهات الأخرى لأنه يقع على أرض ثلاث ولايات، ويسكنه قرابة ثلث سكان موريتانيا، وليس له ريف، فالجهات الأخرى كلهم تتبع لها مدينة أخرى،، أو مقاطعة، وهو عبارة فقط عن جهة تتبع لها مدينة، لكن مدينة متكاملة وبها العديد من التحديات المتراكمة، ككل التحديات التي يتعرض لها الوطن.
موقع الفكر: على ذكر التحديات، ما هي أبرز المشاكل التي تواجه عمل المنتخبين المحليين، وخاصة جهة نواكشوط؟ وهل تم حصرها أو لكم أولويات محددة؟
الرئيسة فاطمة بنت عبد المالك: المشكلة الكبيرة التي نواجهها الآن هي عدم تحويل الصلاحيات؛ لأن الصلاحيات يجب أن تتحول معها الوسائل، وهذا هو الذي لم يحدث منذ إنشاء الجهات في موريتانيا، تم إعداد ترسانة قانونية ربما لم تكتمل بعد، ولكن تم إقرار مرسوم لتحويل الصلاحيات ولم يتم تنفيذه حتى الآن.
إذا المشكلة الكبيرة التي نعاني منها في هذه الظرفية هي أن الجهات لم تحصل على صلاحيات، وأنه أيضا إلى حد الساعة لم يتم تخصيص الموارد التي يجب أن يتم تخصيصها لهم من خلال الميزانيات وهذه هي أكبر مشكلة نواجهها.
أعلم أيضا أن البلديات لم تحول لهم الصلاحيات أصلا، وبالنسبة للمجالس الجهوية على الأقل تم إنشاء مرسوم بتحويل الصلاحيات، أما البلديات منذ عشرات السنين لم يتم القيام بأي شيء بخصوصهم، راجين من الله أن يتم كل ذلك ويتكامل؛ لأن جهودنا هنا يجب أن تكون متكاملة، ونحن كلنا نعمل من أجل تنمية محلية، ولكل منا له دوره فيها ويجب أن نتعاون عليها كي تحقق.
موقع الفكر: هل هناك تعارض؟
الرئيسة فاطمة بنت عبد المالك: ليس هناك تعارض، فهي كلها مراسيم رسمها القانون، ويمكن أن أقول إن هذه القوانين تحدث فيها أحيانا ميوعة، لكن إذا كانت هناك جماعة متكاملة وتلتقي فيما بينها ومدركة أن هدفها الأسمى هو التنمية لن يكون بينهم تعارض.
ونحن هنا على مستوى نواكشوط لنا ميزة هي أننا دائما نلتقي كمنتخبين للجهة، ونلتقي مع البلديات، ونرجوا أن نعمل يدا بيد لأنه كما سبق أن قلت آنفا لنا نفس المواطنين، ونعمل في فضاء واحد، وتم انتخابنا محليا، وهدفنا الأسمى هو التنمية.
موقع الفكر: على ذكر تحويل الميزانيات والصلاحيات، نحن الآن نتحدث بعد مرور 50% من فترة انتدابكم على رأس المجلس الجهوي، فكيف تقيمون تجربة هذه المجالس؟ وماذا عن فعاليتها؟ وكفايتها في المساهمة في استدامة التنمية؟
الرئيسة فاطمة بنت عبد المالك: نحن حتى الآن لم يمر علي انتخابنا 50% من فترة الانتخاب، فنحن حتى الآن لم نمض إلا سنتين وشهرين، وعلى كل حال لا يمكن أن يكون هناك تقييم؛ لأن من ليست لديه ميزانيات ولا صلاحيات لا يمكن أن يقوم بتقييم لعمله، لكني متأكدة أنه رغم كل ذلك أننا أنجزنا بعض الأمور، ومتأكدة أيضا أن إنشاء المجالس الجهوية كان حلقة مهمة في تعزيز اللامركزية، ولكن يبقى من غير الممكن التحدث عن تقييم يمكن أن يقام به لهم في الوقت الحالي لأنه ليست لديهم صلاحيات ولا ميزانية رغم ما أنجزوه – ولو كان رمزيا – من الإنجازات على أرض الواقع.
موقع الفكر: ذكرتم تقاطعات بينكم مع البلديات، هل تؤثر هذه التقاطعات الحاصلة بينكم وبعض الجهات على تحقيق أهدافكم؟
الرئيسة فاطمة بنت عبد المالك: على كل حال بالنسبة للتقاطعات كلما كانت الجهات تلتقي وهناك انسجام فيما بينها وهدفها الأسمى هو التنمية، وكان شعورها أنها ليست في تنافس سلبي، فلن يكون هناك ما يعيقها عن الوصول لأهدافها – والأهداف مرسومة – وكلنا يرسم أهدافه ويعلم مجالات تدخله، وله طريقته في الوصول إلى ذلك، فنحن كلنا نود تحقيق التنمية المحلية، ولكن فقط لكل منا طريقته للصول إلى ذلك، إذا لا أظن أنه سيكون هناك تعارض بينهم أو أي شيء يؤثر على الوصول للأهداف، هذا فيما يخص الجهة والبلدية كمنتخبين محليين؛ لأن هدفنا واحد، ولا أظن أيضا أن الميوعة في النصوص، أو التقاطع في بعض الصلاحيات – ولو لم يكن كثيرا – أنه سيؤثر على أهدافنا ما دام الإطار القانوني يخول لكلينا أن ينتدب الآخر، أو يتنازل له عن بعض الأعمال كان المفترض أن تقوم بها الجهة الأخرى، وبالتالي أرى أنه كلما كانت الجهات تلتقي وهناك نوع من التعاطي وقدر كبير من التشاور سيصلون لأهدافهم كلها سواء الجهة أو البلدية.
موقع الفكر: ما أهم المشاريع أو الأهداف الكبيرة التي تريد فاطمة بنت عبد المالك إذا تم انتخابها مرة أخرى أو لم يتم ذلك تبقى ذكرا لها؟
الرئيسة فاطمة بنت عبد المالك: هذه المدينة للأسف مدينة من رآها يقول بأنها لا أهل لها، لأن فيها قدرا كبيرا من الفوضوية ووجهها الحضري لا يشبه المدن، وهناك فوضوية حتى في حركة المرور بغض النظر عن الخدمات الأخرى التي يجب تقديمها للمواطنين، ونحن نطمح إلى أن نغير من وجه هذه المدينة ليكون لها وجه حضري لائق، وأن نقوم بتقديم خدمات في كل ما يحتاجه المواطنون أو لهم رغبة فيه، وبدأنا في العديد من المجالات التي نعتبرها أولوية ولو كانت رمزية شيئا ما، نتيجة لشح الوسائل ونتيجة لما سبق أن قلت لكم آنفا.
بدأنا أولا بتنميق الساحات والدوارات التي في المدينة، نضع فيها ما يرمز للتراث، إذ أننا نتحين ونرصد الفرصة من أجل استرجاع تاريخ المدينة كالمسميات السابقة والمعالم كي نتمكن من تكميل هذا بأمور أخرى؛ لنحسن من وجه المدينة وأن تكون كالعواصم، وهذا سيؤدي بنا إلى الحديث عن خدمات نقوم بها، وهي فرصة لنشيد بدور شركاء التنمية اللذين ساعدونا حتى قمنا بتلك الإنجازات التي كان المواطنون بحاجة إليها كشبكات المياه في الأحياء النائية، التي نشكر عليها مدينة "لوزان" التي كانت شريكا لنا في إنشاء تلك الشبكات، ونشكر الاتحاد الأوروبي الذي ساعدنا في مشروع الإنارة والطاقة النظيفة .. الخ
هذا زيادة على بعض الأمور التي قمنا بها في مجال الثقافة، ومجال التعاون بشكل عام، كما نطمح لتغيير وجه المدينة الحضري وأن تكون كغيرها من المدن، يشعر الناس فيها بالراحة والاطمئنان، وأن تكون بها أماكن للاستجمام والراحة، وأن توجد بها مناظر جميلة، وأن يكون مناخها جيدا، وأن تكون تشبه المدن بعبارة واحدة.
موقع الفكر: لماذا ليس هناك عمل أكثر سرعة لتحسين واجهة المدينة؟ كأن تقولوا للمواطنين ما تخططون لإنجازه في الساحات العمومية؟
الرئيسة فاطمة بنت عبد المالك: هي فعلا مسئولة عنه، ولا تنسى أن الصلاحيات لم تتحول بعد وسبق أن قلتها لكم آنفا، فتم إنشاء المرسوم إلا أن الصلاحيات لم تتحول بعد.
موقع الفكر: كيف تتدخلون في الكهرباء في هذه الحالة؟
الرئيسة فاطمة بنت عبد المالك: نحن الآن لا نقوم بمشاريع في الكهرباء وإنما في الطاقة النظيفة، كأن نضع أعمدة الطاقة الشمسية في بعض المناطق، كما نحاول أن يكون كل مركز "central" في المنطقة ترتبط به 20 أو 30 أسرة، لكن أعمدة الطاقة الشمسية هي ما نقوم به حاليا، فلا يوجد تناقض.
موقع الفكر: حتى يفهم المواطن هل أنتم جهة ربط بين شركة الكهرباء وبين المتبرعين؟
الرئيسة فاطمة بنت عبد المالك: ما أنجز من الأعمدة تم إنجازه على أساس التعاطي مع المواطنين، كأن يطلبوا مني المساعدة في قضية ما، مثلا أن لديهم قضية أمنية مطروحة بسبب الظلام أو ما شابه ذلك، فأقول لهم إنه لا يمكنني أن أنير كل المناطق، لكن لدي أعمدة وستقومون أنتم في لجنة حيكم بتحديد الأماكن الأكثر تضررا وسنقوم بوضع أعمدة الطاقة الشمسية، وفعلوها؛ فنحن الآن لدينا 5 أحياء نصبنا فيها ما يقارب 150 عمودا من الطاقة الشمسية، والسكان هم من حدد أماكن الأعمدة عبر إنشاء لجان في كل حي، وقد تم ترقيم الأعمدة، وللجنة الحي دفتر يحمل أرقام جميع الأعمدة، وكلما تعطل عمود يتم تبليغنا عنه فتتدخل المصلحة المعنية بالصيانة "la maintenance".
موقع الفكر: بخصوص تحسين واجهة مدينة نواكشوط، كنتم ستقومون بإنشاء ساحات خضراء، وببعض المشاريع السياحية، والثقافية، وكورنيش على شاطئ البحر؟
الرئيسة فاطمة بنت عبد المالك: أؤكد لك أننا نطمح لكل هذا، وأننا على هذا الأساس أعددنا برنامج تنمية جهوية؛ برنامج متكامل ومنطقي "réaliste" و"realizable" في نفس الوقت، ويتمحور أساسا حول أربعة محاور:
المحور الأول: هو تعزيز نفاذ المواطنين العادل إلى الخدمات.
المحور الثاني: تطوير الأنشطة الاقتصادية المتنوعة.
المحور الثالث: ترقية الحكامة الرشيدة.
المحور الرابع: تعزيز القدرات على التكيف مع المناخ، لأنه كما أسلفت القول إنها مدينة شاطئية، تواجهها عدة تحديات مناخية.
وهذا سيدفعنا للحديث عن برنامج التنمية الجهوية هذا، الذي تم إعداده بالتشاور مع البلديات؛ لأنه يجب أن يكون منسجما مع كل ما سيقومون به، وأن يأخذ بعين الاعتبار طموحاتهم، لأننا كلنا نعمل في نفس الفضاء ونستهدف شعبا واحدا، ولو كان لكل منا استقلاله المادي والإداري إلا أن هدفنا في النهاية هو خدمة السكان وإقامة تنمية محلية؛ هذا البرنامج الطموح يتضمن عددا من الإنجازات التي يجب أن يتم القيام بها كالساحات الخضراء، والدوارات، والخدمات التي سنقدم للمواطنين، كما نطمح لتنميق شاطئنا المهم والمهمل، وأن نقوم فيه بإنجازات تتماشى مع طموحاتنا وفي الوقت ذاته تحصن المدينة من شبح المد البحري الذي يهددها، وأن تكون هناك أنشطة سياحية لا تتناقض مع أمن الشاطئ، وأن تكون قابلة للتطور، كما في كل المدن التي تحمل مفهوم المدينة الحضرية، إذا هذه الأمور هي ما أردت قولها بعجالة، ويمكن لأي كان الاطلاع على برنامج التنمية الجهوية المكتمل، والذي انطلق من العديد من المراجع، كالسياسات الوطنية "la scape" الخ.. ومستلهما من كل تلك المراجع والتحريات التي قيم بها في ميدان تطلعات المواطنين ومشاكلهم المطروحة، وطموحاتهم.
موقع الفكر: هل يعتبر النشاط الثقافي جزء أصيل من عملكم؟ وأين هو العمل على تثمين التراث؟
الرئيسة فاطمة بنت عبد المالك: الثقافة كما سبق أن قلت من المجالات التي خصصت للجهات كي تنشط فيها، وأنا أعتبرها من ثوابت جهة نواكشوط لذا فمن أهدافنا تمييز محور الثقافة بكل ما أمكن، ولو أن هناك قطاعا مكلفا بالثقافة إلا أن جهودنا مكملة لكل ما سيقام به، وفي هذا الإطار لدينا مرصد ونقوم بإنشاء قاعدة بيانات “base de données” تكون فيها معلومات عن تاريخ نواكشوط، ومعالمه السابقة، ونرى ما يمكننا القيام به من أجل تحسين وجه المدينة، وبالطبع لن يحدث هذا إلا بالتنسيق، ومشاركة كل الفئات والهيئات التي لها صلة بالثقافة ودور فيها، وهذا هو الذي سينهض بالثقافة على مستوى المدينة وهي بحاجة إليه، ونحن مهتمون به لأننا نعتبره من الثوابت.
موقع الفكر: ما هي مصادر تمويل المجالس الجهوية؟ وهل تعانون من عجز بسبب تراكم المديونية؟
الرئيسة فاطمة بنت عبد المالك: أود هنا أن أذكركم أن الجهة ليست هي المجموعة الحضرية، لأن المجموعة الحضرية فضاء للتنسيق بين البلديات، والجهة هيئة أخرى، ودرجة من اللامركزية، وبالتالي لها بعض الصلاحيات والمجالات التي تتدخل فيها لم تكن موجودة لدى المجموعة الحضرية، وعلى هذا الأساس ورثنا ممتلكاتها ومنها هذا المقر، وورثنا عمالها، والقانون يقول إننا نرث كل شيء حتى "مصادرها " وهذا الذي لم يحدث بعد.
فمصادرنا يجب أن تكون ناتجة عن تحويلات في إطار تحويل الصلاحيات، وبتحويل الصلاحيات يتم تحويل الموارد المترتبة عليها، وهناك مخصصات تخصصها لنا الدولة وهو الذي ذكرت آنفا أنه لم يحدث في هاتين السنتين، وهناك خدمات معوضة، على الجهة أن تقدمها "les services rémunérés" وتكون مداخيلا للجهة، وهناك التعاون مع الشركاء، فنحن لا نأخذ الضرائب لأن ذلك ليس من اختصاصنا، إذا هذه هي مصدر موارد الجهة بشكل وجيز، وهي: إعانات الدولة، ودعم الشركاء، وعوائد الخدمات المعوضة.
فنحن لا نأخذ الضرائب إلا ما كان إتاوة عن الخدمة المعوضة، أما الرسوم كـ"les taxes" و"les impôts" فليس من حقنا أخذه، وقد تم تحويله للبلديات بعد إلغاء المجموعة الحضرية، لأن المجموعة الحضرية في الأصل قامت على بعض الصلاحيات المنزوعة من البلديات، والآن عادت كل تلك الصلاحيات للبلديات كـ"les impôts fonciers"، والبتانة، والضريبة العقارية، والنظافة الآن عند شركة خصوصية تعاقدت معها الدولة ، وهو قرار قامت به الدولة بعد تقديرها أن ذلك هو ما يجب القيام به. وليست من اختصاصنا، فالنظافة للبلديات بنص القانون
ونحن تربطنا مع البلديات علاقات زمالة ونتقاطع في العديد من النقاط؛ لأننا منتخبون محليون كما سبق أن قلت لكم، ولو أننا لكل منا استقلاليته المالية والإدارية نبقى متقاطعين في العديد من المسائل، وأنا قناعتي أن النظافة يجب أن تكون عند البلديات لأنها من صلاحياتها، ويجب أن تتاح لعمد البلديات الفرصة لتعلم جدارتهم بهذه المهمة من عدمها.
موقع الفكر: هل تراكمت عليكم الديون في هذه الفترة؟
الرئيسة فاطمة بنت عبد المالك: لا، نحن ليست لدينا أية ديون، هناك فقط موروث قليل من المجموعة الحضرية.
موقع الفكر: هل هناك صلاحيات تتبع لكم، و تحتفظ بها بعض الجهات الحكومية ، و تطالب بها بعض البلديات ؟
الرئيسة فاطمة بنت عبد المالك: كما قلت لك سابقا الصلاحيات لم يتم تحويلها بعد، لذا الحكومة ما زلت تضع يدها على الكثير من الصلاحيات، وهذا ما يعني عدم تحويل الصلاحيات، وهو ما نعاني منه نحن كجهة، وتعاني منه أيضا البلديات، ونحن تجاوزنا مرحلة لأنه أنشئ لنا مرسوم يعنى بتحويل الصلاحيات، وتم البدء به ليتم بصفة تدريجية، وهو الأمر الذي لم تتجاوزه البلدية.
ولا أرى أن هنالك ما يحرجنا أو يحرج البلديات لأنه كما قلت سابقا فنحن نعمل يدا بيد، وهدفنا الأسمى هو إقامة تنمية محلية، وبالتالي أرى أنه يجب أن يكون هناك تعاون فيما بيننا، وأن نلتقي بخصوصه، ونتشاور فيه، وكما قلت أيضا فإن الإطار القانوني يخول لكل منا أن ينتدب الآخر و أن يكلفه بالقيام بعمل ما نيابة عنه وهو أمر عادي.
موقع الفكر: رأينا سابقا بلدية عرفات تقوم ببناء منتزه "park" في ساحة عمومية فقامت السلطات بتحطيم ما تم بناؤه، فهل هذا تعارض بين السلطات المحلية والبلدية؟
الرئيسة فاطمة بنت عبد المالك: هذا من المشاكل المطروحة والمتعلقة باللامركزية، والناس متفاوتة في طريقة التعاطي معها، فهناك من هم غير مصدقين بها، وهناك من هم غير راضين بها، وهناك من يرفضونها، وهناك من يقبلون بها ويعلمون أن التنمية لن تكون إلا من خلال اللامركزية.
والساحات إنما يتم استغلالها من طرف البلدية، لكن استغلال الساحات يخضع لبعض الإجراءات التي يجب القيام بها، ولا يجوز تجاوزها؛ و من تجازوها يكون عرضة لأن يحصل له أمر مشابه، وبالتالي يجب أن يتم احترام الإجراءات القانونية، وفي النهاية هذه مهام البلدية وهي من يجب أن تقوم بها.
موقع الفكر: يعاني طلاب المرحلة الثانوية من مشاكل كبيرة متمثلة في ارتفاع رسوم الدراسة، وتكاليف النقل، فلماذا لا تكون للجهة أيادي بيضاء ودور في دعم التعليم وفتح فصول لصالح الطلاب الفقراء المتميزين حتى لا يحول بينهم الجهد والفقر مع إكمال دراستهم ومن الحصول على الشهادة.
الرئيسة فاطمة بنت عبد المالك: التعليم بشكل عام لديه العديد من المشاكل، وهناك إصلاحات يتم القيام بها في إطار التعليم، أما بالنسبة لنا نحن فالتعليم الثانوي بشكل خاص، والتكوين المهني من المجالات الثمانية التي سبق أن أخبرتكم بها، ومعنى هذا أننا مهتمون به.
والتعليم معضلة كبيرة لأنه لا بد من نفس طويل لمعرفة نتيجة العمل المقام به في إطار إصلاحه، ولا تكفيه سنة واحدة، وفعلا عانى بسبب العديد من التراكمات عبر السنين التي لم تراع فيها الكثير من الأمور، وتلك الأسباب هي التي أوصلتنا لهذه النتيجة.
ونحن على مستوى الجهة أعددنا دراسة بالتعاون مع شركائنا، وقمنا بجرد لكل ما لدينا من المؤسسات الثانوية بل لكل المؤسسات التعليمية على مستوى نواكشوط، كي نقف على الثغرات التي تعاني منها حتى يتم دمجها في الدراسة، وأقول لكم إن المدارس التي تتوفر فيها المعايير قليلة جدا، بل يمكن القول إنها معدومة.
وهذا يدخل في برنامج التنمية الجهوية الذي حدثتكم عنه، وسنقوم كل مرة باختيار ثانوية أو إعدادية ونخضعها لبعض الإصلاحات والصيانة، حتى تتوفر فيها جميع المعايير، مثل الحائط، والتشجير، وقاعة للمطالعة، وشبكة الانترنت، دورات المياه، الماء، الكهرباء، فتكون لدينا مدرسة تحقق أغلب المعايير، حتى يمكن أن نطلق عليها اسم مدرسة، وهذا طبعا لن يكون إلا بالتعاون والتنسيق مع القطاع المسؤول.
زيادة على هذا سبق أن أنشأنا منصة مهمة للتعليم عن بعد نتيجة لظروف انتشار كوفيد 19 ورتبنا لها بعض اللوازم كخط سريع من الانترنت، وانتقينا لها أساتذة نرى أنهم من خيرة الأساتذة، وقمنا باشتراك في تطبيق "زووم" يمكننا من تدريس 1000 تلميذ في وقت واحد، - ولو أن المشاركات تجاوزت 3000 تلميذ، واستهدفنا بالأساس التلاميذ المشاركين في امتحان شهادة الباكالوريا، وأنا سعيدة جدا؛ لأن نسبة النجاح فيها كانت كبيرة، ولأن بعض رواد المنصة كانوا من الأوائل على مستوى شعبهم.
موقع الفكر: هل هذه المنصة خاصة بجهة نواكشوط أم يمكن أن يشارك فيها من كان في جهة أخرى؟
الرئيسة فاطمة بنت عبد المالك: كان من المفترض ألا يشارك إلا من كان في نواكشوط، ونحن أساسا كنا نستهدف المدارس النظامية، فلم تكن المؤسسات الخصوصية من بين المؤسسات المسموح لها بالمشاركة، إلا أنه في مرحلة ما رأينا أن الآخرين اهتموا به وفتحنا لهم باب المشاركة، وصار بعضهم من أجل أن يقوم بالتسجيل يدخل معلومات غير صحيحة عن مؤسسته لأنه كان شرطا في التسجيل أن تكون المؤسسات التي تدرس فيها من بين المؤسسات التي في القائمة، ولهذا السبب لم نتمكن من إقصاء المؤسسات الأخرى وفتحنا باب المشاركة لكل من يمكن أن يستفيد من هذه المنصة، وعلى كل حال كانت نتيجة هذه المنصة جيدة، ونطمح في المرحلة القادمة أن نعممها حتى يستفيد منها الطلاب المترشحون لشهادة ختم الدروس الإعدادية.
موقع الفكر: هل المنصة الآن مفتوحة أم مغلقة؟
الرئيسة فاطمة بنت عبد المالك: المنصة الآن مغلقة، لأن السنة انتهت وسيتم فتحها مع بداية السنة الدراسية الجديدة، وهي عبارة عن دروس تقوية عن بعد.
موقع الفكر: هل ستستفيدون من الدروس التي تم تسجيلها في الماضي، أم أن نظام الدروس فيها مباشرة؟
الرئيسة فاطمة بنت عبد المالك: هو مباشر، ولكن كل المشاركين يتم تقسيمهم على مجموعات في الواتس آب، ويتم التقاط الدرس وإرساله إليهم حتى يقوموا بمراجعته، إذا فالدروس تبقى موجودة عندهم، وهي ليست إلا مراجعة لذا لا بد من أن نتأكد أنهم تجاوزوا دروسا حتى يكون عندهم ما يمكن مراجعته، ويتم تقوية قدراتهم من خلال ذلك، وهذا هو ما يخص المدارس.
موقع الفكر: إذا برنامجكم السنة الماضية سيستمر هذه السنة ومن الوارد أن يتوسع حتى يشمل التلاميذ المترشحين لمسابقة ختم الدروس الإعدادية؟، وهل سيشمل التلاميذ المترشحين لمسابقة ختم الدروس الابتدائية، وهل ستقومون بزيادة نطاق المشاركة؟
الرئيسة فاطمة بنت عبد المالك: صحيح إن شاء الله، لا "كونكور" لسنا معنيين به، فنحن معنيون فقط بالتعليم الثانوي، السعة لا تمكن زيادتها لأنها أكبر سعة ممكنة، ولكن سنوزع المشاركين على عدة مجموعة كل مجموعة فيها 1000 تلميذ، لكنهم سيخضعون لنفس البرنامج التربوي، وعلى كل حال هناك اهتمام قوي
أولا: بأن تكون المدارس متوفرة على جميع المعايير، وأن يكون في كل مدرسة حارس، ومسورة تغلق أبوابها عند الاقتضاء، لا أن تكون مرتعا للحيوانات، ولا أن تسكن فيها مجموعة لا علاقة لها بها، وهذه الأمور مطروحة،
ثانيا أن تكون هناك دروس تقوية للطلاب تزيد من قدراتهم، زيادة على الدعم الآخر الذي نقوم به من تعقيم المدارس، ونظافتها، وأمور أخرى بدأنا فيها تزامنا مع كوفيد19، بالإضافة إلى تسليم بعض التجهيزات للمؤسسات التعليمية، فقد سلمنا لكل ثانوية وإعدادية جهازين من أجهزة قياس الحرارة، وبعض أجهزة التعقيم كي نساهم في تحصينهم هذا الوباء الذي نسأل الله أن يحفظنا منه، إذا المدارس مصدر اهتمام بالنسبة لنا.
موقع الفكر: بوصفك إدارية قديمة عملت في الوزارة، وعملت عمدة ل20 سنة، وعملت مع عدة أنظمة، ما هي تجربتك في الإجراءات التي قمت بها من أجل الشفافية وحسن التسيير؟
الرئيسة فاطمة بنت عبد المالك: أول الشفافية أن يتم احترام ما نصت عليه القوانين في مجال التسيير، وأن لا يتم كتم أي شيء، وأن تنشر الإعلانات على موقع الجهة، وفي جريدة الشعب، وأن يتم نشرها أيضا في المواقع الأخرى التي من المعهود أن يطلع الناس عليها كي تكون مفتوحة أمام جميع الناس.
وهنا لدينا لجنتين؛ لجنة للمشتريات، ولجنة للصفقات ولكل منهما مسطرة يجب أن تحترم، ومن الواجب أن يتم إعلام الناس بأي شيء ستقوم به الجهة، وأنا أظن أن من قام باحترام النصوص المنظمة، وكذا الشفافية في الإعلانات يكون قد أدى عمله بشكل جيد.
موقع الفكر: بوصفك رئيسة لهذه اللجان هل تقومين بالتحقق من أنهم قاموا بعملهم كما يجب؟
الرئيسة فاطمة بنت عبد المالك: المسطرة القانونية قسمين؛ قسم تقوم به اللجان على مستواها، وقسم لا بد من أن أتدخل فيه، وهما مرتبطان، فالقسم الذي أتدخل فيه يجب أن يخضع لإجراءات تسبق ذلك، وعندما يصل إلي من مسؤوليتي أتأكد أنه خاضع لتلك المسطرة.
موقع الفكر: ما هو تقييمكم لتعاطي السلطات المحلية في موريتانيا معكم؟ وهل أنتم تحت إشراف الدولة؟
الرئيسة فاطمة بنت عبد المالك: نحن تحت وصاية وزير الداخلية، واجتماعاتنا يحضرها الوالي، والمراسلات توجه لوزير الداخلية، فالقانون حدد جهة الوصاية في وزارة الداخلية، وممثل الدولة وزير الداخلية ويمكن أن يفوض من يرى لحضور اجتماعات الجهة، وعادة أقرب الحلقات هو الوالي، وللرد على سؤالكم، أولا الصلاحيات حددها القانون، ولكن تحويلها وتحويل الموارد التابعة لها هو الذي لم يحدث حتى اللحظة.
ونحن في لقاء سابق مع رئيس الجمهورية، قال بصفة صريحة وكان أمينا في قوله أنه على قناعة أن التنمية لن تكون إلا من خلال اللامركزية، هذا قول الأكبر في هرم السلطة لكن من هم دونه- كما أسلفت القول- يتفاوتون في هذه القناعات، فمنهم من هو مؤمن باللامركزية ويود أن يقوم بكل ما يستطيع في إطار تحويل الصلاحيات والموارد، ومنهم من يحاول عرقلة اللامركزية ويرى أنها يجب أن لا تحدث لأنها ليست من قناعته، وهذه المرحلة مرت بها كل الدول وفي مرحلة ما سيتلاشى وسيقتنع الجميع أن التنمية لن تكون إلا من خلال اللامركزية، لأن القطاعات الوزارية يجب أن تنشغل في رسم السياسات الوطنية، وما كان محليا أو جهويا له أناس منتخبون للقيام به، ويجب أن يمكنوا منه كي يقومون بعملهم، وهذا في إطار المصلحة العامة التي نشترك فيها.
بالتالي فالناس متفاوتون في تحديد اللامركزية والقناعة بها، لكن أكبر هرم في السلطة مؤمن بها بالتالي نرجو أن ينطبق ذلك على الجميع، وهذا هو ما أردت قوله بشكل وجيز في شأن اللامركزية.
موقع الفكر: لو التقيت اليوم برئيس الجمهورية أو أردت أن توجهي كلمة للمواطنين حول وضع الجهة، أو السلطات الإدارية، أو شركاء التنمية، ما هي الكلمة التي ستوجهينها لهم؟
الرئيسة فاطمة بنت عبد المالك: أول ما أريد قوله هو أني أرجوا من الله أن يرفع عنا هذا الوباء الذي ساهم بشكل كبير في هذا الركود الحاصل في الاقتصاد على المستوى العالمي ككل، وأن يزادا الوعي بأهمية وضرورة اللامركزية، وأن تتعزز القناعة بها، وأن يتم تحويل الصلاحيات وتحويل الموارد كي نتمكن من تحقيق ما يطمح له المواطن، لأن المواطن اليوم يحتاج لتقديم العديد من الخدمات ونحن عاجزون عن تقديمها لأننا لا نمتلك الوسائل، ورغم ذلك فلن نستسلم، وقد مددنا اليد للشركاء، فواكبنا البعض منهم حتى اليوم.
نحن الآن نقوم بالتحضير للقيام بحملة لزراعة حضرية على مستوى جهة نواكشوط، كي ندمج فيها عددا من الشباب العاطلين عن العمل من جهة، ونغذي بها السوق الذي نعتبر أنه ليس من السيادة أنه بمجرد إغلاق الحدود نصبح أمام عجز حقيقي في الخضروات، فهذا المشروع سيكون ضربا لعصفورين بحجر واحد، وهو بالمناسبة جزء من برنامجنا وجزء كذلك من برنامج التنمية وتم الترتيب لهذه الحملة، وأرجو أن يتحقق ذلك.
الشركاء فقط نقوم ببيان العديد من الأمور لهم، وهم أساسا كلما رأوا جدية، وكان المشروع أو المادة التي ستقدم لهم مقنعة يشاركون معك فيها، وهذا ما نجحنا فيه والحمد لله.
فلدينا الآن ثلاثة مشاريع حصلوا على قدر كبير من التمويلات، ونرجو من الله أن يأتوا أكلهم وأن تستفيد منهم ساكنة نواكشوط.
موقع الفكر: هل لك كلمة أخيرة موجهة للسلطة أو الوزراء؟
الرئيسة فاطمة بنت عبد المالك: ليس من كلمة أخيرة إلا كما قلت سابقا؛ أرجو أن يؤمن باللامركزية اللذين لم يكونوا يؤمنون بها، وأن يتم تحويل الصلاحيات والموارد التابعة لها بصفة سلسة، كي نتمكن من تقديم خدمات للمواطنين في أماكنهم؛ لأننا نحن حلقة أقرب للمواطن منهم، ومشاكل المواطن تمر بنا لا بهم.
وبالتالي يلزم أن نفهم أننا مشتركون في الهموم، وأن كل هذا من مصلحة بلدنا ووطنا وشعبنا.
موقع الفكر: جزاكم الله خيرا، نحن سعداء بهذا اللقاء.
الرئيسة فاطمة بنت عبد المالك: شكرا جزيلا، حفظكم الله.