في الفناء الضيق لمنزل لا يتوفر على الماء الجاري، قررت القيام بتجربة زراعية تواضعا لله سبحانه وتعالى وتشجيعا للمحيط الضيق على نبذ بعض العقليات وإسهاما في مجهود أعتبره مصيريا بالنسبة لكرامة المجتمع الموريتاني. وترشيدا للماء (شريان الحياة)، حاولت إعادة تدوير بعض المياه المستعملة ومحاكاة تقنية "التقطير".
كانت البداية صعبة نسبيا: تهكم من حولي لثنيي عن نشاط "غير لائق" حسب رأي البعض وعدم تفهم لإصراري على سقاية النباتات بنفسي وفوق هذا وذاك، محدودية التجربة الميدانية.
لقد اخترت ثلاث شجيرات (موز، مانجو، برتقال)، كما استنبتت الفاصوليا والطماطم والجزر والفراولة والبطيخ والنعناع على مساحات صغيرة جدا، وأضفت نبتة "جيرانيوم" واحدة.
تابعت التجربة كمتعلم يحاول فهم دينامية نمو كل نبتة على حدة وحاجتها إلى الماء وتأثير الحرارة والضوء (الطقس) على هذا النمو.
وفور ظهور وريقات خجولة بأحجام وأشكال مختلفة على سيقان هزيلة، لاحظت تواجدا تدريجيا لبعض الحشرات -من ضمنها فراشات- وعصافير، كما تفاجأت يوما بزيارة زوج من الحمام في مهمة استطلاعية لم تدم سوى الوقت الكافي لالتقاط صورة تذكارية يتيمة. وشكلت هذه "البيئة" مجتمعة ضغطا على "الزاوية الخضراء" وهددت بعض نباتاتها المحدودة أصلا بالاختفاء، إلا أن الأعشاب العشوائية ساعدت في امتصاص الضغط المذكور.
بعد جهد وعلاج يوميين، تغلبت بعض النباتات المذكورة على الجاذبية الأرضية، فارتفعت أغصانها عموديا وأينعت أوراقها ولم تلبث أن أزهر بعضها وأثمر، في حركة بطيئة وبديعة تستحق "التفكر". بعد ثلاثة أشهر تقريبا، بدأ تدريجيا موسم الحصاد ومعه حملة إقناع المحيط الضيق (بالأدلة المادية هذه المرة) بجدوائية التجربة (انظر الصور المرفقة، الطماطم تم قطفها في هذا اليوم المبارك من هذا الشهر العظيم).
رمضان كريم!